بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
أهلاً بكم – أيها الاعزاء – في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيدا.
قال إمام المتقين علي عليه السلام: "أُوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ألبسكم الرَّياش، وأسبغ عليكم المعاش، ولو أن أحداً يجد إلى البقاء سُلّماً أو إلى دفع الموت سبيلاً لكان ذلك سليمان بن داوود عليه السلام: الذي سُخر له ملك الجن والإنس مع النبوة وعظيم الزُلفة، فلما استوفى طُعمته ، واستكمل مدته، رمته قسي الفناء بنبال الموت، وأصبحت الديار منه خاليةً والمساكن مُعطلة، وورثها قومٌ آخرون".
مستمعينا الأعزاء: في كلماته النورانية هذه يحثنا الامام عليه السلام على التقوى وهذه الكلمة المقدسة وردت في القرآن الكريم ونهج البلاغة، و أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) آلاف المرات، إهتماماً بها، و حثاً عليها والمراد منها: العمل بأوامر الله تعالى، والإنتهاء عما نهى عنه. و يذكرنا عليه السلام ببعض نعم الله سبحانه التي لاتعد وتحصى فيقول: (ألبسكم الرياش): وهو اللباس الفاخر، وأسبغ نعمه: أي أكملها وأتمها، ويذكرُ لنا الإمام عليه السلام مثالاً رائعاً وهو النبي سليمان عليه السلام. (الذي سخر له ملك الجن والإنس مع النبوة) و(عظيم الزلفة): أي المنزلة الرفيعة والدرجة العالية، ومع ذلك عندما (استوفى طعمته) واستوفى: أي أخذه وافياً تاماً، وطعمته: كل مايطعم، والمراد: نفاذ ماقسم له من الرزق، (رمته قسي الفناء بنبال الموت) وقسي: جمع قوس: وهي آلة على هيئة الهلال ترمى بها السهام، والنبال: أي السهام.
ونبقى أيها الأعزاء مع كلمات أميرالمؤمنين عليه السلام البليغة النافعة حيث يقول: "وإن لكم في القرون السالفة لعبرة"! أين العمالقة وأبناء العمالقة؟ أين الفراعنة وأبناء الفراعنة؟ أين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين، وأطفأُوا سُنن المرسلين وأحيوا سَنن الجبارين؟ أين الذين ساروا بالجيوش وهزموا بالأُلوف، وعسكروا العساكر، و مدَّنوا المدائن؟!).
وهنا أيها الأحبة كما هو واضح يدعونا الامام الرؤوف علي عليه السلام الى أخذ العبرة والعظة من أحوال الماضين، فأين العمالقة: وهم ملوك اليمن والحجاز، وأين الفراعنة: وهم ملوك مصر، ومنهم فرعون موسى عليه السلام واسمه الوليد بن مصعب. (وأين أصحاب مدائن الرس): وهي إثنتا عشرة مدينة على نهر يقال له: (الرس) في أذربايجان كانوا يعبدون شجرة، فأرسل الله لهم نبياً، فقتلوه بأبشع قتله فأهلكهم سبحانه بريح عاصفة، قال تعالى «كذبت قبلهم قوم نوح ٍ وأصحاب ُالرَّسّ وثمود). وسنن: جمع سنة: و هي ما أُوثر عن الأنبياء من قول وفعل والمراد من قوله: (وأطفأُوا سنن المرسلين): سعيهم الحثيث لتخريب معالم الدين. نسأله تعالى أن يجعلنا من عباده المعتبرين إنه سميع مجيب...أيها الأكارم: انتهى الوقت المخصص للبرنامج، نشكركم على حسن المتابعة وجميل الإصغاء وحتى اللقاء القادم نستودعكم الرؤوف الرحيم والسلام عليكم.