وذكرت اذ وقفت عقيلة حيدر
محزونة تصغي لصوت اخيها
بأبي التي ورثت مصائب امها
فغدت تقابلها بصبر ابيها
لم تله عن جمع العيال وحفظهم
بفراق اخوتها وفقد بنيها
لاقت العقيلة زنيب الكبرى ما لاقت من المصائب المهولة، والرزايا المذهلة، والفجائع الرهيبة، فضحت وصبرت، وتكفلت اليتامي والارامل، وجمعت العيال المشردين في صحراء كربلاء وحفظتهم، فكانت كأمها الزهراء (عليها السلام) في نهجها من التضحية لله تعالى، لتثبيت الحق واعلاء معالم الرسالة ورفع لواء الامامة المظلومة، فلها المنن الجمة على كل معتنقي الاسلام، ولها في اعناقهم ان يسعوا في احياء ذكرها، والاشادة بمآثرها، والاستضاءة بسيرتها... فمن كزينب في التاريخ خاضت غمار واقعة عظمى كواقعة الطف، ومن كزينب ضحت وعانت في تلك النكبة العظمى كنكبة كربلاء الحسين، ومن كزينب شهدت كما شهدت يوم عاشوراء، فصبرت...
رأت اطفال اخوتها عطاشى
كؤوس الحتف تسقى بالنبال
رأت اخوانها الأبرار صرعى
مجزرةً على وجه الرمال
رأت تلك الوجوه معفرات
مغيرة المحاسن والجمال
رأت خيل العداة ترض صدراً
لكافلها بميدان القتال
رأت أبيات آل الله نهباً
وفيها النار تلهب باشتعال
رأت خفرات أحمد حائرات
حواسر قد برزن من الحجال
رأت تلك الأيامى واليتامى
تسير الى الشآم على الجمال
رأت تلك الرؤوس يد الاعادي
تطوف بها على الأسل الطوال
رأت زين العباد يئن شجواً
من الأغلال والداء العضال
رأت بيد العدى تلك الأسارى
وهن مربقات بالحبال
وراحت للشآم ولا كفيل
سواها لليتامى والعيال
بكوفان رأت والشام ما لا
يمر من المصاب على خيال
ولم تعهد له الأيام شبهاً
ولم يخطر لذي نظر ببال
بعد هذه الابيات المعبرة عن جانب من الخصائص الزينبية ننتقل الى هذا الحوار مع الشيخ باقر الصادقي وحديث عن تجلي احد الاخلاق الفاضلة في عقبلة آل هاشم.
*******
سلام عليكم احباءنا ها قد وصل الدور الى هذه الفقرة من فقرات البرنامج ولقاء بضيف البرنامج الشيخ باقر الصادقي:
المذيع: سماحة الشيخ الصادقي، تحدث الكثيرون عن دور الصديقة الزهراء (عليها السلام) في الدفاع عن شريعة ابيها محمد (صلى الله عليه وآله) كما تحدث الكثيرون عن دور السيدة زينب (عليها السلام) في نقل رسالة اخيها الحسين (عليه السلام) ولكن الحديث في هذه الحلقة ليس في هذا الجانب، الحديث فيما يرتبط بدور السيدة زينب في نقل وتعريف الامة بأخلاقيات اهل البيت (عليهم السلام) ومنها اخلاقية الرضا والتسليم لارادة الله -تبارك وتعالى-، ما هي مظاهر تجلي هذا الخلق الالهي في سيدتنا زينب (عليها السلام).
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، العبد حينما يتعلق قلبه بالله - تبارك وتعالى- كما ينقل ارباب المعرفة فكل شيء يأتيه من قبل الله - تبارك وتعالى- يأتيه ويأخذه بعين الرضا وعين التسليم وهذا في الحقيقة من جملة الاشياء التي تجعل العبد وجيهاً عند الله - عزوجل- وقريب من الله - عزوجل- وهذه الحالات طبعاً لا تأتي الا بعد الرياضة والمجاهدة وبعد الوصول الى الدرجة العالية من المحبة الالهية بحيث يقبل وهو ملئه رضاه يعني لا يعترض على القضاء الالهي ومن هنا ما نلاحظه في سيرة العقيلة الحوراء زينب (عليها السلام) يعني اخذت وقبل ان تتوجه اصلاً الى كربلاء كان عندها هذا التسليم وتدرون ان في الليلة الاخيرة لشهادة ابيها امير المؤمنين (عليه السلام) قالت ابه حد ثني بحديث ام ايمن، حديث ام ايمن الذي ينقل في الحقيقة ما يجري على الحسين وما يجري على زينب فهي على علم لكن مع ذلك احتسبت وصبرت بل رأيت رواية انه اقبل ابن عباس في المدينة وحاول ان يثني الامام الحسين (عليه السلام) من التوجه الى العراق ولما رأى اصرار الامام الحسين على الذهاب الى العراق قال اذن لا تأخذ العلويات معك فيقول اذا اسمع صوتاً من خلف الستار وكأنما كان الامام الحسين في بيت الحوراء زينب او العكس هي جاءت لعيادة اخيها الامام الحسين يقول اسمع صوت من خلف الستر فقالت يا ابن عباس تشير على عميدنا ان يرحل ونبقى هنا بل نحن نذهب معه نحيا بحياته ونموت بمماته وهل ابقى لنا الزمان غيره يعني هي كانت موطنة نفسها الى ان تقف الى جنب الحسين (عليه السلام) من اجل نصرة الامام الحسين ونعم ما اجاد الشاعر:
وتشاطرت هي والحسين بدعوة
حتم القضاء عليهما ان يندبا
هذا بمعترك النصول وهذه
من حيث معترك المكاره في السبا
فهي الراضية كأمها الزهراء (عليها السلام) وهي المرضية ورضيت بقضاء الله فسلمت وينقل ارباب السير والتاريخ هناك علامات لهذا الرضا، قرائن لهذا الرضا حينما خاطبت الطاغية في الكوفة حينما قال لها ارايت كيف صنع الله بأخيك الحسين قالت ما رأيت الا جميلاً وهذا في الحقيقة صورة واضحة تعكس الرضا في قلبها للقضاء الالهي وما جرى عليها بالنسبة.
المذيع: عبارتها مع يزيد اولئك قوم كتب الله عليهم الموت.
الشيخ باقر الصادقي: مع عبيد الله بن زياد.
المذيع: نعم عفواً مع عبيدالله بن زياد هو نفس هذا التعبير كتب الله تعبير عن التسليم لما اراده الله.
الشيخ باقر الصادقي: نعم احسنتم اولئك قوم كتب عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وهذه العبارة واضحة في الرضا بالقضاء الالهي وفي الحقيقة هذه من جملة ما يطلب الانسان المؤمن في زيارة امين الله التي هي من اوثق الزيارات سنداً ومتناً المروية عن الامام زين العابدين لما زار قبر جده امير المؤمنين اول شيء طلبه اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضية بقضاءك هذه في الحقيقة حالة تعكس ايمان الحوراء وحب الحوراء زينب لله - تبارك وتعالى- وهذا الايمان انعكس في رضاها بقضاء الله - عزوجل-.
المذيع: رزقنا الله واياكم سماحة الشيخ وجميع الاخوة والاخوات نفحات من هذا الرضا الزينبي بقضاء الله وتقديره وشكراً لكم.
*******
نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج (اخلاق زينبية) وقفة عند المواساة في سيرة عقيلة الهاشميين فلقد واست زينب الكبرى اباها امير المؤمنين (عليه السلام) في محنه بعد مواساة الزهراء (عليها السلام) اياه، ثم من بعده واست اخاها الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) في أيام الفتن والارتداد، بعده عاضدت اخاها الامام ابا عبد الله الحسين (عليه السلام)، فما تركته وحده أبداً، فشاركته في نهضته من أولها الى آخرها، في حياته... وبعد شهادته، لم تأل جهداً عن مؤازرته ومواساته، والتضحية على طريقه ومنهاجه الالهي، فعايشته في محنه ومهمات، حتى كانت نعمت الاخت المواسية لأخيها، ونعمت الموالية المضحية الصابرة، أقدمت على ذلك وهي على يقين وبصيرة وايمان، وسارت في ركب الامام الحسين سيد شباب اهل الجنة مصطحبةً معها عقائل الوحي، ثم كان عليها ان تشهد تلك المشاهد الرهيبة في يوم عاشوراء، على ارض، طف كربلاء!
*******