نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الزهراء (ع) في التعقيب على صلاة العصر، حيث انتهينا من ذلك الى مقطع جديد هو " اللهم واجعل صلواتك وبركاتك ومنك ومغفرتك ورحمتك ورضوانك وفضلك وسلامتك وذكرك ونورك وشرفك ونعمتك وخيرتك على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وآل ابراهيم، انك حميد مجيد "... بعد ذلك يقول الدعاء " اللهم اعط محمداً الوسيلة العظمى وكريم جزائك في العقبي، حتى تشرفه يوم القيامة ياأله الهدى ". لقد اوردنا هذا النص بطولة لانه منصّب على محمد وآل محمد صلى الله تعالى عليه وآله،... ولعل قارئ الدعاء يواجه هنا نمطاً قد يكون متسماً بشئ من التساؤل من حيث السمات التي ذكرها بالنسبة الى محمد (ص)... وما يعنينا الآن هو: ملاحظة هذه السمات... فماذا نجد ؟
يمكننا بعامة ان نشطر هذه السمات الى قسمين، أحدهما: ما تطلق فيه الصفات على الادعية بنحو مألوف مثل " واجعل صلواتك وبركاتك " ومثل " كما صليت علي " ومثل " أعط محمداً الوسيلة ".. واما العبارات الاخرى فتتسم بما هو نادر وجوده في سائر الادعية، والمهم هو ملاحظة هذه السمات بنحو عابر،.. ونبدأ ذلك بعبارة " واجعل صلواتك وبركاتك " وهي عبارة مألوفة – كما أشرنا – حيث تعني اولاً ان الصلوات هي الدعاء له (ص) وان البركات وهي: التشريف والتمجيد والكرامة له (ص)... واما عبارة (منك) فتعني: الانعام من الله تعالى على محمد (ص) ابتداءاً... واما (المغفرة) فواضحة حيث تنسحب على امته (ص) بواسطة محمد (ص)، بينما عبارة (الرحمة) و(الرضوان) و(الفضل) و(السلامة) تخصه (ص) وهي عبارات واضحة لاتحتاج الى الانارة...
هنا نواجه كلمة (ذكرك) وهي تقترن بشئ من التساؤل فهل تعني مثلاً: اجعل محمداً (ص) ممن تذكره ؟ لعل ذلك هو المقصود... واما عبارة (نورك) فتنحسب ان الله تعالى وهو نور السماوات والارض قد استهدف الدعاء من خلاله الى سحب النور الالهي على شخصية ولادة وحياة...الخ تبقى بعد ذلك ثلاث سمات هي: الشرف و النعمة و الخيرة فواضحة بصفة ان محمداً (ص) وال محمد (ص) هم الصفوة التي انتخبها الله تعالى من عباده وفضلهم على سواهم من المخلوقين... واما (الشرف) فيعني: الرفعة في الموقع، حيث رفعه تعالى الى القمة التي اصطفاها... واما (النعمة) اخيراً فهي: المنة والصنيعة والمسرة الخ...
يبقى ان نحدثك عن الشطر الآخر من المقطع وهو " اللهم: اعط محمداً الوسيلة العظمى، وكريم جزائك في العقبى، حتى تشرفه يوم القيامة ياله الهدى... "ان هذا المقطع يفصح عن الاهمية العظمى لشخصية محمد واله، حيث ان المصائر البشرية في اليوم الاخر تتحدد من خلال هذه الصفوة التي انتخبها الله تعالى، وجعل لها موقعاً أخروياً هو الوسيلة الى نيل الاخرين – اي التابعين للامة الاسلامية المنتسبين الى خط محمد وال محمد – ما يطمحون اليه من رضاه تعالى ومن الجنة، وهو كريم الجزاء الذي اشارت اليه عبارة " وكريم جزائك " ومن ثم ما يترتب على هذه الوسيلة ومعطياتها الاخروية من شرف لأمة محمد...
اخيراً: لانغفل عن عبارة " ياأله الهدى " حيث ختم بها مقطع الدعاء وهي عبارة لها دلالتها ونكاتها المتمثلة في ان (الهدى) هو: الطريق الذي انتخبه الله تعالى للمنتسبين الى خط محمد واهل بيته عليهم السلام حيث انعم تعالى بهذا الهدى علينا، وانقذنا من الضلال.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى معرفة (الهدى) وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******