البث المباشر

وجود خاتم الأوصياء الإمام العصر المهدي الموعود عجل الله فرجه

الأربعاء 19 يونيو 2019 - 12:24 بتوقيت طهران

الحمد لله ولي النعماء، وأزكي صلواته علي خاتم المرسلين والأنبياء، وعلي آله الأوصياء الخلفاء.
أهلاً بكم في هذا اللّقاء الطيّب معكم، وقد بلغ بنا البحث بأدلّته العقليّة المنطقيّة، والنقليّة الروائية، إلي ضرورة استمرار الخلافة الإلهيّة في البلاد، ودوام الحجّة الإلهيّة علي العباد. حجّة لله تعالي بالغة، ومناراً هادياً إلي الحقّ والعدل والفضيلة والإيمان وهو القائل جلّ وعلا: « رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا» (النساء، ۱٦٥) والقائل عزّ من قائل: «لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ» (الأنفال، ٤۲).
إذاً فبعد انقضاء النبوّة، لا سيما النبوّة الخاتمة، كان لا بدّ من أن تنتقل الخلافة الإلهية الي الإمامة وهنا يواجهنا هذا السؤال: ما المقصود بالإمامة، وما هي معالمها وخصائصها؟ ومن هو اللّائق - يا تري - أن يكون إماماً، خليفةً للنبيّ الراحل؟
عرّف العلماء الإمامة بأنّها أصلٌ من أصول الدّين، أي لا يتمّ الإيمان إلّا بالاعتقاد بها، والإمامة - كالنبوّة - من حيث أنّها لطفٌ من الله تعالي، فلا بدّ أن يكون في كلّ عصر إمامٌ هادٍ يخلف النبي في وظائفه، من: هداية البشر، وإرشادهم إلي مافيه الصلاح والسعادة في النشأتين.
وللإمام - ماللنبيّ- من الولاية العامّة علي الناس، تدبير شؤونهم ومصالحهم، وإقامة العدل بينهم، ورفع الظّلم والعدوان من بينهم.
فالإمامة هي استمرار للنبوّة، وهي - كالنبوّة - من حيث أنّها لا تكون إلّا بتعيين الله تعالي ونصّه علي لسان نبيّه، وليست هي باختيار الناس ولا انتخابهم، بل عليهم أن يعرفوه من خلال نبيّهم، ثمّ أن يتـّبعوه من بعد نبيهم، وقد تواتر الخبر عن رسول الله (صلي الله عليه وآله)، قوله: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة).
وهذا الحديث الشريف المستفيض في كتب المسلمين يشير بوضوح إلي أنّه لا يخلو عصرٌ من العصور من إمام مفترض الطاعة، منصوب من قبل الله تبارك وتعالي، ثمّ إنّ هذا الإمام الذي هو خليفة النبيّ، والأسوة الحسنة من بعده، والمبين للآيات والأحكام والسّنن، بالضرورة لابدّ أن يكون مطهّراً معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ماظهر منها وما بطن، منذ ولادته إلي حين وفاته، عمداً أو سهواً، كذا - وبالضرورة أيضاً - لا بدّ أن يكون معصوماً منزّهاً من كلّ عيب ونقص، وسهو وخطأٍ ونسيان، لأنّه مستحفظ علي الدّين وقوّام عليه، وإلّا كيف يطمئن الناس في الأخذ عنه واتّباعه وطاعته إذا كان معرّضاً للتجهل والغفلة والعجز والاشتباه؟! من هنا كان - بالضرورة كذلك - أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال، علما وعبادة وخلقا وسيرة، لكي يكون أسوة حسنة يقتدي به، ولكي ينهض بالتكاليف الإلهيّة الملقاة علي عاتقه، فتنتفع الأمّة من وجوده المبارك وسيرته الطاهرة، فيعمل الإسلام في حياة الناس، ويحيي سيرة النبيّ، وسننه من بعده، ويرسم معالم الدين الحنيف كما يريد الله تبارك وتعالي، وليكون حقاً خليفة الله وخليفة رسوله (صلي الله عليه وآله).

*******

إنطلاقاً من الحقيقة المتقدمة فقد إستدل العلماء الأعلام في دراسات عدة بهذا الحديث الشريف الذي صح عند مختلف فرق المسلمين أي حديث: (من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية).
إستدلوا به علي وجود خاتم الأوصياء الإثني عشر إمام العصر المهدي الموعود وكذلك علي غيبته عجل الله فرجه، لمحة عن ذلك نستمع لها في الحديث الهاتفي لضيف هذه الحلقة من برنامج خلفاء الله سماحة الشيخ باقر الصادقي الباحث الاسلامي من مدينة قم المقدسة:
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
اما ما يرتبط بهذا الحديث المروي في كتب الفريقين عن الخاصة والعامة "من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية" وقد سألوا عن معنى "ميتة الجاهلية" فقال المعصوم (عليه السلام) ميتة الكفر والنفاق، من هذا الحديث المروي كما قلنا في كتب الفريقين نستشف شيئاً مهماً وهو انه لابد من معرفة الامام المفترض الطاعة، الامام هوالامتداد الطبيعي للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن النبوات ختمت بنبينا الاكرم صلوات الله عليه وآله ولابد لأستمرار هذا الخط وكان الاستمرار في قضية الامامة ووردت روايات كثيرة في استمرار الامامة الى الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) اما من نصوص العامة فهناك روايات كثيرة التي حدثت بشكل عام كما عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: "يكون بعدي اثنى عشر اميراً".
ثم تكلم بشيء خفي علي فقال: "كلهم من قريش" هذه الرواية في تاريخ بغداد الجزء الرابع عشر كذلك عن الشعبي عن مسرور قال: "بينا نحن عند ابن مسعود نعرض مصاحفنا عليه اذ قال له فتى شاب: هل عهد اليكم نبيكم من يكون بعده خليفة؟
قال: انك لحدث السن وهذا شيء ما سألني عنه احد قبلك، نعم عهد الينا (صلى الله عليه وآله) انه يكون من بعده اثنى عشر خليفة بعدد نقباء بني اسرائيل" اذن هناك في هذا المعنى روايات كثيرة التي تشير الى اثنى عشر خليفة، نعم هناك تشخيص بشكل واضح في الاسماء كما في روايات متعددة للتبرك اذكر رواية واحدة من هذه الروايات عن جابر بن عبد الله الانصاري يقول: لما انزل الله عزوجل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) - «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ» - .
قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله ومن اولي الامر الذين قرن طاعتهم بطاعتك؟
فقال (صلى الله عليه وآله): هم خلفائي يا جابر وائمة المسلمين من بعدي اولهم علي بن ابي طالب ثم الحسن والحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فأذا لقيته فأقرأه عني السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سمي وكني (يعني سمي النبي وكني النبي) حجة الله في ارضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي ذلك الذي يفتح الله ذكره على يديه مشارق الارض ومغاربها وذلك الذي يغيب عن شيعته واولياءه غيبة لايثبت فيها على القول بأمامته الا من امتحن الله قلبه للايمان، ... الى آخر الحديث، اذن من خلال هذا النص شخص الاثنى عشر النبي (صلى الله عليه وآله) وآخرهم هو المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) اذن هذا الحديث: "من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية" يعني ميتة الكفر والنفاق فلابد من معرفة الامام صاحب العصر وهو في يومنا هذا هو الامام المهدي الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الارض والسماء وكما قلت في البداية هذا الحديث: "من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية" ليس في طرقنا الخاصة فقط وانما ورد في طرق القوم وكذلك ومن احب ان ينظر الى الاسانيد فليشاهد وهذا دليل واضح على امامة الامام ولابد من وجوده لكي لاتخلو الارض من حجة، الله ابا ان تخلو الارض من حجة ولو خليت لساخت بأهلها والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين.

*******

الآن نفزع إلي النصوص الروائية الشريفة، نستنير من خلالها معالم الإمامة ومفاهيمها العقائدية العالية، فنقرأ فيما نقله الطبريّ في (تاريخه)، وابن الأثير في (الكامل)، والخوارزميّ الحنفيّ في (مقتل الحسين (عليه السلام))، أنّ الإمام أبا عبدالله الحسين (عليه السلام) كتب كتاباً في جواب أهل مكة، بعد أن نهض في وجه إمام الباطل، فجاء في كتابه قوله (عليه السلام): (فلعمري ما الإمام إلّا العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والداين بالحقّ، والحابس نفسه علي ذات الله).
وفي حديث طويل للإمام عليّ بن موسي الرضا (عليه السلام)، عرّف من خلاله الإمامة والإمام، رواه الشيخ الكليني في (الكافي ) جاء قوله (عليه السلام): (إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء، وإرث الأوصياء، إنّ الإمامة خلافة الله، وخلافة الرسول (صلي الله عليه وآله)).
إلي أن قال (سلام الله عليه): (إنّ الإمامة زمام الدّين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعزّ المؤمنين. إنّ الإمامة أسّ الإسلام النامي، وفرعه السامي).
ثمّ ينتقل الإمام الرضا (سلام الله عليه) إلي تعريف الإمام فيقول:
الإمام يحلّ حلال الله، ويحرّم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذبّ عن دين الله، ويدعو الي سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة.
الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم وهي في الأفق، بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار. الإمام البدر المنير، والسّراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدّجي، الإمام الماء العذب علي الظّماء، والدّالّ علي الهدي، والمنجي من الرّدي، الإمام السّحاب الماطر، والغيث الهاطل، والشمس المضيئة، والسماء الظّليلة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة والغدير والروضة.
الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق ، والأخ الشقيق، والأمّ البرّة بالولد الصغير، ومفزع العباد، في الداهية النّآد.
الإمام أمين الله في خلقه، وحجّته علي عباده، وخليفته في بلاده، والداعي إلي الله، والذّابّ عن حرم الله، الإمام المطهّر من الذنوب، والمبرّأ عن العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلمم. الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل، ولا له مثل ولا نظير. مخصوص بالفضل كلّه، من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضّل الوهّاب.
ثمّ يتساءل الإمام (عليه السلام) منبّهاً:
فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره، هيهات هيهات! ضلّت العقول وتاهت الحلوم، وحارت الألباب وخسئت العيون، وتصاغرت العظماء، وتحيّرت الحكماء، وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الألبّاءف وكلّت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء،عن وصف شأن من شأنه (أي من شأن الإمام)، أو فضيلة من فضائله، وأقرّت بالعجز والتقصير.
إلي أن قال (عليه السلام) رادّاً علي أنّ الخليفة بالانتخاب: هو بحيث النجم من يد المتناولين، ووصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟! أتظنّون أنّ ذلك يوجد في غير آل الرسول (صلّي الله عليه وآله وسلّم).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة