لا زلنا نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموظفة قراءته بعد زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع يتوسل بالله تعالى ان يحبب الى قارئ الدعاء طاعة الله تعالى ثم يقول (وتجنبني التقصير في صلواتي والاستهانة بها والتراخي عنها).
ان هذا المقطع خاص بالصلاة وآدابها لذلك يحسن بنا ان نقف عنده ونتبينه بدقة نظراً لاهمية الصلاة ولكونها عموداً لمبادئ الطاعة.
الملاحظ في هذا المقطع الخاص بالصلاة انه يتضمن جملة من الاداب المتنوعة ذكرها الدعاء بالنحو الذي لاحظنا قسماً منها ونحدثك عن اقسامه الاخرى في لقاءات لاحقة انشاء الله تعالى، الدعاء يتوسل بالله تعالى ان يجنب قارئ الدعاء التقصير والاستهانة والتراخي بالنسبة الى الصلاة والسؤال المهم هو ماذا تعني هذه المستويات الثلاثة من المحذورات وهي التقصير والاستهانة والتراخي وبكلمة اكثر وضوحاً ما هو الفارق بين التقصير والاستهانة والتراخي؟ هذا ما يتطلب شيئاً من التفصيل.
التقصير هو عدم اداء الصلاة بالنحو المطلوب وهو ظاهرة عامة تندرج تحتها اشكال متنوعة من عدم اداء الصلاة بنحوها الكامل لذلك اردف الدعاء ظواهر فرعية للموضوع واولها هي ظاهرة الاستهانة والسؤال هو ما المقصود من الاستهانة في الصلاة؟
الاستهانة هي عدم اعطاء الموضوع ما يستحق من الاهمية أي التقليل من قيمته وعدم اكسابه التقدير المطلوب وتتمثل الاستهانة في موضوعات شتى منها السرعة في ادائها وليس الاسراع لان الاسراع اليها في اول وقتها مطلوب ولكن السرعة او العجلة في الاداء هي السمة السلبية التي حذرنا الدعاء منها عندما توسل بالله تعالى بالا يجعل قارئ الدعاء مستهيناً بصلاته، كذلك من مصاديق الاستهانة هو عدم اقترانها بالخشوع او التواصل مع الله تعالى كما لو كان المصلي مشغولاً بالتفكير في امر دنيوي وهناك عشرات الاشكال من الاستهانة بالصلاة يمارسها المصلون مع الاسف الشديد.
اما الظاهرة الثالثة من انماط السلوك السلبي في ممارسة الصلاة فهو التراخي عنها، ومعنى التراخي هو عدم الصلاة في اول وقتها هنا ينبغي لفت نظرك الى اهمية هذا الجانب حيث ان القرآن الكريم لم يمنح اهمية كبيرة لموضوع من الموضوعات مثل ما منحها للصلاة في اول وقتها مثل قوله تعالى: «وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ»، ولعل السر الكامن وراء الحرص على اداء الصلاة في اول وقتها هو ان صلاتنا هي مقابلة او حضور عند الله تعالى ونحن اذا قسنا تجارب الدنيا كما لو كنا على موعد مع شخصية اجتماعية ذات موقع خطر فاننا نحرص على ملاقاتها في الوقت المحدد بل نظل قلقين على الوقت الذي حدد للمقابلة فكيف بنا اذا كنا على موعد مع الله تعالى وهو الخالق للكون وما فيه الا يستحق ان تفي بالحضور عنده في الوقت المحدد الا وهو الفجر مثلاً او زوال الشمس او غروبها وهكذا.
اذا امكننا ان نثبت جانباً من الاسرار الكامنة وراء التوسل بالله تعالى بان يجعلنا غير مقصرين في صلواتنا وغير مستهينين بها وغير متراخين عنها، بل يجعلنا حريصين على ادائها في اول وقتها وعلى ممارستها مقترنة بالخشوع والتواصل مع الله تعالى.
ختاماً نسال الباري تعالى ان يوفقنا الى ذلك والى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******