بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين، أهلاً بكم – ايها الاعزاء- في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيبا ومفيدا.
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "أُوصيكم عباد الله بتقوى الله وطاعته فانها النجاة غداً، والمُنجاة أبداً، رَهَّبَ فأبلغ، ورغب فأسبغَ، ووصف لكم الدنيا وانقطاعَها، وزوَالها وانتقالها، فأعرِضوا عَمّا يعجبُكم فيها لقلّة ما يصحبكم منها. أقربُ دارٍ من سُخط الله، وأبعدُها من رضوان الله، فَغُضّوا عنكم عباد الله غُمومَها وأشغالَها لما أيقنتم به من فراقها وتصرّف حالها".
مستمعينا الأعزاء في كلماته النورانية هذه يوصينا الامام عليه السلام بتقوى الله عزّ وجل، وهي العمل بأمره والانتهاء عّما نهى عنه، وقد (رَهَّبَ) سبحانه أي خوّف (فأبلغ): أي لم يبق عذراً لأحد، و(رَغَّبَ) فيما عنده من نعيم (فأسبغ) : أي أتَمَّهُ بقرآنه وبرسوله صلى الله عليه واله وسلم.
ونبّهنا وذكّرنا الامام عليه السلام ايضاً بحتمّية زوال الدنيا وما فيها وعَقَّب قائلاً: "فأعرضوا عما يعجبُكم فيها لقلة ما يصحبكم منها": أي قلّلوا الإلتفات إليها والإهتمام بها، والسعي لها، لأنه لايبقى معكم منها سوى الكفن، (فغضوا عنكم): أي ادفعوا عن أنفسكم(غمومها): أي أحزانها، والمراد: لاتلتفتوا إليها ولاتحزنوا على ما فاتكم منها، حيثُ أنَّ الجميع متيقّنون من فراقها (وتصرّف حالها): أي تقلّبها.
مستمعينا الأفاضل: ونبقى مع كلمات أمير المؤمنين علي عليه السلام الهادية الى طريق الرشاد وهو يحذّرنا من الإغترار بالدنيا وزخارفها قائلاً: "فاحذروها حذر الشّفيق الناصح والمجدّ الكادح، واعتبروا بما قد رأيتم من مصارع القرون قبلكم: قد تزايلت أوصالهم وزالت أبصارهم وذهب شرفُهم وعزُّهم، وانقطع سرورهم ونعيمهم، فبدِّلوا بقُرب الأولاد فقدها، وبصحبة الأزواج مفارقتها".
مستمعينا الكرام: (الشفيق): أي الخائف، ونصح قلبُهُ: أي خلا من الغش، و(المجد): المجتهد، و(الكادح): المبالغ في سعيه، والمراد: احذروا الدنيا حذر الخائف على نفسه منها، المجد في الإبتعاد عنها، المبالغ في السعي لغيرها، و(اعتبروا): أي اتّعضلوا، و(تزايلت): أي تفرقت، (أوصالهم) أي مفاصلهم، والمراد: وصف حالهم في القبور، وهكذا ندرك – أيها الأحبة – أنَّ هذه الدنيا التي سنفارقها بلا شك ولاندري متى الفراق أهذه الليلة أم غد أم بعد غد، ينبغي أن لانغفل وننخدع ونعصي الباري تعالى من أجل نعيمها الزائل. نسأله تعالى أن لايجعلنا من الغافلين إنه سميع مجيب.
مستمعينا الكرام نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء لبرنامج «استنارات من نهج البلاغة» والذي قدّمناه لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. حتى اللقاء المقبل ان شاء الله نستودعكم الباري تعالى، دمتم بخير.