بسم الله وله الحمد والثناء إذ أنار قلوبنا بمودة وإتباع مطالع نوره المبين حبيبنا محمد المصطفى الأمين وآله الأطيبين صلوات الله عليهم أجمعين.
- السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته..
- تحية الإيمان والولاء نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- في هذا اللقاء نتناول بعون الله موضوعاً قلّ الحديث عنه رغم وجود روايات مروية من طرق الفريقين تصرح به.
- إنه موضوع بدء النبي المصطفى بمعية وصيه المرتضى بكسر الأصنام وتطهير أول بيوت النور الإلهي وسيدها البيت الحرام قبل الهجرة وقبل فتح مكة حيث تم تطهيرها بالكامل من الأصنام وجميع مظاهر الشرك.
- وقد صرح الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد بأمره لخليله إبراهيم على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام بأن يطهر بيته لضيوفه المتعبدين، فاستجاب الخليل وإبنه إسماعيل، وكانت دعوة الخليل وهو يكسر الأصنام أن يبعث في الإبراهيميين سيد الأنبياء الذي يعلمهم الكتاب والحكمة؛ قال الله عز من قائل:
"وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ{۱۲٥} وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{۱۲٦} وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{۱۲۷} رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{۱۲۸} رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ{۱۲۹}
- صدق الله العلي العظيم.. وقد كان التطهير المحمدي العلوي لبيت الله المعظم إمتداداً لما قام به خليل الرحمان – عليه السلام – وإكمالاً له، روى الشيخ الطبرسي في كتاب الإحتجاج وضمن حديث طويل بسنده عن الإمام الكاظم موسى بن جعفر، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي ( عليهم السلام ) قال : إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : فإن هذا إبراهيم جذّ أصنام قومه غضباً لله عزّ وجلّ ، قال له علي ( عليه السلام ) : لقد كان كذلك ، ومحمد ( صلى الله عليه وآله ) قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستين صنماً ونفاها من جزيرة العرب.
- مستمعينا الأفاضل، والمستفاد من الروايات الشريفة أن التطهير المحمدي لبيت الله المعظم من رجس الأصنام قد بدأ مع إعلان الدعوة المحمدية وفي الوقت الذي كان مشركوا قريش في ذروة طغيانهم وإجتهادهم في إيذاء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله والسعي لوأد دعوته.
- وهذه الرويات التي قل الحديث عنها مروية من طرق الفريقين، فقد روى المحدث الجليل شاذان بن جبرئيل في كتابيه (الفضائل) و(الروضة في فضائل أميرالمؤمنين) بسنده عن الإمام علي – عليه السلام – قال:
- دعاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - وهو بمنزل خديجة ( عليها السلام ) ذات ليلة فلما صرت إليه ، قال : أتبعني يا علي ، فما زال يمشي وأنا خلفه ، ونحن نخترق دروب مكة ، حتى اتينا الكعبة ، وقد أنام الله كل عين.
- ويتابع الإمام علي أميرالمؤنين روايته قائلاً: فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي ، قلت : لبيك يا رسول الله . قال : اصعد يا علي ، فوق كتفي وكسر الأصنام .قلت : بل أنت يا رسول الله ، أصعد فوق كتفي وكسر الأصنام ، قال : بل أنت أصعد يا علي ، وانحنى ( صلى الله عليه وآله وسلم) ، فصعدت فوق كتفه ، وأقلبت الأصنام على وجوهها، ونزلت.
- ثم قال عليه السلام: فخرجنا من الكعبة شرفها الله تعالى حتى أتينا منزل خديجة (عليها السلام) فقال : يا علي أول من كسر الأصنام جدك إبراهيم ( عليه السلام ) ثم أنت يا علي ، آخر من كسرها .
- قال علي – عليه السلام – في ختام الرواية: فلما أصبح أهل مكة وجدوا الأصنام منكسة ، مقلوبة على رؤوسها. فقالوا : ما فعل هذا بآلهتنا إلا محمد وابن عمه.
- أيها الإخوة والأخوات، وثمة روياة ثانية من طرق أهل السنة وقد صرح الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد بأن رجال سندها كلهم ثقاة، تتحدث عن إسقاط علي عليه السلام لأكبر صنم على سطح الكعبة قبل الهجرة أيضاً، وفيها إشارة إلى إعجاز إلهي أيّد النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – في هذه الواقعة لأن الصنم تكسر كما تنكسر القوارير الزجاجية رغم أنه كان من نحاس.
- وقد روى هذه الواقعة عديد من علماء أهل السنة كالبراز وأبي يعلى وأحمد بن حنبل وجاء كما في مسند أحمد بن حنبل عن أبي مريم عن علي ( عليه السلام ) قال: انطلقت أنا والنبي (صلى الله عليه وآله) حتى أتينا الكعبة ، فقال لي رسول الله : اجلس ، وصعد على منكبي فنهضت به ، فرأى مني ضعفا ، فنزل وجلس لي نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : اصعد على منكبي ، فصعدت على منكبيه.
- وتابع أميرالمؤمنين عليه السلام روايته قائلاً : فنهض – صلى الله عليه وآله - لي فإنه تخيل إلي أني لو شئت لنلت أفق السماء ، حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس ، فجعلت أزاوله عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اقذف به ، فقذفت به فتكسر كما تنكسر القوارير ، ثم نزلت وانطلقت أنا ورسول الله نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس .
- أيها الإخوة والأخوات، التأييد الإلهي الإعجازي لتطهير البيت الحرام من الأصنام والذي عرفناه من الرواية المتقدمة، ظهر بصورة أوسع في روايات التطهير المحمدي العلوي لهذا البيت المعظم من الأصنام يوم فتح مكة.
- وفي هذا التأييد دلالة على كرامة سيد بيوت النور على الله وكرامة من تولى تطهيره من رجس الأوثان سيد الأنبياء محمد سيد الوصيين علي عليهما وآلهما الصلاة والسلام.
- وسنتناول بعون الله هذه الروايات في الحلقة المقبلة من برنامج (بيوت النور).
- شكراً لكم مستمعينا الأطائب على جميل متابعتكم لحلقات هذا البرنامج الذي نقدمه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- دمتم في أمان الله.