بسم الله والحمد لله الحي القيوم الذي حييت وقامت بنوره السموات والأرضون.
- والصلاة والسلام على مشارق نوره المبين سيدنا محمد الصادق الأمين وآله الأطيبين الطاهرين.
- السلام عليكم أحبتنا المستمعين ورحمة الله وبركاته.
- تحية مباركة طيبة نهديها لكم ونحن نلتقيكم في أولى حلقات هذا البرنامج.
- وحديثنا فيه عن "بيوت النور" التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه كما هدنا إليها ودعانا للإستنارة بها في سيرنا إليه على الصراط المستقيم ربنا المنير تبارك وتعالى.
- فقد قال عز من قائل في الآيات ۳٥ الى ۳۸ من سورة النور المباركة:
بصوت القارئ:
"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{۳٥} فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ{۳٦} رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ{۳۷} لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{۳۸}
- إذن – مستمعينا الأفاضل – فالبيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه هي البيوت التي تشع وتضيء العالم بنور الله عزوجل.
- وهو نور ملكوتي يشمل جميع أشكال العطاء والفيض الإلهي، ففيه نور الهداية الى الحق.
- وفي نور الرحمة والبركات بمختلف أقسامها ونور الإعانة على السير على الصراط المستقيم.
- فأي بيوت هذه؟
- الإجابة عن هذا السؤال نجدها في الحديث المشهور المروي عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – وقد رواه علماء المسلمين من السنة والشيعة.
- فمثلاً جاء في تفسير "الدر المنثور" للسيوطي، وتفسير مجمع البيان للطبرسي عن أنس بن مالك أن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قرأ قوله عزوجل (في بيوت أذن الله أن ترفع).
- فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟
- فقال – صلى الله عليه وآله -: بيوت الأنبياء.
- فقام إليه أبوبكر فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها – وأشار الى بيت علي وفاطمة؟
- فقال صلى الله عليه وآله: نعم من أفاضلها.
----فاصل----
- مستمعينا الأفاضل، يتضح من الآيات الكريمة المتقدمة والبيان النبوي المحمدي المعصوم في تحديد مصاديقها أن البيوت التي أذن الله أن ترفع هي يجد فيها طالب الحياة الطيبة النور الإلهي المبين بشتى مصاديقه هداية خالصة ومعرفة نقية ورحمة مباركة.
- ولذلك فقد وصفت الآيات الكريمة أهلها بأنهم "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله" أي أنهم أصحاب كمال الإنقطاع لله تبارك وتعالى.
- وهذه هي بيوت الأنبياء وسيدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – ومن أفاضلها بيوت عترته الطاهرين المعصومين وهم عليهم السلام الذين تواترت الأحاديث الشريفة بمضامين كونهم بيت الرحمة والعصمة والرحمة وسفن النجاة ومخازن الحكمة وأبواب مدينة العلم المحمدية، فلا غنى لطالب الهداية والرحمة عنهم.
- ولذلك فقد رويت عديد من الأحاديث الشريفة التي تبين أنهم عليهم السلام هم مصاديق الحقائق النورانية التي تضمنتها الآيات المتقدمة من سورة النور المباركة.
- ننقل لكم – أيها الأعزة – نموذجاً لهذه الأحاديث الشريفة بعد قليل فأبقوا معنا...
- قال الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتاب التوحيد:
- روي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل "الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح" فقال عليه السلام: هو مثل ضربه الله لنا، فالنبي صلى الله عليه وآله ولأئمة صلوات الله عليهم أجمعين من دلالات الله وآياته التي يهتدي بها إلى التوحيد ومصالح الدين وشرائع الإسلام والفرائض والسنن، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
- ثم قال الشيخ الصدوق: وتصديق ذلك ما حدثنا به إبراهيم بن هارون الهيتي وذكره سنده عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبدالله الصادق عليه السلام: (الله نور السموات والأرض)؟ قال عليه السلام: كذلك الله عزوجل: قال قلت (مثل نوره)؟ قال: محمد صلى الله عليه وآله، قلت (كمشكاة)؟ قال: صدر محمد صلى الله عليه وآله، قال: قلت: (فيها مصباح)؟ قال عليه السلام: فيه نور العلم يعني النبوة، قلت: (المصباح في زجاجة)؟ قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله صدر إلى قلب علي عليه السلام، قلت: (يوقد من شجرة زيتونة مباركة لا شرقية ولا غربية)؟
- قال: ذلك أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لا يهودي ولا نصراني، قلت: (يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار)؟
- قال: يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به، قلت: (نور على نور)؟ قال: الإمام في إثر الإمام عليه السلام.
- مستمعينا الأطائب، ومادام الله جلت قدرته قد أذن أن ترفع هذه البيوت النبوية المقدسة فلا راد لحكمه وهو تعالى الغالب على أمره.
- فلا يمكن أن ينقص من نورانيتها هدم أعداء الله لبعضها كما فعلت مثلاً الوهابية بمزارات أئمة البقيع عليهم السلام وكثير من آثار رسول الله – صلى الله عليه وآله – في مكة والمدينة.
- فهي تبقى بيوت نور وإن هدمت قبابها ومنائرها الظاهرية ومحيت.
- نبقى نحن إليها أفئدة المؤمنين وتستنير بها وتشم عطر النبوة من ثراها.
- فتبادر إلى إعمارها وتعاهدها حيناً بعد حين كما حدثنا المؤرخون عن عديد من بيوت النور في تأريخ المشهد العلوي أو المشهد الحسيني ومشهد العسكريين عليهما السلام.
- فهي بيوت نور مقدس يأبى الله أن يطفأ ويأبى إلا أن يتمه ولو كره المشركون والفاسقون والظالمون والكافرون.
- مستمعينا الأفاضل، ولهذا الإجمال تفصيل يأتيكم بإذن الله تبارك وتعالى من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران في حلقة مقبلة من برنامج (بيوت النور)
- نتناول فيها مصاديق لهذه البيوت وأولها وسيدها أول بيت وضع للناس ببكة مباركاً.
- إذن كونوا وتابعونا في قادم لقاءات هذا البرنامج.
- شكراً لكم وفي أمان الله.