واستفاد الباحثون من النفايات الطينية الملوثة بالزيوت، التي عادةً ما تستغرق عقوداً للتحلل في المدافن، وحولوا هذه النفايات عبر معالجة حرارية دقيقة إلى مادة زيوليتية مسامية، يمكنها إزالة أكثر من 90% من الأيونات المعدنية مثل الزنك والنيكل والكادميوم.
وأظهرت التجارب أن البلورية المثالية للزيوليت تبلغ نحو 32%، وأن درجة حرارة التصنيع المثلى هي 900 درجة مئوية، ما يضمن تكوين شبكة مسامية تسهل امتصاص المعادن الثقيلة، فيما تم تحديد الشحنة السطحية المثلى عند نحو -43 ملي فولت لتعزيز الامتصاص الكهرستاتيكي.
ويأتي هذا التطور ضمن جهود لتوفير مواد معالجة منخفضة التكلفة ومستدامة بيئياً، كما يفتح الطريق لإعادة تدوير النفايات الصناعية الخطرة وتحويلها إلى موارد قيمة، مع إمكانية تطوير أنظمة صناعية متقدمة لمعالجة مياه الصرف، تحمي البيئة وتقلل من التأثير السلبي للنفايات المعدنية.
وركز الباحثون على ضبط شروط التكوين بدقة، مثل درجة حرارة الذوبان ونسب المواد الداخلة في التفاعل ومستوى البلورية، لإنتاج مادة ذات قدرة امتصاص عالية قادرة على إزالة أكثر من 90% من الأيونات المعدنية في مياه الصرف الصناعي. وأظهرت النتائج أن البلورية بنسبة 32% تمثل المستوى الأمثل لزيادة كفاءة امتصاص أيونات الزنك والنيكل والكادميوم، بينما يقل الأداء عند انخفاض أو ارتفاع نسبة البلورية عن هذه القيمة.
كما أظهرت التجارب أن أفضل أداء للمادة يكون عند تصنيعها عند درجة حرارة 900 درجة مئوية، حيث تتشكل شبكة مسامية بحجم فجوات 48 نانومتر، ما يسهل نفاذ الأيونات المعدنية داخل البنية. وتم تحديد الشحنة السطحية المثلى للزيوليت عند نحو -43 ملي فولت لضمان امتصاص كهرستاتيكي فعال للأيونات.
وصلت قدرة المادة على امتصاص أيونات الزنك إلى 143 ملغ لكل غرام، وهو رقم مميز بالنسبة لمادة منتجة من نفايات صناعية. ويُستخدم هذا الزيوليت أساساً لتنقية مياه الصرف الناتجة عن مصانع معالجة المعادن، التي غالباً ما تحتوي على تركيزات عالية من الزنك والمعادن الثقيلة الأخرى. وأظهرت الاختبارات العملية على عينات مياه صناعية أن زيوليت 4A قادر على إزالة أكثر من 90% من الأيونات المعدنية.
رغم النتائج الواعدة، شدد الباحثون على الحاجة لمزيد من الدراسات قبل الانتقال إلى التطبيق الصناعي، خصوصاً لاختبار أداء المادة في أنظمة ديناميكية مثل أعمدة الحبيبات الثابتة. كما يحتاج تصميم الأحواض والمواد الحبيبية أو المسامية الناتجة إلى اختبارات إضافية لضمان ثباتها الميكانيكي والكيميائي تحت ظروف تدفق مستمرة وحجم كبير من مياه الصرف.
ويأمل الفريق في أن تفتح هذه التقنية الطريق لتطوير جيل جديد من أنظمة معالجة صناعية أكثر اقتصاداً وصديقة للبيئة، مع توفير نموذج مستدام لإعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى مواد نافعة، مما يسهم في تقليل الأثر البيئي للصناعات المعدنية على المستوى المحلي والعالمي.