البث المباشر

السيد الموسوي: الحشد الشعبي أنقذ العراق من التقسيم

السبت 13 ديسمبر 2025 - 22:36 بتوقيت طهران
السيد الموسوي: الحشد الشعبي أنقذ العراق من التقسيم

أكد آية الله السيد ياسين الموسوي، إمام جمعة بغداد والأستاذ البارز في حوزة النجف الأشرف، أن الأسبوع المنصرم شهد تطورات مهمة على الصعيدين الداخلي والدولي، كان للعراق فيها موقع متقدم ضمن أولويات الأحداث، مشيراً إلى أن ذكرى الانتصار ويوم الحشد الشعبي يمثلان محطة تاريخية مفصلية في مسيرة الدولة العراقيةز

وأوضح السيد الموسوي أن العراق مرّ بمرحلة بالغة الخطورة، في ظل مؤامرة كبرى استهدفت تمزيقه وإسقاطه بيد الإرهاب التكفيري، بغضّ النظر عن الجهات المنفذة، إلا أن ما جرى كان مشروعاً واضح المعالم.

وأضاف:

"أن فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله)، إلى جانب الروح الوطنية العالية للشعب العراقي، شكّلت الأساس الحقيقي لإفشال تلك المؤامرة".

وأشار إلى أن العراقيين لبّوا نداء المرجعية، واندفعوا إلى ساحات القتال، وملأوا الجبهات، وقدموا التضحيات الجسام من شهداء وجرحى، وتمكنوا خلال فترة لم تتجاوز عاماً واحداً من تحرير الأرض، في وقت كانت فيه التقديرات الأميركية تؤكد أن المعركة ستستغرق عشر سنوات على الأقل.

وبيّن السيد الموسوي أن الحكومة العراقية، حينها، طلبت دعماً من الولايات المتحدة، إلا أن الرد الأميركي كان العجز عن تقديم أي مساعدة فورية بحجة الحاجة إلى دراسات تستغرق ما لا يقل عن ستة أشهر، وهو ما كان يعني عملياً ضياع العراق. لكن الشعب العراقي، بحشده ومقاومته وعلمائه ومرجعياته، أثبت فشل تلك التقديرات، ورسّخ قناعة لدى الأميركيين بعظمة هذا الشعب وقدرته على صنع الملاحم.

وفي سياق آخر، شدد إمام جمعة بغداد على أن القوى الوطنية التي حررت العراق وأسست للاستقرار لا تزال تعمل في ظل واقع هيمنة أميركية واضحة، مؤكداً أن العراق ما زال يعاني من الاحتلال بأشكال مختلفة. واستشهد بقرار نُشر مؤخراً في الوقائع العراقية، تضمّن إدراج حزب الله وأنصار الله ضمن الكيانات الإرهابية وتجميد التعامل المالي معهما، قبل أن تعلن الحكومة لاحقاً أن القرار كان "خطأً إدارياً".

وكشف السيد الموسوي أن اللجنة المعنية في البنك المركزي تضم أعضاءً عراقيين وآخرين أميركيين، وأن إدراج تلك الكيانات جاء نتيجة خضوع العراق للقرارات الأميركية، رغم عدم وجود أي تعامل مالي أو حسابات رسمية لتلك الجهات داخل العراق، معتبراً ذلك دليلاً صارخاً على أن القرار المالي والاقتصادي العراقي ما زال مرتهناً للإدارة الأميركية.

وتطرق إلى تصريحات مبعوثي الإدارة الأميركية، ولا سيما في ظل رئاسة دونالد ترامب، محذراً من الضغوط التي تُمارس على تشكيل الحكومة العراقية، واشتراط إقصاء أي شخصيات قريبة من فصائل المقاومة، تحت طائلة قطع العلاقات مع بغداد. وأكد أن الشعب العراقي يجب أن يكون على وعي كامل بطبيعة هذه السياسات.

وأوضح أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة في عهد ترامب تختلف جذرياً عن سابقتها، إذ لم تعد ترفع شعار "نشر الديمقراطية"، بل تركز حصراً على حماية المصالح الأميركية، ولو عبر سياسات متوحشة وتهديدات مباشرة بالاحتلال والتدخل العسكري، وهو ما ينعكس بوضوح على واقع المنطقة والعراق.

ودعا السيد الموسوي القوى السياسية العراقية إلى اعتماد الواقعية في التفاوض مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الاستقلال لا يتحقق بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى جهاد طويل يبدأ من الوعي الثقافي وتثقيف الشعب بأهمية السيادة الوطنية.

وأكد ضرورة أن يضغط الشعب ومجلس النواب القادم على الحكومة المقبلة لرسم استراتيجية وطنية عراقية واضحة، تحدد ثوابت السيادة وبناء الدولة المستقلة، قبل الخوض في التفاصيل الحكومية، منتقداً ظاهرة "الشخصنة" في العمل السياسي، حيث يُقدّم الشخص أو الحزب أو القائد على حساب الوطن والمواطن.

وشدد على أن الوطنية ليست شعاراً يُرفع، بل ممارسة حقيقية تقوم على التضحية والعطاء والانتماء الصادق، محذراً من محاولات متعمدة لقتل روح الانتماء الوطني في نفوس العراقيين، حتى أصبحت الوطنية لدى البعض تهمة أو عيباً.

كما دعا الحكّام إلى وضع المواطن العراقي في صدارة الأولويات، مؤكداً أن هذا المواطن هو من أوصلهم إلى مواقع المسؤولية، وأن الواجب الأخلاقي والوطني يفرض خدمة الناس وتخفيف معاناتهم، لا زيادة الجشع والفساد.

وفي ختام حديثه، استذكر السيد الموسوي تضحيات قادة الشهداء، وفي مقدمتهم شهيد الأمة الإمام السيد محمد باقر الصدر، وشهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم، الذين قدموا أنفسهم وعوائلهم قرباناً من أجل حرية العراق وكرامته، مؤكداً أن لولا تلك التضحيات لما كان العراقيون اليوم يتحدثون بحرية.

وختم بالقول:

"شهداؤنا هم قادتنا، وقادتنا هم شهداؤنا، نحن نحمل الفكر المحمدي العلوي، شيعة علي، لا نرتجف أمام الدنيا، ونعمل لتكون كلمة الله هي العليا".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة