البث المباشر

المقال

السبت 10 يوليو 2021 - 16:44 بتوقيت طهران
المقال

إذاعة طهران- أدب الإمام علي (ع):


• المقال المصنف
• المقال العلمي
• المقال التقريري
• المقال الانطباعي

*******


يتناول المقال الأدبي موضوعاً يكتب بلغة تقريرية خالية من الاستتارة العاطفية، والعنصر الصوري والايقاعي، بحيث يقترب من تخوم البحث العلمي الصرف، بكونه يعنى بانتقاء المفردة والتركيب، ويهب اللغة مسحة جمالية تجعله مندرجاً ضمن الأدب.. والامام (عليه السلام) توفر على هذا النمط من التعبير حسب متطلبات السياق الذي يفرض مثل هذا الشكل الأدبي. والمقال يتخذ نمطين من الصياغة، أحدها: يكتسب طابع التصنيف العلمي، والآخر: طابع التقرير لإحدى الحقائق... أما النمط الأول، فمن أوضح نماذجه:

*******
۱- المقال المصنف

وهو تصنيفه لسمات الشخصية في مستوياتها الثلاثة: المؤمنة، الكافرة، المنافقة، حيث صنف الامام (عليه السلام) كلاً من:
۱- (الايمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد. والصبر منها على اربع شعب: على الشوق، والشفق، والزهد، والترقب...الخ.
۲- الكفر على اربع دعائم: على الفسق، والغلو، والشك، والشبهة. والفسق على اربع شعب: على الجفاء، والعمى، والغفلة، والعتو.. الخ.
۳- النفاق على أربع دعائم: على الهوى، والهوينا، والحفيظة، والطمع. فالهوى على اربع شعب: على البغي، والعدوان، والشهوة، والطغيان... الخ)
. (۷)
وهذا التصنيف الذي ينهي السمات الى ستين سمة، يتدرج ضمن بحوث (علم النفس) التي قدمها (عليه السلام) بمثابة وثائق بالغة‌ الاهمية، ولا تدخل ضمن الاشكال الفنية... ومع ذلك نجد أن الطابع الادبي يسم لغة العلم بخاصة عندما يشرح سمة مثل تعليقته على بعض السمات (ومن زاغ ساءت عنده الحسنة، وحسنت عنده السيئة، وسكر سكر الضلالة، ومن شاق وعرت عليه طرقه.. الخ) فهنا يتوكأ (عليه السلام) على التشبيه والاستعارة، وعناصر ايقاعية كما لحظنا مما يدرج المقال ضمن الحقل الأدبي...
واما النمط الآخر الذي يعتمد تقرير الحقائق، فيمكن ملاحظته في مستويات متنوعة، منها:

*******
۲- المقال العلمي

وهو ما يتناول ظواهر علمية بلغة الفن، مثل ما ورد عنه من النصوص التي تتحدث عن التوحيد وصفات الله تعالى، وسائر ما يرتبط بالبعد العقائدي، وعن نشأة الكون وظواهره المختلفة، من نحو:
(ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا اياه عنى من شبهه، ولا صمده من أشار اليه وتوهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، اعل لاباضطراب آلة، مقدر لا يجول فكرة، غني لا باستفادة، لا تصحبه الاوقات، ولا ترفده الادوات،‌ سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء‌ أزله... الخ) (۸).
واضح، ان هذا النص الذي يتحدث عن توحيد الله تعالى: قد توكأ على لغة الفن (توازن الجمل، تجانس الأصوات، التقابل بين الظواهر) لكن: دون شحنها بعناصر صورية وايقاعية، نظراً لكونه يتحدث عن أدق الظواهر والصفات التي تتطلب: منطقاً واستدلالاً لا يتناسب معهما: الاغراق في العنصر الايقاعي الا خاطفاً مثل (ولا يقال له حد ولا نهاية، ولا انقطاع ولا غاية) (لم يلد فيكون مولوداً ولم يولد فيصير محدوداً)... واما العنصر (الصوري) فيكاد يختفي من هذا النص نظراً لان التشبيهات والاستعارات والرموز وغيرها: انما يركن اليها من خلال ايجاد علاقات (تمثيلية) وهو أمر لا ينسجم مع واقع (التوحيد) الذي يتطلب استدلالاً لا تصويراً وكشفاً كما هو واضح.

*******
۳- المقال التقريري

وهو المقال الذي يقوم بمهمة الشرح والتعريف لظاهرة من الظواهر، مثل تعليقه (عليه السلام) على قوله تعالى (يسبح له فيها بالغدو والآصال: رجال... الخ) حيث يصح جعلها عنواناً لمقالة: (ان الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العشوة، وتنقاد به بعد المعاندة، وما برح الله - عزت آلاؤه في البرهة بعد البرهة وفي أزمان الفترات عباد ناجاهم في فكرهم وكلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع والأفئدة...) (۹) فهنا يقدم (عليه السلام) تعريفاً وشرحاً لظاهرة (الذكر) ومعطياتها العبادية، حيث وشح المقال بالعناصر الفنية من صورة وصوت كما لحظنا، والأمر نفسه بالنسبة لنمط آخر من المقال هو:

*******
٤- المقال الانطباعي

وهذا ما يعبر من خلاله عن انطباعاته التي تستغرق موضوعاً متشعب الجوانب، ولكنه يصوغها وفق لغة تصويرية وليست تقريرية، يوشحها بأدوات (انطباعية) أي: ما ينفعل به وجداناً، وهذا من نحو قوله- بعد تلاوته «ألهاكم التكاثر»: (يا له مراماً ما أبعده، وزوراً ما أغفله وخطراً ما أفظعه، لقد استخلوا منهم أي مدكر وتناوشوهم من مكان بعيد، أفبمصارع أبائهم يفخرون، أم بعديد الهلكى يتكاثرون. يرتجعون منهم أجساداً خوت، وحركات سكنت... الخ) وتمضي المقالة على هذا النمط (الانطباعي) عن ظاهرة التفاخر حتى بالأموات... وهي انطباعات موشحة بلغة الفن (التساؤل، التعجب)... وتوشى بعناصر الصورة، وبعناصر الصوت، وأيضاً بعنصر المحاورة القصصية (لقد رجعت فيهم أبصار العبر وسمعت عنهم آذان العقول، وتكلموا من غير جهات النطق، فقالوا: كلحت الوجوه النواظر، وخوت الاجسام النواعم، ولبسنا أهدام البلى...) (۱۰).
واذا كان المقال الانطباعي يتميز بطول حجمه، وتنوع موضوعاته، فهناك شكل أدبي يتميز بقصر حجمه وموضوعه حيث يتناول شعوراً مفرداً هو:

*******


(۷) تحف العقول: ص ۱٥۹، ۱٦۰.
(۸) نهج البلاغة: ص ۳٤۱.
(۹) نفس المصدر: ص ۲٤۱.
(۱۰) نفس المصدر: ص ٤۱٥، ٤۱٦.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة