البث المباشر

سيد الرسل(ص) في كلام سليلة الامام زين العابدين(ع)

السبت 13 يوليو 2019 - 08:58 بتوقيت طهران

اخوتنا الأعزة الأكارم.... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لم يلتحق رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالرفيق الأعلى حتى أوصى الى خلفائه من بعده، ذاكراً اياهم بالأسماء، ابناً بعد أب، ومعينهم بالصفات والألقاب والمزايا... هكذا نقلت الأخبار والروايات في كتب المسلمين، ومنها: (كفاية الطالب) للكنجي الشافعي، و(ينابيع المودة) للقندوزي الحنفي، و(فرائد السمطين) للحمويني الشافعي.. ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال - كما روى‌ ابن عباس-: ان وصيي علي بن ابي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين... فإذا مضى‌ الحسين فابنه علي... (واستمر (صلى الله عليه وآله) في تعدادهم الى الامام الحجة المهدي (صلوات الله عليه وعليهم)).
اما الحافظ علي بن الحسين الشافعي، المعروف بـ «ابن عساكر»، فقد كتب في (تاريخ دمشق) هذا الخبر: دخل جابر الأنصاري على علي بن الحسين (زين العابدين) فقال له: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل عليه الحسين بن علي، فضمه اليه وقبله، وأقعده الى‌ جنبه ثم قال: يولد لابني هذا ابن يقال له «علي»، إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: ليقم سيد العابدين.
فيقوم: «هو».
اخوتنا الافاضل... نقلت لنا كتب التاريخ ان بني امية جهدوا على محو معالم الاسلام، حتى قالها زعيمهم ابو سفيان بعد اعلانه بعقود من الزمن: والذي يحلف به ابو سفيان، لا جنة ولا نار!
وقال: وهذا (ويشير الى النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله وسلم» ويلقبه بلقب مهين) ينادى به على المنابر كل يوم خمس مرات، لا والذي يحلف به أبو سفيان الا دفناً دفنا.
فنهض الامام زين العابدين (عليه السلام) يشرق على الناس بالصورة البهية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في اذكاره ودعواته الشريفة، وفي اجوبته واحتجاجاته ومناظراته العلمية النيرة... ومن ذلك:
سئل (عليه السلام) مرةً: لم اوتم النبي من أبويه؟
فأجاب: لأن لا يوجب عليه حق لمخلوق.
وقيل له: لم اسرى الله بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) الى السماء إذا كان لا يوصف بمكان؟
فأجاب (عليه السلام) بقوله: ليريه ملكوت السماء وما فيها من عجائب صنعه، وبدائع خلقه.
فسئل بعد ذا عن قوله تعالى: «ثم دنا فتدلى / فكان قاب قوسين او ادنى» (سورة النجم، ۸-۹).
فقال الامام علي بن الحسين (عليه السلام): ذاك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، دنا من حجب النور، فرأى ملكوت السماوات، ثم تدلى (عليه السلام) فنظر من تحته الى ملكوت الأرض، حتى ظن أنه في القرب من الارض كقاب قوسين او ادنى.
وسأله ابنه (زيد) رضوان الله عليه: يا أبه، أخبرني عن جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما عرج به الى السماء وامره ربه عزوجل بخمسين صلاةً، كيف لم يسأله التخفيف عن امته حتى قال له موسى بن عمران (عليه السلام): ارجع الى ربك فسله التخفيف، فإن اّمتك لا تطيق ذلك؟
فقال له: يا بني، ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يقترح على ربه عزوجل، ولا يراجعه في شيء يأمره به، فلما سأله موسى (عليه السلام) ذلك وصار شفيعاً لأمته اليه، لم يجز له رد شفاعة اخيه موسى (عليه السلام)، فرجع الى ربه يسأله التخفيف الى‌ ان ردها الى خمس صلوات.
ونبقى ‌ايها الاخوة الأحبة مع الامام زين العابدين (عليه السلام) وهو الغيور على كرامة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)، فنراه ممجداً له، مدافعاً عنه، مقدساً لشخصه المبارك. وقد كان للامام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) حوار مع جابر الأنصاري حول الحزن المقدس الذي هيمن على الامام بعد واقعة الطف يوم عاشوراء، فكان ان قال لجابر: يا صاحب رسول الله، اما علمت ان جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد له، وتعبد - بأبي هو وأمي- حتى انتفخ الساق وورم القدم، وقيل له: اتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟!
قال: افلا اكون عبداً شكورا؟!...
وفي المقابل يقف له احد الشامتين بعد رجوعه (عليه السلام) من كربلاء ومصائبها الى المدينة، فيقول له متسائلاً بشماتة: من الغالب؟!
فيجيبه الامام (عليه السلام): اذا دخل وقت الصلاة فأذن واقم ، تعرف الغالب.
أي الغلبة لآل الله اهل بيت النبوة، اذ ثبت ذكر جدهم عبر الأجيال والقرون رغماً على ‌الشامتين والحاقدين ، فيؤذن في كل يوم مرات: اشهد ان محمداً رسول الله.
وجد آل امية - ايها الاخوة- في طمس معالم النبوة، بعد هتكهم لحرمات الله تعالى‌ محرفين القرآن والشريعة، وقاتلين الأولياء ائمة الحق، وموهنين في ذكرهم النبي بالألفاظ البذيئة التي لا تليق الا بهم، حتى بلغ الامر ان يسب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مجلس هشام بن عبد الملك الحاكم الأموي، كما يذكر الخوارزمي الحنفي في (مقتل الحسين) فيسكت هشام، حتى اذا نهض زيد بن علي يرد عليه قال له هشام: مه عن جليسنا يا زيد!
ومن قبل نهض ابوه السجاد علي بن الحسين (عليه السلام)، لا يدع فرصةً الا اغتنمها في ادعيته وصلواته، يحيي فيها ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكراه، ويقدسه ويوقره، فيقول في دعائه الشعباني:
اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة ومعدن العلم، وأهل بيت الوحي... الى أن يقول: وهذا شهر نبيك سيد رسلك، شعبان، الذي حففته منك بالرحمة والرضوان، الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدأب في صيامه وقيامه، في لياليه وأيامه، بخوعاً لك في اكرامه واعظامه، الى محل حمامه...
وفي دعائه الخاص في الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: الحمد لله الذي من علينا بمحمد نبيه (صلى الله عليه وآله) دون الأمم الماضية، والقرون السالفة... اللهم فصل على محمد امينك على وحيك، ونجيبك من خلقك، وصفيك من عبادك، امام الرحمة، وقائد الخير، ومفتاح البركة.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة