البث المباشر

سيد الرسل(ص) في كلام سبطه المجتبى(ع)

السبت 13 يوليو 2019 - 08:56 بتوقيت طهران

إخوتنا الأعزة الأماجد.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، واهلاً بكم، في لقاء طيب آخر معكم، نوجه فيه اسماعنا وقلوبنا الى ما جاء عن اهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم) في حبيبهم رسول الله المصطفى (صلى الله عليه وآله)...
وها نحن نقف على اعتاب حريم الامام الحسن المجتبى ريحانه النبي وحفيده الذي تلقاه (صلى‌ الله عليه وآله) اول ما ولد، فضمه الى صدره شوقاً اليه وحناناً وحباً له، وكان اوصى قابلة ابنته فاطمة ان إذا وضعت فلا تسبقه بشيء.
فكان اول من استلمه من قابلتها، فلفه بخرقة بيضاء، وسقاه من ريقه المبارك، وسماه بأمر الله تعالى حسناً، وكان الحسن اشبه الناس به، وقد ضمه اليه ولم يفارقه، بل كان الحسن يرتقي كتف جده حتى في صلاته فلم يزحه عنه، رأفةً وحباً له، فإذا عثر الحسن وهو صبي نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن منبره وقطع خطبته، ورفعه وحمله على قلبه وارتقى به المنبر ثانية، هكذا كان متعلقاً به.
وكذا كان الحسن المجتبى شديد التعلق بجده رسول الله حتى لم يبتعد عنه، الى ساعة احتضار المصطفى ووفاته، فكان النبي يقلب طرفه الشريف ينادي: يا بلال، ايتيني بولدي الحسن والحسين. فاذا اتياه اسندهما الى صدره وجعل يشمهما وهما واضعان رأسيهما على صدره، فلما اراد ان يرفعهما ابوهما قال له: دعهما يشماني واشمهما، ويتزودا مني واتزود منهما، فسيلقيان من بعدي زلزالاً، وامراً عضالا، فعلن الله من يحيفهما. اللهم اني استودعكهما وصالح المؤمنين.
ايها الاخوة الاكارم... لم يكن شيء آلم على قلب الامام الحسن (عليه السلام) من شهادة اهل بيته، لاسيما جده رسول الله محمداً (صلى الله عليه وآله)، فقد افجعه ذلك واحزنه واوحشه، فعاشت الكآبة في صدره على احبته، امه الزهراء فاطمة، وابيه المرتضى علي، وجده المصطفى الذي كان قد عاش ظله وكنفه حوالي ثماني سنوات، فنما علي عينيه، واستقى من معينه الالهي، واقتبس من انواره المباركة، ولما رحل رسول الله شق على الامام الحسن فراقه، ولم يغب عن ذكراه، بل كان يتطلب ذلك وكأنه احب ان تتمثل في خاطره صورة جده دائماً، وان يعيش الناس ذكريات نبيهم، فيذكرونه ويذكرون به، ويشتاقون الى محياه النوراني.
فسأل (عليه السلام) يوماً هند بن ابي هالة، وهو ابن اخت خديجة، سأله عن حلية رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائلاً له: انا اشتهي ان تصف لي منه شيئاً لعلي اتعلق به.
وكان هند بن ابي هالة‌ التميمي وصافاً، فأخذ يصف قائلاً: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخماً مفخماً، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر... (ثم اخذ في رسم صورة‌ بدنه المبارك وصفاً دقيقاً، حتى قال له الحسن المجتبى (سلام الله عليه): فصف لي منطقه. فقال هند: كان (عليه السلام) متواصل الأحزان، دائم الفكر، طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، يتكلم بجوامع الكلم فصلاً لا فضول فيه ولا تقصير، دمثاً ليناً، ليس بالجافي ولا بالمهين، تعظم عنده النعمة وان دقت، لا يذم منها شيئاً، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه احد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له... وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم.
لا ندري - ايها الاخوة‌ الاحبة- ما كان يعتلج في قلب مولانا الامام الحسن (عليه السلام) وهو يتذكر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) او يسمع به، او يذكر عنده ويوصف ويروى عنه! لعل لذة ذكرياته كانت ممزوجةً بالأشواق والأحزان، ولكنه (سلام الله عليه) احب خلال ذلك ان يعرف الناس ببعض فضائل النبي (صلى الله عليه وآله)، ومقاماته الشريفة وخصاله الطاهرة، فحدث يوماً فقال داوياً:
جاء نفر الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسأله اعلمهم - وكان فيما سأله- ان قال له: لأي شيءٍ سميت محمداً واحمداً، وأبا القاسم، وبشيراً .. ونذيراً .. وداعيا؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما محمد، فإني محمود في الأرض واما احمد؛ فإني محمود في السماء. وأما أبو القاسم؛ فإن الله عزوجل يقسم يوم القيامة‌ قسمة النار، فمن كفر بي من الأولين والآخرين ففي النار، ويقسم قسمة الجنة، فمن آمن بي واقر بنبوتي ففي الجنة. واما الداعي، فإني ادعو الناس الى دين ربي عزوجل. واما النذير؛ فإني انذر بالنار من عصاني. واما البشير؛ فإني أبشر بالجنة من أطاعني.
كان الامام الحسن المجتبي (عليه السلام) حريصاً غاية‌ الحرص، أن يعرف الفضل كله لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وان يفتخر به، بل وكان حريصاً ان يلجم من يريد ان يفتخر على البيت النبوي الشريف، فيوم قال له معاوية: اذكر فضلنا!
قال الامام الحسن خطيباً: فحمد الله واثنى عليه، وصلى على النبي وآله.
ثم قال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن ابن رسول الله، انا ابن البشير النذير، انا ابن المصطفى بالرسالة، انا ابن من صلت عليه الملائكة، انا ابن من شرفت به الأمة، انا ابن من كان جبريل السفير من الله اليه، انا ابن من بعث رحمة‌ً للعالمين!
فحاول معاوية‌ ان يغير الحديث، فسأل عن الرطب، يكتم بذلك حسده وعداوته للنبي وآله، فأجابه الامام الحسن عاجلاً ‌ثم قال: انا ابن المستجاب الدعوة، انا ابن من كان من ربه كقاب قوسين او ادنى، انا ابن الشفيع المطاع، انا ابن من خضعت له قريش رغماً، انا ابن من سعد تابعه، وشقي خاذ له، انا ابن من كانت اخبار السماء اليه تترى، انا ابن من اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
اجل... فأين يكون معاوية وامثاله من ذلك الشرف المؤبد الأسمى، وتلك الكرامات العليا؟!

لله مما قد برا صفوةً

وصفوة الخلق بنو هاشم

وصفوة الصفوة من بينهم

محمد النور ابو القاسم

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة