بسم الله والحمد لله الذي بيته المعظم مثابة للناس وأمناً، وجعلنا من شيعة سيد الأنبياء وآله النجباء صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
- السلام عليكم أعزاءنا المستمعين ورحمة الله..
- تحية من الله مباركة طيبة، نستهل بها لقاءنا بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج.
- أيها الإخوة والأخوات، إن من أعظم نعم الله وآلائه علينا أن أمر صفوة أنبيائه وأوليائه بتطهير بيته الحرام من جميع أشكال الشرك ليكون منار التوحيد الخالص يفعم القلوب بنور الإيمان بالله ونور الولاء لأوليائه الصادقين.
- وهذا هو محور حديثنا في لقاء اليوم من هذا البرنامج نتبرك في مطلعه بالإصغاء للآيات التي تبين المعالم الرئيسة لهذا الموضوع، قال الله عزوجل في الآيات ۱۲٥ إلى ۱۲۹ من سورة البقرة:
" وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ{۱۲٥} وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{۱۲٦} وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{۱۲۷} رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{۱۲۸} رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ{۱۲۹}
- صدق الله العلي العظيم، وهكذا تلاحظون مستمعينا الأفاضل أن هذه الآيات الكريمة تنبئ ضمناً عن حب الله عزوجل لأول بيوت النور وسيدها بحيث يأمر شيخ أنبيائه وخليله – عليه السلام – بأن يظهر للعابدين لكي ينتفعوا من بركاته.
- ثم يأمر عزوجل فيما بعد سيد أنبيائه وسيد الأوصياء – عليهما وآلهما الصلاة والسلام – بتطهيره من الأصنام وليكون هذا التطهير من مظاهر الشرك علامة الولاء الحق مثلما هو علامة التوحيد الخالص.
- ولذلك كان الأوصياء أشد الناس غيرة على البيت الحرام وأشدهم دفاعاً عنه، نلاحظ ذلك – مثلاً – في موقف الإمام محمد الباقر – عليه السلام – الذي لم يواجه أحداً بعبارة (كذبت) إلا من تجرأ على حرمة بيت الله المعظم.
- أجل فقد روى ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عن زرارة قال : كنت قاعدا إلى جنب أبي جعفر ( عليه السلام ) وهو محتب مستقبل الكعبة ، فقال : أما إن النظر إليها عبادة فجاءه رجل من بجيلة يقال له : عاصم بن عمر فقال لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إن كعب الأحبار كان يقول:إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة ، فقال أبو جعفر (عليه السلام ) : فما تقول فيما قال كعب ؟ فقال : صدق ، القول ما قال كعب.
- ويتابع زرارة الرواية قائلاً: فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : كذبت وكذب كعب الأحبار معك وغضب.
- قال زرارة ما رأيته استقبل أحدا بقول كذبت غيره ثم قال : ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها ثم أومأ بيده نحو الكعبة ولا أكرم على الله عز وجل منها لها حرم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والأرض ثلاثة متوالية للحج : شوال وذو العقدة وذو الحجة وشهر مفرد للعمرة [ وهو ] رجب .
- مستمعينا الأطائب، وهذه الغيرة المقدسة على بيت الله المعظم نشهد أحد مظاهرها في أن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – قام فور فتح مكة بتطهير الكعبة من التماثيل والأصنام والصور الشركية، وقرن ذلك بالعفو عن أهل مكة من الذين حاربوه طويلاً إكراماً لحرمة البيت المعظم.
- روي في كتاب الكافي مسنداً عن مولانا الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: لما قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست فأخذ بعضادتي الباب فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ماذا تقولون وماذا تظنون ؟ قالوا : نظن خيرا و نقول خيرا أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت ، قال : فإني أقول كما قال أخي يوسف : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، ألا إن الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة.
- وقد إختار الله عزوجل سيد الأوصياء الإمام علي أميرالمؤمنين – عليه السلام – لكي يتولى التطهير المحمدي للبيت الحرام من أكبر الأصنام، وقد أجمع المؤرخون على أنه هو الذي أسقط الصنم الأكبر من على ظهر الكعبة يوم فتح مكة، قثد رووا عنه – عليه السلام – أنه قال:
- انطلق رسول الله « صلى الله عليه وآله » حتى أتى بي الكعبة ، فقال : أجلس فجلست بجنب الكعبة فصعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » على منكبي فقال : إنهض فنهضت فلما رأى ضعفي تحته قال : أجلس فجلست ثم قال : يا علي ، إصعد على منكبي ففعلت ، فلما نهض بي خيّل إلي لو شئت نلت أفق السماء ! فصعدت فوق الكعبة وتنحى رسول الله « صلى الله عليه وآله » فقال : ألق صنمهم الأكبر .
- ثم قال أميرالمؤمنين عليه السلام: فألقيت الأصنام ولم يبق إلا صنم خزاعة وكان من نحاس موتد بأوتاد من حديد إلى الأرض ، فقال رسول الله « صلى الله عليه وآله » : عالجه : جَاء الحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً .
- قال الإمام علي عليه السلام: فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه . فقال لي رسول الله « صلى الله عليه وآله » : إقذف به فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير ، ثم نزلت .
- وجاء في تتمة الرواية أن علياً « عليه السلام » أراد أن ينزل فألقى نفسه من صوب الميزاب ، تأدباً وشفقة على النبي « صلى الله عليه وآله » ، ولما وقع على الأرض تبسم فسأله النبي « صلى الله عليه وآله » عن تبسمه ؟ فقال لأني ألقيت نفسي من هذا المكان الرفيع وما أصابني ألم . فقال –صلى الله عليه وآله : كيف يصيبك ألم وقد رفعك محمد وأنزلك جبريل ؟ !
- مستمعينا الأكارم، وستكون لنا بإذن الله وقفة ثانية عند التطهير المحمدي لبيت الله المعظم من الأوثان في الحلقة المقبلة من برنامجكم (بيوت النور).
- شكراً لكم على كرم الإستماع ولكم دوماً خالص الدعاء من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- دمتم في أمان الله..