البث المباشر

سمو خلق النبي الاعظم(ص) في معاشرة الناس

السبت 13 يوليو 2019 - 08:11 بتوقيت طهران

اخوتنا الاكارم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ماذا عسى ان يقول القائل في نبوة حلت بمحمد (صلى الله عليه وآله)؟! وانسانية تجلت في محمد (صلى الله عليه وآله)؟! واخلاق تشرفت بمحمد (صلى الله عليه وآله)؟! وماذا عساهم ان يصف الواصفون، او يذكر الذاكرون، او يكتب الكاتبون؟! وذاك شاعر يهتف في الاسماع والاذهان، فينادي في القلوب والآذان فيقول: والله لو قلم الزمان من البداية للنهاية ظل يكتب ما كفى! والله لوجد العباقر كلهم في ذكر اوصاف له لن يكتفى! يكفيك ان البدر يخسف نوره لكن نور محمد لن يخسفا!
ـ ايها الاخوة الافاضل ـ عرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه احسن الناس خلقاً، شهد بذلك العدو والصديق القريب والبعيد المؤالف والمخالف المعاشر والغريب، وقد اصبح الحديث حول اخلاق المصطفى (صلى الله عليه وآله) لا بداية له ولا نهاية، ففي كل رواية تجد ملامح مكارم الاخلاق واضحة في كلامه (صلى الله عليه وآله) وفي افعاله ونظراته وتعابيره حتى اشتهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكثرة الحلم، وسعة الصدر، وتواضع النفس، والرحمة بالفقراء، واعانة الضعفاء والعفو عن المسيئين.. فكان مجمع الاخلاق الفاضلة والخصال الشريفة الطاهرة الزاكية فهو الذي ما صافح احداً قط فنزع يده الشريفة من يد صاحبه، حتى يكون ذاك هو الذي ينزع يده وما حادث احد قط في حاجة فانصرف عنه، حتى يكن المحادث هو المنصرف عنه وما رئي (صلى الله عليه وآله) مقدماً رجله المباركة بين يدي جليس له قط وما انتصر لنفسه من مظلمه الا اذا انتهكت محارم الله فكان غضبه لله تعالى فحسب، وما رد سائل حاجة الا بقضائها او بطيب من القول. وكان كلامه (صلى الله عليه وآله) فصلاً يتبينه كل احد، ولم يكلم احداً بشيء يكرهه، وكان يقول: (خياركم احسنكم اخلاقاً).
فعجب منه الناس واعجبوا باخلاقه، وانجذبت قلوبهم اليه وهوت عنده فقالوا فيه حتى عجزوا وقد كفاهم قول الباري تبارك وتعالى يصفه ويثني عليه «وانك لعلى خلق عظيم».
الخلق ـ ايها الاخوة الاحبة ـ هو الملكة النفسية التي تصدر عنها الافعال بسهولة وينقسم الخلق الى: الفضيلة، والرذيلة ولكن اذا اطلق لفظ الخلق فهم منه الخلق الحسن واذا كان الخلق مخصوصاً بالهيئات والاشكال والصور المدركة بالبصر، فان الخلق مخصوص بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة كما قال تعالى في وصف نبيه (صلى الله عليه وآله): «وانك لعلى خلق عظيم».
وفي الوقت الذي نزلت الآية المباركة هذه مادحة حسن خلق المصطفى (صلى الله عليه وآله) ومعظمة له نجدها ناظرة الى اخلاقه الجميلة المتعلقة بالمعاشرة والعلاقات الاجتماعية كالصبر على اذى الناس وجفاء اجلافهم والعفو والسماحة وسعة البذل، والرفق والمداراة، والتواضع والسخاء فجسد النبي (صلى الله عليه وآله) اخلاق الله تبارك وتعالى مع الخلق، وجسد الاسلام بخصاله الشريفة حتى قيل في تفسير الآية المباركة: «وانك لعلى خلق عظيم»، ان المراد بالخلق هنا هو الدين وهو الاسلام وذلك ما ورد على لسان الامام محمد الباقر عليه السلام، حيث قال في ظل الآية الكريمة: (هو الاسلام وروي كذلك ان الخلق العظيم هو الاسلام العظيم).
وعن الامام الصادق عليه السلام جاء قوله: ان لله عز وجل وجوهاً خلقهم من خلقه وارضه، لقضاء حوائج اخوانهم والله عز وجل يحب مكارم الاخلاق وكان فيما خاطب الله تعالى نبيه ان قال له: يا محمد «وانك لعلى خلق عظيم».
ثم قال عليه السلام: السخاء وحسن الخلق.
في باب اخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) يروي الشيخ المجلسي في "بحار الانوار" عن انس بن مالك انه قال: خدمت النبي (صلى الله عليه وآله)، عشر سنين، فما اعلمه قال لي قط: هلا فعلت كذا وكذا؟ ولا عاب عليَّ شيئاً قط، فم اشم نكهة اطيب من نكهته، وما اخرج ركبتيه بين جليس له قط وادركه اعرابي فاخذ بردائه فحبذه حبذة "أي جذبه جذبة" شديدة حتى نظرت الى صفحة عنق رسول الله قد اثرت به حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال الاعرابي له: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت اليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فضحك وامر له بعطاء.
وكتب الفخر الرازي في التفسير الكبير يروى ان يهودياً من فصحاء اليهود جاء الى عمر في ايام خلافته.
فقال: اخبرني عن اخلاق رسولكم.
فقال عمر: اطلبه من بلال، فهو اعلم مني ثم ان بلالاً دل اليهودي على فاطمة عليها السلام ثم فاطمة دلته على علي عليه السلام.
فلما سأله اليهودي قال الامام علي عليه السلام: صف لي متاع الدنيا حتى اصف لك اخلاقه.
فقال اليهودي: هذا لا يتيسر لي.
فقال علي عليه السلام: عجزت عن وصف متاع الدنيا وقد شهد الله على قلته حيث قال: (قل متاع الدنيا قليل)، فكيف اصف اخلاق النبي (صلى الله عليه وآله) وقد شهد الله تعالى بانه عظيم؟! حيث قال: «وانك لعلى خلق عظيم».
والى لقاء طيب آخر معكم ـ اخوتنا الاحبة ـ نرجو لكم اهنأ الاوقات واسعدها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة