البث المباشر

سيادة العفو والتسامح والقيم الإنسانية

الأربعاء 8 مايو 2019 - 09:01 بتوقيت طهران

السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله وبركاته.. بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج نخصصها للحديث عن أصل العفو والتسامح والدعوة للقيم الإنسانية، وهو من أصول الحياة الطيبة التي دعانا لها القرآن الكريم، حيث قال عز من قائل في الآية المائة والتاسعة والتسعين من سورة الأعراف: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ". قال الإمام الصادق – عليه السلام – في تفسير الآية كما ورد في تفسير العياشي: "إن الله تعالى أدب رسوله – صلى الله عليه وآله – بذلك أي خذ منهم ما ظهر وما تيسر".
وروى الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه أن أميرالمؤمنين عليه السلام قال لرجل من ثقيف كان يعمل في جباية ضريبة الخراج: "إياك أن تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج، أو تبيع دابة عمله فإنا أمرنا أن نأخذ العفو".
مستمعينا الأفاضل، وقد استفاد المفسرون من هذه الآية الكريمة الجامعة أصل التعامل مع الناس في جميع المجالات بالعفو والتسامح وبما لا يشق عليهم وبما تقتضيه القيم الإنسانية أي العرف وهو المستحسن من الأفعال والأعراض عن الأخطاء الناشئة من الجهل، قال الشيخ الطوسي في كتاب التبيان في تفسير القرآن (أمر الله تعالى نبيه أن يأخذ مع الناس بالعفو، وهو التساهل فيما بينه وبينهم وقبول اليسير منهم الذي سهله عليهم ويسر فعله لهم، وأن يترك الإستقصاء عليهم في ذلك، وهذا يكون في مطالبة الحقوق الواجبة لله تعالى وللناس وغيرها. وهو في معنى الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله "رحم الله سهل القضاء سهل الإقتضاء". ولا ينافي ذلك أن لصاحب الحق والديون وغيرها استيفاء الحق وملازمة صاحبه حتى يستوفيه، لأن ذلك مندوب إليه دون أن يكون واجبا. وقد يكون العفو في قبول العذر من المعتذر وترك المؤاخذة بالإساءة. وقوله: (وأمر بالعرف) يعني بالمعروف، وهو كل ما حسن في العقل فعله أو في الشرع، ولم يكن منكرا ولا قبيحا عند العقلاء. وقوله عزوجل "وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" أمر بالإعراض عن الجاهل: السفيه الذي إن كلمه سفه عليه وآذاه بكلامه. وأمره إذا أقام عليهم الحجة وبين بطلان ما هم عليه من الكفر والمعاصي أن يعرض عنهم ولا يجاوبهم في مكروه يسمعه، صيانة لنفسه عنهم).
أيها الإخوة والأخوات وقد بين الإمام الصادق والإمام الرضا – عليهما السلام – أن هذه الآية الكريمة تأمر بمداراة الناس، وهي التي تدعو المؤمنين من جهة ثانية إلى مواجهة الأخطاء بالدعوة إلى تحكيم القيم الإنسانية التي يقبلها الجميع.
وبهذه الخلاصة ننهي حلقة اليوم من برنامج (حياة القرآن) استمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة