بسم الله والحمد لله الذي لا يطفأ نوره ولو كره المشركون..
- والصلاة والسلام من بهم يتم نوره منار هداية للعالمين سيد الخلق محمد المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
- السلام عليكم مستمعينا الأطائب وطابت أوقاتكم بكل خير ورحمة وبركة.
- تحية طيبة مباركة نحييكم بها وندعوكم لمرافقتنا في حلقة اليوم من هذا البرنامج.
- مستمعينا الأفاضل، الله تبارك وتعالى هو مبدأ كل هداية، وقد جعل في الأرض بقاعاً هي منارات هداية، سيدها وأولها هو بيته المعظم.
- وقد تحدثنا في حلقات سابقة من هذا البرنامج عن عديد من مصاديق الهداية المباركة التي تشع أنوارها من البيت الحرام، ونتحدث في هذا اللقاء عن نموذج لتدبير الله عزوجل بأجمل التدبير وأحسنه لأمر هداية أحد زائري بيته المعظم وإخراجه من ظلمات معاداة أولياء الله إلى نور الولاء الحق.
- هذا النموذج جاء في رواية مروية من طرق الفريقين، فقد رواها المفسر المحدث الجليل فرات بن إبراهيم الأسدي الكوفي في كتابه القيم في التفسير، كما رواها من علماء أهل السنة الحافظ العاصمي في كتابه "زين الفتى" ننقل لكم أيها الأعزاء تفاصيلها بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
- جاء في هذه الرواية مسنداً عن ميمون بن بن مهران قال : «كنت مع عبد الله بن عباس في الطواف ، فإذا هو بشاب متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : اللّهمّ إنّي أبرأ إليك من عليّ بن أبي طالب ، وممّا أحدث في الإسلام . فقال لي ابن عباس: ادع لي ذلك الشاب . قال : فدعوته إليه ، فجاء فجلس عن يمين ابن عباس . فقال له ابن عباس : من أنت ؟ وما أسمك ؟ قال : أنا زمعة بن خارجة الخارجي . قال : فقال له ابن عباس : يا زمعة وما أحدث عليّ في الإسلام ؟ قال : إنّه قتل المسلمين يوم الجمل وصفين .
- أدرك ابن عباس أن هذا الرجل قد ضللته دعايات طواغيت بني أمية ضد الوصي فنسفها بذكر بعض منابقه – عليه السلام – قال الراوي: فقال له ابن عباس : إن عليّ بن أبي طالب شهر سيفه على من خرج على الأمة وقاتل الأئمة ، ولو لم يكن لعلي إلاّ أربع خصال كانت له سوابق فوالله لقد سبقت لعليّ سوابق لو قسمت واحدة منهنّ على جميع الخلائق ( أهل الأرض ) لوسعتهم .
- قال الرجل : وما هي يا بن عباس أعددها على لأتوب ، إخبرني بواحدة منهن . قال ابن عباس : أمّا أولاهن أنّه كان أوّل الناس إسلاماً ، فإنّه صلّى مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) القبلتين وهاجر معه ، ولم يعبد صنماً قط.
- وكان الرجل الخارجي قد عرف بمنزلة ابن عباس وعلمه فاهتز عما سمع وقذف الله في قلبه نور الهداية المتشعشع في بيت نوره المعظم، فطلب المزيد وهو يعلن التوبة، قال الراوي ابن مهران: فقال الرجل: يا بن عباس زدني، فإني تائب.
- قال ابن عباس: والثانية : إنّه – يعني علياً - كان يسمع حسّ جبرئيل على محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالوحي دوننا . والثالثة : لمّا أراد الله أن يزوّج كريمته فاطمة من عليّ أمر الحور العين أنّ يتزيّنَّ وأمر طوبى أن تنثر فنثرت الدرّ مثل القِلال ، فكنّ يلقطن وهن يتهادين إلى يوم القيامة ، ويقلن هذه هدايا فاطمة بنت محمّد .
- أيها الإخوة والأخوات، قبل أن نتابع نقل هذه الرواية المؤثرة نشير إلى بعض تجليات اللطف الإلهي في تدبير أمر هداية هذا الخارجي الذي أمّ بيته المعظم.
- فمنها أن الله جلت حكمته قدّر أن يكون عبدالله بن عباس حاضراً في الطواف عندما تعلق الخارجي بأستار الكعبة وهو يقول ما قال.
- فلا يخفى أن ابن عباس كان قد سمع كثيراً من أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وآله – بشأن منزلة علي المرتضى عليه السلام ورواها وعاصر عن قرب أميرالمؤمنين وعرف سيرته مثلما عرف بكل تفصيل مساعي طواغيت بني أمية لتشويهها.
- لذا فهو الأقدر من غيره على الإجابة عن إدعاءات من يسيء لأميرالمؤمنين عليه السلام، وأقدر على تعريف الآخرين بمنزلة عليه السلام.
- كما أن من تجليات هذا اللطف أن الله عزوجل قدّر أن يسمع ابن عباس هذا الخارجي يقول ما يقول وهو متعلق بأستار الكعبة؛ ليعرف من ذلك بأنه ليس ذا نية سيئة في معاداة أميرالمؤمنين عليه السلام وإنما موقفه ناتج من الجهل بمنزلة الإمام علي – عليه السلام – والتأثر بدعايات طواغيت بني أمية، وهذا الأمر دفع ابن عباس للإهتمام به السعي في إزاحة ظلمات الجهل والتضليل عن قلبه لكي يعرف الحق.
- جاء في تتمة الرواية، حديث ابن عباس عن الكرامة الإلهية التي نزلت على أميرالمؤمنين عليه السلام وهو يطهر بيت الله الحرام من رجس الأوثان، فقال للخارجي:
- ولمّا فتح النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مكة دخلها فإذا هو بصنم لخزاعة على الكعبة يُعبد من دون الله ، فقال النبيّ لعليّ : يا عليّ انطلق بنا حتى نكسر صنم بني خزاعة - وكان لبني خزاعة صنم عند الميزاب - فانطلقا فلمّا انتهيا إليه ، قال عليّ ( عليه السلام ) للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم): أطمئن لك فترقى عليّ ، ثمّ انحنى عليّ وقال : ارق يا رسول الله ، فوضع النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) رجله على كتف عليّ فكاد عليّ يتكسر فاستغاث بالنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وقال : ألا تأنّ يا رسول الله فقد كادت أعضائي يختلف بعضها في بعض.
- وتابع ابن عباس روايته قائلاً: فرفع النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) رجله عن كتف عليّ وقال : يا عليّ ذلك ثقل النبوة ، لو أنّ أمتي اطمأنوا لي لم يُعلوني لموضع الوحي ، ثمّ قال : ولكن أطمئن لك فترقى عليّ ، فاطمأن له فرقى عليٌ وكان طول الكعبة أربعين ذراعاً فقال له النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : يا عليّ هل وصلت ؟ قال : يا رسول الله لو أردت أن أمس السماء لمسستها ، فأخذ الصنم فضرب به الصفا فصار إرباً إربا ثمّ وثب إلى الأرض وهو ضاحك ، فقال له ما أضحكك يا عليّ ؟ قال : عجبت لسقطتي ولم أجد لها ألما ، فقال رسول الله : وكيف تألم منها ، وإنّما حملك محمّد وأنزلك جبرئيل . قال الراوي : فتاب زمعة الخارجي ووالى عليّاً ( عليه السلام ).
- نشكركم أطيب الشكر مستمعينا الأطائب على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج (بيوت النور) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- تقبل الله أعمالكم ودمتم في أمان الله.