بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد الأمين وآله الطيبين الطاهرين، السلام عليكم مستمعينا الأفاضل وأهلا بكم في هذا البرنامج، آملين أن تقضوا معه وقتا طيبا ومفيدا.
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لايغفر وظلم لايترك، وظلم مغفور لايطلب: فأما الظلم الذي لايغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ" وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا".
مستمعينا الأفاضل، كلام الإمام عليه السلام هنا في أقسام الظلم واضح وفيه فائدة كبيرة للمعتبرين، فالظلم الذي يغفر هو "ظلم العبد نفسه في بعض الهنات" والهنات: أي الأشياء الصغيرة والمراد الذنوب الصغيرة، وأما الظلم الذي لايترك: أي لايتسامح فيه وأمره موكول إلى المظلوم فهو "ظلم العباد بعضهم بعضا" من اعتداء باليد أو اللسان، أو تجاوز على الأموال، بل جميع المظالم، وورد في الروايات المعتبرة أن الله جل جلاله يغفر للشهيد جميع ذنوبه ما عدا حقوق الناس.
ونبقى أيها الأفاضل مع كلام إمام المتقين علي عليه السلام، الهادي إلى الحق المبين، حيث يقول عليه السلام: "القصاص هناك شديد! ليس هو جرحا بالمدى، ولا ضربا بالسياط، ولكنه ما يستصغر ذلك معه. فإياكم والتلون في دين الله، فإن جماعة فيما تكرهون من الحق خير من فرقة فيما تحبون من الباطل، وإن الله سبحانه لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممن مضى ولا ممن بقي".
مستمعينا الأفاضل، (القصاص هناك شديد) حيث يقتص من الجاني بمثل جنايته، فالضارب يُضرب، والقاتل يُقتل. و(المدى): جمع مدية وهي السكينة. وأما عبارة "ولكنه يستصغر ذلك معه": أي هو أعظم من أن يوصف. ويحذرنا الإمام عليه السلام قائلا: "فإياكم والتلون في دين الله" والتلون عدم الثبات على خلق.
وأما عبارة "فإن جماعة فيما تكرهون..." فإن اجتماعا على الحق وإن كانت النفس تأباه، خير من افتراق على الباطل وإن كان ذلك مما تحبه النفس، وإن الله سبحانه وتعالى "لم يعط أحدا بفرقة خيرا": أي لم ينل أحد قط خيراً بالإفتراق ويد الله مع الجماعة.
نسأله تعالى أن يجعلنا من المعتصمين بحبله المتين، إنه سميع مجيب.
مستعمعينا الكرام من اذاعة طهران، صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، استمعتم الى برنامج «استنارات من نهج البلاغة».
نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء، وحتى اللقاء القادم ان شاء الله نستودعكم الباري تعالى، دمتم سالمين وفي أمان الله وحفظه.