البث المباشر

الرسول الاعظم(ص) رحمة الله العظمى للعالمين

السبت 13 يوليو 2019 - 08:41 بتوقيت طهران

إخوتنا الأماجد... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حياكم الله وطابت أياكم.
لقد كان من الأوسمة‌ السماوية التي أضفاها الله جلت حكمته على‌ حبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله) أن عرفه وخاطبه بالرحمة التي عمت العوالم، كائنات وأجيالاً.. فقال له: «وما أرسلناك الا رحمةً للعالمين» (الانبياء: ۱۰۷)، فأصبح كل الوجود المقدس لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) محض رحمة ولجميع العالمين، فهو الرحمة المرسلة الى البشرية كافة، إذ جاء بدين، في الأخذ به تتحقق سعادة اهل الدنيا في دنياهم وأخراهم، لما فيه من الآثار الحسنة، فوجوده الشريف نعمة عظمى على الخلق كافة، فيكون رحمة‌ً للبر والفاجر، والمؤمن والكافر، في الدنيا والآخرة، اذ هو (صلى الله عليه وآله) منار هداية،‌ فأطمأن الناس أنه سيهديهم الى ما فيه سعادتهم، وهو القائل (صلى الله عليه وآله): «إنما أنا رحمة مهداة».
ايها الأخوة الأفاضل .. من أسمى خلقاً من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد وصفه الله جلت عظمته بقوله: «وانك لعلى خلق عظيم»؟! (القلم: ٤).
حيث جمع الحلم الى العلم، والعفو الى‌ المقدرة، والرأفة بالناس الى تحمل إساءتهم، والصفح الى الصبر على أذاهم، والحرص على هداهم وسعادتهم الى الدعاء لهم، واللين معهم والرحمة بهم رغم غلظتهم، حتى قال الله تعالى له: «فبما رحمة من الله لنت لهم» (آل عمران: ۱۰۹)، فكان احسن الناس خلقاً، وتجلت فيه رحمة‌ الباري تبارك وتعالى بالخلق، حتى هنف في العباد: «من لا يرحم، لا يرحم».
وهو القائل: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد اطالتها، فأسمع بكاء‌ الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه».
وطالما سمع (صلى‌ الله عليه وآله) يدعو لقومه: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
وهو القائل في قومه: «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت».
وكان يسعف المنقطع به في سفره، ويعود المريض ويدعو له، ويعين الفقراء، ويرحم الضعفاء، ويواسي المساكين ويأكل معهم ويحادثهم، ويدخل السرور عليهم، ويتواضع لهم، ويتحمل الاساءة منهم..
وهو مع ذلك أشفق الناس عليهم، حتى إذا فقد الرجل من اخوانه ثلاثة ايام سأل عنه، فإن كان غائباً دعا له، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده. وكان من لطفه ورأفته أن احدى كناه هي «ابو الأرامل».
لشدة اهتمامه بهن، ورعايته لهن، وتعاهد أمورهن والتكفل لهن، والاهتمام بشؤونهن وشؤون يتاماهن، فهو كالأب الرؤوف والوالد العطفوف، وكذا أخبر التوراة بذلك كما جاء في بحار الأنوار- أن كنيته هي «ابو الأرامل».
وفيما روي عنه (صلى ‌الله عليه وآله) أنه قال: «انا وعلي أبوا هذه الأمة، ولحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم، فإنا ننقذهم - إن اطاعونا- من النار، الى دار القرار، ونلحقهم من العبودية بخيار الأحرار».
وقالت فاطمة الزهراء عليها السلام: «أبوا هذه الأمة: محمد وعلي، يقيمان اودهم، وينقذانهم من العذاب الدائم، ان اطاعوهما، ويبيحانهم النعيم الدائم، إن وافقوهما».
اخوتنا الأحبة... قد يستوقفنا سؤال، وهو مهم، إذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا الأمة، وهو الذي وصفه الله تعالى في كتابه الكريم بأنه رحمة للعالمين، وانه حريص على الأمة، بالمؤمنين رؤوف رحيم، فما يستوجب في ذلك على هذه الأمة؟ دعونا نستمع الى الجواب يصدر من تفسير مجمع البيان حيث يقول الشيخ الطبرسي فيه: بالحري أن يكون الناس أقرب الى القبول من النبي (صلى الله عليه وآله) والانقياد له.
اما العلامة الطباطبائي فله تعليقة اكثر انبساطاً في المعنى حيث يقول في تفسيره (الميزان) في ظل الآية: فيحق عليكم أن تطيعوا امره، لأنه رسول لا يصدع إلا عن امر الله، وطاعته طاعة لله، وأن تأنسوا به وتحنوا اليه لأنه من انفسكم، وأن يحيبوا دعوته وتصغوا اليه كما ينصح لكم. ثم إن الأوصاف الشريفة له (صلى الله عليه وآله): رسول، من انفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رؤوف رحيم... جميعها مسوقة لتأكيد الندب الى اجابته، (صلى الله عليه وآله)، وقبول دعوته، ويدل على ذلك الآية‌ التالية: «فإن تولوا فقل حسبي الله».
اجل ... ايها الإخوة الأعزة، وقد جاء عن الامام الهادي عليه السلام قوله: «من جمع لك وده ورأيه، فآجمع له طاعتك».
وكان المصطفى ‌قد جمع للناس الرحمة من أطرافها، جاء لهم بالقرآن الحكيم، وأدلى ‌لهم بالأحاديث المنيرة، وعاش معهم احرص ما يكون على خيرهم وهداهم، وسعادتهم، فكان ينبغي عليهم أن يجمعوا له الطاعة والمودة معاً، وكذا ذلك لمن كان موفقاً، فيستعظم أحدهم أن يجلس على ثوب رسول الله وقد ألقاه اليه، فيضعه على وجهه يقبله، ويخير احدهم أن يرجع إلى أهله بعد أشر طويل فيختار البقاء مع النبي (صلى الله عليه وآله) على العودة الى بيت والده.
ويسأل أسير - والسائل أبو سفيان-: أنشدك .. اتحب أن محمداً الآن عندنا في مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟
فيجيب: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وانا جالس في أهلي.
فيصيح أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً يحبه أصحابه، ما يحب أصحاب محمد محمدا. ويصف عروة بن مسعود الثقفي حال بعضهم وقد اوفدته قريش في الحديبية، فيقول: لقد وفدت على الملوك، على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً يعظمه اصحابه ما يعظم اصحاب محمد محمداً. إذا أمرهم ابتدروا امره، وإذا توضأ كادوا يقتلون على وضوئه.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة