البث المباشر

تجلي الرحمة في خلق النبي الاكرم(ص)

السبت 13 يوليو 2019 - 08:11 بتوقيت طهران

الحمد لله كم هو اهل الحمد، وازكى الصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى اله الهداة اولي النهى والفضل والسؤدد.
اخوتنا الاكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في رحاب طيبة زاكية نعيش فيها مع نفحات النبوة الزاكية ليس الرسل واشرف الخلائق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن في اجواء شهره المبارك الشريف حيث يقف المؤمن بين يدي الله تبارك وتعالى فارشاً يديه بالتوبة وطلب الرحمة فيدعو يقول: «اللهم صلى على محمد وآل محمد، واعمر قلبي بطاعتك، ولا تخزني بمعصيتك، وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك بما وسعت عليَّ من فضلك ونشرت عليَّ من عدلك واحييتني تحت ظلك، وهذا شهر نبيك سيد رسلك شعبان الذي حففته منك بالرحمة والرضوان، الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يدأب في صيامه وقيامه في لياليه وايامه، بخوعاً لك في اكرامه واعظامه الى محل حمامه، اللهم فاعنا على الاستنان بسنته فيه ونيل الشفاعة لديه، اللهم واجعله لي شفيعاً مشفعاً، وطريقاً اليك مهيعاً، واجعلني له متبعاً، حتى القاك يوم القيامة عني راضياً، وعن ذنوبي غاضياً، قد اوجبت لي منك الرحمة والرضوان وانزلتني دار القرار، ومحل الاخيار، وصل اللهم على محمد وآله الابرار».
اخوتنا الافاضل ـ شاء الله عز وجل واراد ولم يكن الا ما شاء واراد، ومشيئته حكمة، وارادته رحمة فكان من مشيئته الحكيمة وارادته الرحيمة ان يخلق انساناً هو مثال كل فضيلة ذروة في الكمال والجمال والجلال فخلق المصطفى صلى الله عليه وآله فقال الشاعر:

رأى الله للعلياء ان تتجسد

فقال لها: كوني فكانت محمداً

خلقه تبارك وتعالى على عينه وحباه كل خير وشرف وكرامة ونزهه عن كل نقص وعيب وسوء، ثم عرفه لانبيائه وخلقه، وانزل فيه آيات شريفات، منها قوله: «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر». تلك رحابة الصدر وسعته وذلك صبر وتحمل واستيعاب ما عرف عند احد كما عرف عند النبي (صلى الله عليه وآله)، رغم ما واجهه من شديد المصاعب وعظم المكاره حتى قال هو نفسه (صلى الله عليه وآله): (ما أوذي نبيٌّ مثل ما اوذيت).
وقد قابل ذلك كله بالصبر على الاذى والشكر لله تعالى، ومقابلة الاساءة بالاحسان والاحتساب في الله، وقد اراد الامام علي عليه السلام ان يصف شمائله وخصاله فقال فيما قاله فيه: بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين اجود الناس كفاً وارحب الناس صدراً واصدق الناس لهجة واوفى الناس ذمة والينهم عريكة، واكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة احبه يقول ناعته: لم ار قبله ولا بعده مثله!.
مرة اخرى ايها الاخوة الاعزة نعود الى الآية الشريفة التي تذكر لين العريكة صفة شريفة من صفات رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله جل وعلا: «فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك».
وهو اخوتنا الاحبة خطاب الهي يبين فيه عز وجل فضل نبيه العظيم وما من الله عليه من الصفات الكريمة الجليلة ويذكره تعالى نعمته عليه وعلى المسلمين، ان جعل فيه قلبه رحيماً بهم وليناً معهم.
وقد مدح رسوله الكريم بالعفو ونزهة عن الفظاظة والخشونة مع المسلمين مع انه كان فيهم من هم مستحقين لاكثر من اللوم والعتاب بعدما صدر منهم ما اوجب الفشل والهزيمة، كيف؟!
كان ذلك بعد واقعة احد، وقد استحق المخالفون لاوامر النبي (صلى الله عليه وآله) بالثبات في مواقعهم فتركوها وانحدروا نحو الغنائم مما سبب انكساراً في جيش المسلمين، استحقوا التوبيخ من رسول الله والتعنيف لكن سعة صدر المصطفى ورحمته بهم ان لان لهم وتملك من مكارم اخلاقه الفريدة الشريفة، فاحتملهم وتعطف عليهم وعفا عنهم واستغفر لهم فدخلوا تحت لوائه واهتدوا بهداه واقيم عمود الدين وانتظمت شؤون الاسلام، وانقمعت شوكة الكفر والطغيان.
وهكذا يقرر الاسلام صفات القائد الالهي الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله)، اذ تمثلت فيه كاملة سامية لانه مثال الخلق العظيم وبالمؤمنين رؤوف رحيم، حريص على هدايتهم وخيرهم وسعادتهم، وارشادهم الى الصلاح ومرضاة الله تعالى.
واخيراً ايها الاخوة الاعزة ماذا يستفاد من الآية الكريمة التي وصفت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله تعالى: «فبما رحمة من الله لنت لهم»؟!
يجيب اهل المعرفة: ان النبوات السماوية متقومة بامور من اهمها: المظهرية التامة لاخلاق الله تعالى، والمرآتية الكاملة للوحي المبين، وكذا اجتماع جميع الجهات الانسانية في النبي دون نقص فيها، فيستفيض اولاً من الله تعالى وثانياً، يخالط الناس ويعاشرهم فيفيدهم والآية الشريفة تدل على ان الرحمة واللين مع الخلق والتودد مع الناس والرحمة لهم من اجل صفات الله تعالى، فافاضها على نبيه المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) فصارت من سيرته المباركة ثم صارت سبباً في هداية الناس وسعادتهم فخاطبه الباري جل وعلا: «فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله، ان الله يحب المتوكلين». والى لقاء آخر نرجو لكم اعزتنا المؤمنين اطيب الاوقات والسلام عليكم.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة