البث المباشر

الطب النووي الإيراني ودوره في تشخيص وعلاج السرطان

الأحد 1 يونيو 2025 - 19:28 بتوقيت طهران
الطب النووي الإيراني ودوره في تشخيص وعلاج السرطان

تستفيد اليوم الدول التي حققت صناعة نووية محلية وسلمية من فوائدها الواسعة في مجال الصحة، بما في ذلك تشخيص وعلاج السرطان، واتخذت خطوة كبيرة في تحسين نوعية حياة مرضاها من خلال تطوير الأدوية الإشعاعية والمعدات الجديدة.

إن الصناعة النووية، باعتبارها واحدة من أكثر التقنيات تقدما واستراتيجية في القرن، تلعب دورًا رئيسيًا في التنمية العلمية والاقتصادية والصحية للمجتمعات. وعلى الرغم من أن الصناعة النووية للوهلة الأولى ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإنتاج الطاقة، إلا أن أحد أهم تطبيقاتها وأكثرها انتشارًا يكمن في مجال حيوي مثل الطب؛ حيث تساعد التكنولوجيا النووية الأطباء والكوادر الطبية على إنقاذ الأرواح البشرية.

ورغم الخلافات السياسية حول البرنامج النووي الإيراني والمزاعم الكاذبة للحكومات المعادية، فإن الاستفادة من قدرات الصناعة النووية في مجال الطب أمر ضروري ولا مفر منه. واستفادت الدول التي حققت صناعة نووية محلية وسلمية اليوم من فوائدها الواسعة في قطاع الصحة، وخطت خطوات واسعة في تحسين جودة حياة المرضى من خلال تطوير المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية والمعدات الجديدة.

وفي ظل هذه الظروف، لا يُعد الاستثمار في هذه الصناعة المتقدمة ضرورة علمية وتكنولوجية فحسب، بل حاجة حيوية للنظام الصحي في الدول أيضًا.

تماشيا مع هذه التطورات، وبغية الاستخدام الصناعة النووية سلميا، وضعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تطوير الطب النووي على جدول أعمالها، والآن يعمل أكثر من 250 مركزا للطب النووي في محافظات البلاد.

كما أدى الاستخدام المتزايد للنظائر المشعة في الطب في العقود الأخيرة، نظرًا لسهولة استخدامها ودقتها العالية في تشخيص الأمراض، إلى ظهور تخصصات جديدة مثل الصيدلة النووية والطب النووي. وحتى الآن، تخرج أكثر من 330 طبيبًا إيرانيًا من تخصص الطب النووي.

أشار الدكتور "سعيد فرزانه فر"، أخصائي الطب النووي وعضو هيئة التدريس بجامعة طهران للعلوم الطبية، إلى التطبيقات المهمة للصناعة النووية في مجال الطب، وخاصة تشخيص وعلاج السرطان، وقال:

"إن الطب النووي في إيران موجود منذ عقود. وركز هذا العلم في البداية على تشخيص أمراض الغدة الدرقية ثم توسع ليشمل علاج أمراضها، ولكن اليوم اتسع نطاق استخدام هذا العلم ليشمل أيضًا أعضاء وأمراضا أخرى، ويُستخدم الطب النووي حاليًا في تشخيص وعلاج أمراض مختلفة مثل أمراض الغدة الدرقية وأمراض القلب وأمراض الكلى وأنواع مختلفة من السرطان".

وأضاف:

"يتم اليوم في مجال تشخيص الأمراض، إجراء التصوير الطبي النووي وفحوصات PET CT، ويمكن إجراء هذا التصوير بمساعدة المواد الصيدلانية المشعة".

وأضاف:

"إن المواد الصيدلانية المشعة هي أدوية مشعة تُستخدم في الطب النووي لتشخيص وعلاج الأمراض. وهذه الأدوية مزيج من نظير مشع وجزيء حامل، مصممة لاستهداف نسيج أو عضو محدد في الجسم. وبمعنى آخر، تُنتج النظائر باستخدام الطرق النووية المستخدمة في الطب.

تتميز هذه النظائر بخصائص مختلفة من حيث نوع وطاقة الإشعاع الذي تُصدره وأنصاف أعمارها؛ وفي الوقت نفسه، توجد مركبات وجزيئات كيميائية مختلفة في الجسم لها استخدامات مختلفة. وبعض هذه الجزيئات مهمة في بعض الأمراض، مثل السرطان؛ حيث نُوسم هذه الجزيئات بالنظائر المشعة؛ أي ندمجها مع النظائر.

والنتيجة هي أن الجزيئات التي يصعب عادةً اكتشافها وتقييمها في الجسم، عند وسمها، يُمكن اكتشافها بسهولة باستخدام التصوير الطبي النووي، مما يُساعد في تشخيص الأمراض، بما في ذلك السرطان".

وتابع:

"تُستخدم هذه الطريقة أيضًا في علاج الأمراض، حيث تُوجَّه الجزيئات المُوسومة نحو مرض أو ورم مُحدد في الجسم. وبعد ذلك، يُدمر الإشعاع المنبعث من المادة المشعة ذلك المرض أو الورم، مع تقليل الضرر الذي يلحق بالخلايا السليمة في الجسم.

وقدّم أمثلة على المستحضرات الصيدلانية المشعة المستخدمة في علاج الأمراض، قائلا:

"استُخدمت مركبات اليود المشع في أمراض الغدة الدرقية الحميدة والخبيثة وسرطانات الغدة الدرقية منذ العصور القديمة، وقد توسّع استخدامها اليوم. ويُعدّ "FDG" أيضًا أحد أشهر المستحضرات الصيدلانية المشعة التشخيصية في مجال التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET CT)، والذي يُستخدم لتشخيص أنواع مختلفة من السرطان.

ومن المستحضرات الصيدلانية المشعة المهمة الأخرى في مجال التشخيص والعلاج، "ربيطات PSMA" المستخدمة في علاج سرطان البروستاتا. وعلى سبيل المثال، تُستخدم نظائر "PSMA" اللوتيتيوم في علاج سرطان البروستاتا، والذي يُستخدم عادةً في سرطانات البروستاتا المتقدمة أو المنتشرة في جميع أنحاء الجسم.

كما يُستخدم المستحضر الصيدلاني المشع "DOTA-TATE" في علاج أورام الغدد الصماء العصبية. وعند الأطفال، يُستخدم "MIBG" لعلاج أورام الخلايا العصبية (نوع من الأورام الخبيثة لدى الأطفال).

كما نستخدم المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية لعلاج آلام العظام النقيلية وبعض الأمراض الحميدة مثل التهاب المفاصل، والتي تُحقن في تجويف المفصل.

وصرح "فرزانه فر":

"شهدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخاصةً خلال السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية، تطورات كبيرة في هذا المجال. وأُجريت العديد من الدراسات، وتُقدم خدمات متنوعة ومتطورة للغاية، وهي متطورة تقنيًا. وبالمقارنة مع الدول المجاورة، يتفوق بلدنا حقًا في مجال الطب النووي وحتى لو ابتعدنا عن الدول المجاورة، فإننا نستطيع أن نقول بجرأة أنه على المستوى العالمي، أي على مستوى الدول الأوروبية والأمريكية المتقدمة، فإن بلدنا من بين أفضل الدول وأكثرها تقدماً في مجال الطب النووي.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الصناعة النووية وإمكانات الطب النووي في البلاد قادرة على زيادة عائدات النقد الأجنبي من خلال تعزيز السياحة الصحية، قال عضو هيئة التدريس بجامعة طهران للعلوم الطبية:

"يمكننا القول إن صناعة الطب النووي قد عززت السياحة الصحية بشكل كبير، ويزور إيران العديد من المرضى من الدول المجاورة. وبالطبع، هناك أيضًا مشاكل، مثل صعوبات السفر ونقل المرضى، مما حال دون استفادة البعض من هذه الخدمات.

ومع ذلك، هناك مجال لمزيد من العمل والتقدم بهذا الصدد، وهناك إمكانات كبيرة للنمو والتطوير لجلب عائدات النقد الأجنبي من خلال الطب النووي إلى البلاد".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة