البث المباشر

حفظ الامانة الالهية في سيرة السيدة زينب الشيخ باقر الصادقي يتحدث عن تجليات هذا الخلق في موقفها من يزيد الوثاقة من أخلاق مولاتنا زينب (سلام الله عليها)

السبت 25 مايو 2019 - 12:12 بتوقيت طهران

السلام عليكم مستمعينا الاماجد ورحمة الله وبركاته، تعلمون اعزاءنا ان النفوس المتطلعة الى المعالي، والمتطلبة طريقاً سالكاً الى الكمال، تنتهج لها من اخلاق عظماء الاسلاف مما امتازوا به من سيرة فاضلة كريمة، ومواقف نبيلة شريفة... فتستجلي آثارهم، وتستلهم اخبارهم، فعلى ذكرياتهم تنهض الامة‌ لما فيها من: تصحيح العقدية، وتهذيب النفوس، واكتساب الفضيلة، واقتباس المعارف، واقتناء ‌المواعظ النيرة.
ومن هؤلاء الأسلاف الذين ينبغي ان تؤخذ منهم الدروس الكبرى: عقيلة الوحي وربيبة بيت النبوة،‌ وريحانه الامام علي وفاطمة ‌الزهراء، وشقيقة سيدي شباب اهل الجنة الحسن والحسين... تلك هي زينب.. وما ادرانا من زينب!

هي زينب... لو كنت تعرف زينبا

شأت الورى اماً... وبزتهم أبا

اخت الحسين... ومن أتمت بعده

نهج الجهاد... وقارعت نوب السبا

درجت بيثرب عند دار المصطفى

والصون يخفرها... فسائل يثربا

سلها عن الحوراء سل عن عزها

متقصياً... ولما حوته منقبا

قد الهمت اسرار نهضة كربلا

واستوعبتها وهي في عهد الصبا

وتعلمت من امها مكنون ما

اوحى النبي لها... وما قد غيبا

*******

ايها الاخوات والاخوة، عندما نراجع خطب مولاتنا زينب (عليها السلام) ومنها خطبتها التأريخية في مسجد الطاغية يزيد في الشام نجد فيها من معالم الهداية وتجليات الاخلاق الالهية ما يحير العقول. نواصل الحديث حول هذا الموضوع مع الصادقي:
المذيع: الشيخ الصادقي الحديث عن الاخلاق الزينبية حديث قليل مهما كثر وحديث كثير مهما قل بأعتبار ان ما قل عنه يعبر عن مقامات سامية وتجليات عجيبة وعالية للاخلاق الالهية في هذه العقيلة الفاطمية ولكن فيما يرتبط بخطبة الحوراء (سلام الله عليها) الشامية هناك دلالات حملتها هذه الخطبة أشرتم إليها في الحلقة السابقة فيما يرتبط بوصف هذه الخطبة من بعض العلماء تفضلوا بأكماله؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم قال الامام كاشف الغطاء بعد أن وصف هذه الخطبة وما تفضلت به الحوراء زينب(ع) قال أتستطيع ريشة أعظم مصور وأبدع ممثل أن يمثل لك حال يزيد وشموخه بأنفه وزهوه بعرشه وسروره بأتساق الامور وانتظام الملك ولذة الفتح والظفر والتشفي والإنتقام بأحسن من ذلك التصوير والتمثيل وهل بقدرة أحد أن يدفع خصمه بالحجة والبيان والتقريع والتأنيب إشارة الى أن السيدة زنيب انبت وقرعت يزيد.
المذيع: كلمة حق عند سلطان جائر.
الشيخ باقر الصادقي: وبكل شجاعة ويبلغ ما بلغته السيدة زينب(ع) بتلك الكلمات وهي على الحالة التي عرفت مثلما وصفنا عفتها في الحلقة السابقة، كما تحدث عن ذلك الاديب قال لم ار خفرة انطق منها خفرة يعني حالة من الخجل والحياء كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قال ثم لم تقتنع منه بذلك حتى ارادت ان تمثل له وللحاضرين عنده ذلة الباطل وعزة الحق وعدم الاكتراث بالقوة والقدرة والسلطة والهيبة والرهبة ارادت ان تعرفه خسة قدره وضعت مقداره ولؤم فرعه وشناعة فعله هذه في الحقيقة كلمة ذكرها الامام كاشف الغطاء‌ في كتاب (السياسة الحسينية).
المذيع: سماحة الشيخ في ما يرتبط بقضية الامانة الالهية عندما نتدبر في خطبتها (سلام الله عليها) ولعله في مجمل مواقفها بعد قضية وواقعة كربلاء نلاحظ أنها تقوم بدور وكأنها تحمل امانة إلاهية تريد ان تبلغها الى الناس عموماً و للاجيال اللاحقة.
الشيخ باقر الصادقي: بلاشك هذا واضح وجلي خلال هذه الخطبة وخطب أخرى ولعل ما تفوهت به وقالت يا يزيد كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا الوحي اشارة الى‌ الرسالة ثم قالت في آخر الخطبة‌، الحمد لله الذي ختم لاولنا بالسعادة والرحمة، اشارة الى النبي (صلى الله عليه وآله) ولآخرنا بالشهادة والمغفرة اشارة الى شهادة إبي عبد الله الحسين (عليه السلام).
المذيع: بأعتباره آخر اصحاب الكساء.
الشيخ باقر الصادقي: نعم واسئل الله ان يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد وحسن المآب ويختم بنا الشرافة انه رحيم ودود في الحقيقة هذه اشياء واضحة في انها تحملت الامانة وانما جاء بها الامام الحسين لمعرفته لمقام الحوراء زينب في اداء وتكملة المسيرة والنهوض بالامانة والقاء الحجة على الخصم وفي نفس الوقت انه في الحقيقة المحافظة على حجة العصر الامام زين العابدين والقيام بشؤون هذه الثورة‌ وما تبقى من مسؤوليات بعد شهادة الامام الحسين (عليه السلام).
المذيع: يستشعر من فقرات هذه الخطبة التي قرأتم الآن بعضها عمق ثقة السيدة زينب (سلام الله عليها) بالله تبارك وتعالى لو سمحتم هذه الخصلة وهذا الخلق الاسلامي الرفيع الثقة بالله تبارك وتعالى يكون موضوع الحلقة المقبلة ان شاء الله، شكراً للشيخ الصادقي.

*******

كيف يتصور مقام زينب وهي الملقبة بـ «الموثقة»، اذ وثق بها اصحاب الكساء اهل بيت العصمة والطهارة، ثم وثق بها الامام زين العابدين (عليه السلام) حتى قال لها: «عمة، انت عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة». فكانت (عليها السلام) خازنة للأسرار مؤتمنةً عليها، حافظةً للودائع الالهية، أمينةً فيها، مؤديةً للأمانة، مأمونةً عند الناس جميعاً مرضيةً لديهم، فروت عن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله وسلم» اخباراً يبنى عليها الاسلام، وروى ‌عنها مثل ابن عباس مع وجاهته عند الناس ومنزلته، حتى اذا روى خبراً عنها قال مفتخراً بها ومجلاً لمقامها: «حدثتنا عقيلتنا..». وفي ذلك يقول الشاعر:

وكم قال ابن عباس فخوراً

عقيلتنا... ويا نعم العقيله

ومن رواياتها المهمة ‌ما نقلها العلامة المجلسي في (بحار الانوار) عن كتاب (علل الشرائع) للشيخ الصدوق بسند يتصل برجال من أهل البيت عن زينب بنت علي (عليها السلام)، عن أمها فاطمة عليها السلام، روت عنها خطبتها التي خطبتها في مسجد النبي بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأيام، فحفظت زينب تلك الخطبة الشريفة على طولها من أمها الزهراء، ولم تكن بلغت يومذاك اكثر من اربع سنين،‌ ثم روتها وعنها اخذها الرواة بأسانيد عديدة، كان منها ما انتهى الى ‌الشهيد زيد بن علي بن الحسين، عن عمته زينب عن فاطمة (‌سلام الله عليهم)، وبسند آخر رواه ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة) فاخذ كل ما روي عن العقيلة زينب (عليها السلام)، لأنها المرأة الجليلة الموثقة، والتي كان من ألقابها «امينة الله».
ومضت زينب العقيلة مع أخيها الحسين (عليه السلام) وعليها، وقد ائتمنها على اسرار الامامة، ودخلت معه في مشاهد الطف المهولة، وعاشت تلك الفاجعة الأليمة التي لا توصف، ليكون من بعض مهامها وهي الامينة الموثقة المؤمونة ان تنقل للتاريخ وللأجيال ما جرى‌على ساحة الطف، وما كان في يوم عاشوراء .. على أرض كربلاء، وكان لها خطاب مدو في الملأ في عمق القرون ما يزال:

وكان جهادها بالقول أمضى

من البيض الصوارم والنصال

روت عن امها الزهرا علوماً

بها وصلت الى حد الكمال

مقاماً لم تكن تحتاج فيه

الى تعليم علم او سؤال

ونالت رتبةً في الفخر عنها

تأخرت الاواخر والاوالي

وشاركت الحسين بكل خطب

يهد الراسيات من الجبال

فزينب في رزايا الطف كانت

تذوق الموت حالاً بعد حال

 

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة