البث المباشر

الاستغفار بالنبي الاكرم(ص)

السبت 13 يوليو 2019 - 08:41 بتوقيت طهران

اخوتنا الأكارم... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله تعالى واهلاً بكم في رحلتنا هذه ونحن نجول في آفاق الخصال المحمدية الزاكية، ننعش بذلك أرواحنا، فيصيبنا الفخر إذ نحن من اتباعه والمنتسبين اليه بالمودة‌ والمحبة والولاء، ويهيمن علينا المدح والثناء لذلك الجمال الالهي في صورته وشرائف محاسنه.... كما هيمن على عمه أبي طالب رضوان الله عليه فانبسط يمدحه بقوله:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الهلاك من آل هاشم

فهم عنده في نعمة وفواضل

اجل ... فقد اصبح المصطفى (صلى الله عليه وآله) ملاذ الهلاك من الناس جميعاً، يعقدون الآمال على ولائه، بل تعلقت الآمال بشرائف خصاله السامية، ومنها: العفو والصفح، بل والاستشفاع للناس عند الله تبارك وتعالى، فصار (صلى الله عليه وآله) سفير خير للخلق عند الخالق، وشفيع رحمة للعباد عند الرحيم المعبود، وواسطة مغفرة للمستغفرين التائبين عند التواب الغفار... جلت عظمته. فراح الناس يقدمون بين يديه آيات الاعتذار، ولا ينسون أن يهدوا له آيات الثناء العاطر، فيقول فيه احدهم:

مديح رسول الله اشرف مدحة

الا إنه الهادي الشفيع المعظم

أيها الإخوة الأفاضل... طالما بشر الباري تبارك شأنه عباده، وعلى رأسهم أنبياؤه ورسله عليهم أفضل الصلاة والسلام، برسول يأتي رحمةً للعالمين، ومن مصاديق رحمته أنه (صلى الله عليه وآله) عفو [غفور، بل وغافر] مستغفر للناس عند الله جل وعلا، فخاطب حبيبه المصطفى ينبه العباد، قائلاً له:
«وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله، ولو أنهم إذ ظلموا انفسهم جاؤوك فآستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً» (النساء: ٦٤).
فالغرض الالهي من بعثة الرسل هو الطاعة وامتثال الأمر، بإذن الله اي بأمر الله، وقد دلت الآية المباركة على وجوب طاعة الناس للرسول، لكن معظم الناس قد بخسوا أنفسهم بإدخال المعصية عليها، فاستحقوا العقاب، ففتح الله تعالى لهم نافذة الرحمة من آفاق السماء بواسطة حبيبه محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) حين خاطبه: لو جاؤوك تائبين، مقبلين عليك مؤمنين بك، فاستغفروا الله لذنوبهم، ونزعوا عما هم عليه من ظلم أنفسهم، واستغفرت لهم انت يا رسول الله، ولك عندي ذلك المقام الأسمى، ذنوبهم تلك وسألت الله أن يغفرها لهم، لوجدوا مغفرة الله لذنوبهم ورحمته إياهم، أو لعلموا أن الله ثواب رحيم، أي رأوه قابلاً لتوبتهم، رحيماً بهم في التجاوز عما قد سلف من خطيئاتهم.
نعم - أيها الإخوة الأعزة- وها نحن نتلو كل يوم سبت في زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) هذه العبارات الشريفة: اللهم إنك قلت: «ولو أنهم إذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً»، الهي فقد أتيت نبيك مستغفراً، تائباً من ذنوبي، فصل على محمد وآله واغفرها لي. يا سيدنا اتوجه بك وبأهل بيتك الى الله تعالى ربك وربي ليغفر لي...».
وطالما - ايها الاخوة الأحبة- عفا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عفواً‌عجيباً على المسيئين اليه اساءات عجيبة! حتى لم يطق (لين بول) إلا ان يكتب هذه العبارات: إننا إذا رجعنا الى التاريخ وحكمناه في مسألة القسوة، لتبين أنها لم تكن قط من اخلاق محمد (صلى الله عليه وآله)، وذلك بدليل معاملته للاسري بعد غزوة بدر وتسامحه مع أعدائه، وصبره على أذاهم، وعطفه على الأطفال والمرضى، وحقنه للدماء، وعفوه عن أولئك الذين قضوا في محاربته ثمانية عشر عاماً وأظهروا له فيها كل صنوف العداء، وأذا قوه من خلالها كل انواع الجور والظلم والاضطهاد.
كذلك كتب لورد هدلي: لقد نال محمد نبي الاسلام (عليه السلام) حب العالم كله، وحب اعدائه بوجه خاص، وذلك عندما ضرب مثلاً في مكارم الأخلاق بإطلاق عشرة آلاف أسير (أي بعد فتح مكة) كانوا في يوم من الأيام يسعون في قتله والفتك به، وإيراده موارد الهلكة.
اجل.. كان الفتح المظفر لرسول الله في مكة، فدخل صناديد قريش الى الكعبة وهم يظنون أن السيف سيمر عليهم فلا يرفع عنهم حتى يقطع رقابهم، لكن المصطفى (صلى الله عليه وآله) أتى البيت الحرام فأخذ بعضادتي الباب ثم قال: لا اله الا الله، أنجز وعده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده.
ثم خاطبهم: ما تظنون؟ وما انتم قائلون؟
أو قال لهم: يا أهل مكة ما تظنون أني فاعل بكم؟!
فقام سهيل بن عمرو فقال: نقول خيراً، ونظن خيراً، أخ كريم، وابن أخ كريم.
فقال: اني اقول لكم كما قال اخي يوسف: «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، وهو ارحم الراحمين»... ألا بئس جيران النبي كنتم! لقد كذبتم وطردتم، واخرجتم وفللتم ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلونني! فاذهبوا فأنتم الطلقاء. فخرج القوم كأنهم انشروا من القبور، فدخلوا في الاسلام.

طبعتك كف الله سيف أمان

كمن الردى في حده للجاني

هاد يصور لي كأن قوامه

متجسد في عنصر الإيمان

ما كنت سفاحاً، ولم تسفك دماً

إلا بحق العادل الديان

لولا اعتداؤهم عليك وجورهم

ما خضت حرباً طاعناً بسنان

قد احرجوك... فأخرجوك... فنلتهم

ومذ ارعووا عن ذلك الطغيان

فسمحت ثم صفحت عن آثامهم

وغمرتهم بالفيء والإحسان

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة