بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على شموس نور الله المصطفى سراج الله المنير وآله مصابيح الهدى وأهل آية التطهير.
- السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله.
- نحييكم بتحية الإسلام الطيبة المباركة، مرحبين بكم وأنتم ترافقوننا في حلقة اليوم من هذا البرنامج فأهلاً بكم ومرحباً.
- أيها الأكارم ظهور الآيات البينات من خصائص بيوت النور التي جعلها الله ملاذاً لعباده.
- وقد ذكر الله تبارك وتعالى هذه الخصوصية ضمن حديثه عن سيد بيوت النور المسجد الحرام، وذكر نموذجاً لتلك الآيات البينات هو مقام إبراهيم عليه السلام وأثر قدميه الشريفتين الباقي الى اليوم على صخرة المقام.
- ويلاحظ في نص الآية ۹۷ من سورة آل عمران أنه ذكر الآيات البينات بصيغة الجمع، الأمر الذي يدل على أن مقام إبراهيم الخليل على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام هو أحد هذه الآيات البينات ذكره القرآن مثالاً دالاً عليها.
- فالآيات البينات التي يظهرها الله عزوجل لبيان شرف سيد بيوت النور وأولها عديدة منها ما أظهره عزوجل من الشق الإعجازي لجدار الكعبة لكي تدخل منه السيدة الجليلة فاطمة بنت أسد لتضع في فناء الكعبة وليدها أميرالمؤمنين علي عليه السلام.
- وكانت هذه الآية البينة هداية للمؤمنين الى ولي الله الذي ارتضاه عزوجل لكي يكون أميراً لهم ووصياً لرسوله المصطفى وباب علمه الذي منه يأخذ المؤمنون علوم مدينة العلم الإلهي الهادي المختار صلوات الله عليه وآله الأطهار.
- روى الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي بسنده عن العالم القرآني الشهيد سعيد بن جبير ، قال : قال يزيد بن قعنب :
- كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكانت حاملة به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق ، فقالت :
- رب إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) ، وإنه بنى البيت العتيق ، فبحق الذي بنى هذا البيت ، وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي .
- قال يزيد بن قعنب : فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا ، والتزق الحائط ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عز وجل ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ،
- ثم قالت : الحمد لله إني فضلت على من تقدمني من النساء ، لان آسية بنت مزاحم عبدت الله عز وجل سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا ، وإن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا ، وإني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها ، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف : يا فاطمة ، سميه عليا ، فهو علي ، والله العلي الأعلى يقول : إني شققت اسمه من اسمي ، وأدبته بأدبي ، ووقفته على غامض علمي ، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي ، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي ، ويقدسني ويمجدني ، فطوبى لمن أحبه وأطاعه ، وويل لمن أبغضه وعصاه.
- مستمعينا الأفاضل، هذه الآيات البينات في المسجد الحرام منمصاديق كونه "مباركاً" لذلك حفظها الله للأجيال، فمثلما حفظ أثر قدمي خليله إبراهيم عليه السلام في مقامه المبارك، حفظ أيضاً الى اليوم أثر المحل الذي إنشق منه جدار الكعبة لدخول والدة أميرالمؤمنين عليه السلام على الرغم من محاولات الطواغيت على مر التأريخ لطمس معالمه.
- أيها الإخوة والأخوات، والبركات التي جعلها الله في بيته المعظم ثابتة مستقرة لا زوال لها يمكن لطالبيها الحصول عليها في كل زمان حفظها الله لهم مثلما حفظ الآيات البينات فيه ليستدلوا بها على كرامة هذا البيت وبركاته.
- وهذا ما أشار إليه العلامة الأديب السيد الشريف الرضي في كتابه القيم (حقائق التأويل) وهو يتحدث عن الآيات الكريمة التي إستنرنا بها في بداية اللقاء؛ قال – رضوان الله عليه -:
- المراد بذلك أن أول بيت امر الله تعالى ببنائه البيت الحرام ، لما أراد الله سبحانه من تعظيم قدره وإسناء ذكره ونفع الناس به ، ومما يقوي ذلك قول إبراهيم وإسماعيل : ( ربنا تقبل منا ) فدل ذلك على أنهما جعلا بناء البيت جهة من جهات القربة إلى الله سبحانه في اتباع امره والعمل لوجهه ، فكان فحوى هذا الكلام يحتمل أن يكونا أمرا بأمر فاتبعاه.
- ثم قال السيد الشريف الرضي – رضوان الله عليه -: ومعنى قوله تعالى : ( مباركا ) أي : ثابت النفع للناس ، لان أصل البركة مأخوذ من الاستقرار والثبوت ، وهو قولهم : برك بركا وبروكا ، إذا ثبت على حاله ، والبركة : ثبوت الخير واستقراره وزيادته ونماؤه ، ومنه قولهم : ( تبارك الله ) أي : ثبت ولم يزل ولا يزال ، وقد يمكن - على ما قدمناه - أن يكون معنى كونه مباركا ثبوت العبادة فيه ولزومها واستمرارها واتصالها ، على ما يحكى من أن الطواف به لا يكاد ينقطع ليلا ولا نهارا ، أو التوجه إليه في الصلاة متصل على وجه الدهر لا انقطاع له ولا زوال .
- مستمعينا الأكارم، ختاماً تقبلوا منا جزيل الشكر على كرم المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (بيوت النور).
- إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.