بسم الله الرحمن الرحيم
سلامٌ من الله عليكم أعزاءنا ورحمة منه وبركات، معكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نخصصها للتدبر في طائفة من النصوص الشريفة التي تحث المؤمنين على التخلق بأحد الأخلاق الكريمة التي يحبها الله عزوجل وهو خلق (إطعام الطعام).
كما لاحظنا في حلقة سابقة حيث قرأنا بعض هذه النصوص المصرحة بحب الله عزوجل للمتخلقين بهذا الخلق من أخلاقه الكريمة.
ونجد في نصوص أخرى تصريحات بأنه من علامات صدق الإيمان، فقد روي في كتاب المحاسن عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- أنه قال: "الإيمان حسن الخلق وإطعام الطعام".
والتحلي بخلق حب إطعام الطعام هو –مستمعينا الأفاضل- من السبل التي جعلها الله تبارك وتعالى وسيلة للفوز بالجنة، وهذا ما نستفيده مما روي في الكافي عن معمّر بن خلاد قال:
(كان ابوالحسن الرضا –عليه السلام- إذا أكل أوتي بصحفة فتوضع قرب مائدته فيعمد الى أطيب الطعام مما يؤتى به، فيأخذ من كل شيء شيئا، فيوضع في تلك الصحفة ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو "فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ{۱۱} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ{۱۲} فَكُّ رَقَبَةٍ{۱۳} أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ{۱٤}"(سورة البلد ۱٤-۱۱)
ثم يقول:
علم الله عزوجل أن ليس كل إنسان يقدر على عتق رقبة، فجعل له سبيلاً الى الجنة بأطعام الطعام.
أيها الأكارم، ونتعلم من الأحاديث الشريفة أن إستحباب التحلي بخلق إطعام الطعام لا ينحصر مصداقه بتقديمه للمساكين والمحتاجين، بل هو عام يشمل الجميع أغنياء وفقراء، ففي كتاب المحاسن عن إمامنا الصادق –عليه السلام- قال: "ما من مؤمن يطعم مؤمناً موسراً كان أو معسراً إلا كان له بذلك {أجر} عتق رقبة من ولد إسماعيل"
ولنتدبر معاً أيها الأخوة والأخوات في الحديث التالي المروي في كتابي المحاسن للبرقي والكافي للكليني مسنداً عن حسين بن نعيم قال:
قال لي أبو عبدالله الصادق –عليه السلام-: أتحب إخوانك يا حسين؟ {يعني الأخوان في الإيمان} قلت: نعم، قال: تنفع فقراءهم؟ قلت : نعم، قال:
أما أنه يحق عليك أن تحب من يحب الله أما والله لا تنفع منهم أحداً حتى تحبه
قال حسين بن نعيم: ثم قال لي:
أتدعوهم الى منزلك؟ قلت: ما آكل إلا ومعي منهم الرجلان أو الثلاثة وأقل وأكثر، فقال أبو عبدالله –عليه السلام-:
"فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم"
فقلت: أدعوهم الى منزلي وأطعمهم طعامي وأسقيهم، ويكونون عليّ أفضل منا؟! فقال –عليه السلام-:
"نعم إنهم إذا دخلوا منزلك دخلوا من الله بالرزق الكثير لك ولعيالك، وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك."
أيها الأخوة والأخوات والأحاديث الشريفة في الحث على التحلي بهذا الخلق كثيرة تبين عظمة ثوابه الأخروي وجميل آثاره وبركاته في الدنيا في توسعة الرزق وتأكيد المحبة بين الناس.
ولكن وقت هذا اللقاء من برنامج معالي الأخلاق قد إنتهى، ولم يبق إلا أن نودعكم بأجمل توديع وهو: في أمان الله.