البث المباشر

شرح فقرة "اللهم واجعله لي أنسا في قبري، وأنسا في حشري، وأنسا في نشري" - ۲

السبت 30 أكتوبر 2021 - 19:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح أدعية الإمام الصادق: الحلقة 43

 

بسم الله والحمدله خالصاً اذ جعلنا من المتقربين اليه بالاستنارة بمناري هدايته للعالمين قرآنه الكتاب الحكيم وأهل بيت نبيه الكريم سيدنا الهادي المختار صلوات ربي عليه وآله الاطهار الأبرار.

السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة من الله وبركات، اطيب التحيات نهديها لكم ونحن نلتقيكم بفضل الله في حلقة اليوم من هذا البرنامج نتابع فيها معاً استلهام آداب الكيفية الفضلى لتلاوة كتاب الله من خلال التامل في فقرات الدعاء الذي ستحب التوجه به الى الله تبارك وتعالى بعد الفراغ من تلاوة ما تيسر من كتابه العزيز، جاء في المقطع الثالث من هذا الدعاء الشريف المروي عن مولانا ناشر السنة المحمدية الامام الصادق قوله –صلوات الله عليه-:

"اللهم اجعله لي –أي القرآن الكريم- أنساً في قبري، وأنسا في حشري، وانساً في نشري، واجلعه لي بركة بكل آية قرأتها، وارفع لي بكل حرف درجة في اعلى عليين، آمين يا رب العالمين".

عرفنا في الحلقة السابقة –مستمعينا الأعزاء- ان في الفقرة الاولى من هذا المقطع من الدعاء يعلمنا مولانا الامام الصادق –عليه السلام- ان نطلب من الله عزوجل العون لكي نتلو كتابه الكريم بالكيفية التي نفوز معها برحمة الله الخاصة التي تجعل ما نتلوه من الآيات الكريمة أنساً لنا في جميع مراحل الحياة الأخروية يدفع عنا أهوالها، وهذا ما بشرتنا بتحققه كثيرٌ من الاحاديث الشريفة استنرنا ببعضها في الحلقة السابقة ونقوي أثرها في قلوبنا من خلال التأمل في نماذج اخرى بادئين بما رواه ثقة الاسلام الكليني في كتاب الكافي مسنداً عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- انه قال:

"تعلموا القرآن، فانه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل.. فيقول له القرآن: أنا الذي كنت أسهرت ليلك وأظمأت هواجرك وأجففت ريقك وأسلت دمعتك، أؤول معك حيثما إلت، وكل تاجر من وراء تجارته وأنا اليوم لك من وراء تجارة كل تاجر، وسيأتيك كرامة من الله عزوجل، فأبشر.

ثم قال –صلى الله عليه وآله-، فيؤتى –تالي القرآن- بتاج فيوضع على رأسه ويعطى الامان بيمينه والخلد في الجنان بيساره ويكسى حلتين، ثم يقال له: اقرأ وإرق، فكلما قرأ آية صعد درجة، ويكسى أبواه حلتين إن كانا مؤمنين ثم يقال لهما: هذا لما علمتماه القرآن".

وكما تلاحظون –مستمعينا الافاضل- فان هذا الحديث النبوي الشريف يصرع بأن القرآن الكريم يكون في أهوال القيامة انساً ومدافعاً وشاهداً لقارئه الذي تكون تلاوته له في الحياة الدنيا مقرونة بالتأثر القلبي والاهتمام والتوجه؛ أي يتفاعل مع ما يتلوه من آيات الذكر الحكيم بكل وجوده، وهذا ما يجعله بمزيد من الاعانة والكرامة الالهية، وهذا ما يبشرنا به ناشر سنة سراج الله المنير وبشيره النذير –صلى الله عليه وآله-، مولانا الامام الصادق –عليه السلام- في المروي عنه في كتاب ثواب الاعمال انه قال في بعض فقرات حديثه:

"من قرء القرآن وهو شاب مؤمن حتى اختلط القرآن بلحمه ودمه؛ جعله الله مع السفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيجاً –أي مدافعاً- عنه يوم القيامة، ويقول: يارب .. بلغ به كريم عطاياك، فيكسوه الله عزوجل حلتين من حلل الجنة ويوضع على رأسه تاج الكرامة، ثم يقال له –أي للصورة الملكوتية للقرآن-: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يارب قد كنت ارغب فيما هو أفضل من هذا،

قال الصادق –عليه السلام-: فيعطي –تالي القرآن- الأمن بيمينه والخلد بيساره ثم يدخل الجنة، فيقال له: إقرأ آية واصعد درجة.

ثم يقال للقرآن: هل بلغنا به وأرضيناك فيه؟ فيقول: اللهم نعم.

ثم قال الصادق –عليه السلام-: ومن قرأ كثيراً –من القرآن- وتعاهده من شدة حفظه أعطاه الله اجر هذا مرتين".

مستمعينا الافاضل، وثمة قضية مهمة ينبغي الاشارة اليها هنا وهي مستفاده من هذه الأحاديث الشريفة وهي أن جعل الله قرآنه الكريم أنساً لقارئه يدفع عنه وحشة وأهوال عالم البرزخ والقيامة والبعث والنشر هو ثمرة أنس المؤمن بالقرآن وتعاهده بالتلاوة بالصورة المطلوبة في الحياة الدنيا، مقتدياً بذلك بأهل بيت النبوة المحمدية –عليهم السلام- اذ ان انسهم هو بكتاب الله العزيز، روي في كتاب الكافي عن مولانا الامام علي بن الحسين زين العابدين انه –صلوات الله عليه- قال:

"لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد ان يكون القرآن معي".

جزيل الشكر نقدمه لكم مستمعينا الاطائب من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، على طيب المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) دمتم في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة