وعندما كانت تعمل على تحرير منطقة من تنظيم "داعش" الإرهابي، لم تكن تسأل عن طائفة سكان هذه المنطقة، لكن عجز أميركا عن القيام بما قامت به قوات "الحشد الشعبي" دفعها لشنّ حملة إعلامية على هذه القوات وتوجيه اتهامات إليها، لكي تحرّض الشعب العراقي عليها وتدفعه لرفع الحصانة عنها واحتوائها.
سحب قوات الحشد الشعبي
تقوم أميركا وبمساعدة بعض الدول الخليجية بمحاولات حثيثة لسحب الحشد الشعبي من المحافظات الغربية، وقد تستفيد واشنطن من قاعدتها الموجودة في "عين الأسد" في محافظة الأنبار والمحافظات الغربية للقيام بهذه المهمة.
أميركا تخشى من حدوث تصادم بين قواتها وقوات الحشد الشعبي، لأن هذا الأمر سيزيد بطبيعة الحال من الضغط على الحكومة العراقية لإخراج القوا ت الأميركية من العراق، لذلك حالياً نجد واشنطن تعمل على استفزاز هذه القوات دون الوصول إلى مرحلة الصدام المباشر، وحول هذا الموضوع أكد القيادي في الحشد الشعبي هاشم الموسوي، تحرك 18 مدرعة عسكرية أميركية قرب الحدود العراقية السورية، فيما بيّن أن هذه الخطوة محاولة لاستفزاز الحشد الشعبي الموجود على الحدود العراقية السورية وجرّه لصدام واشتباك مسلّح.
الموسوي قال إن واشنطن تستخدم الطائرات المسيرة للتجسس على قوات الحشد الشعبي وفتح الثغرات الأمنية لدخول تنظيم "داعش" الإرهابي من الأراضي السورية نحو البلاد، وأضاف: إن "قوات الحشد جاهزة للدخول بالصدام المسلح مع القوات الأميركية في حال أقدمت تلك القوات على فتح الحدود أمام عصابات داعش الإرهابية"، مبيناً أن "القوات الأميركية تخطط للاستيلاء على منفذ البو كمال الحدودي مع سوريا لإدخال الجماعات الإرهابية وخلق نوع من الفوضى الأمنية لتحقيق بقائها القتالي في البلاد".
لماذا هذه الحملة على "الحشد الشعبي"؟
النقطة الواضحة في هذا الموضوع وأسبابه، أن لا أحد يستطيع انكار دور "الحشد الشعبي" في هزيمة داعش، حيث قاتلت قوات "الحشد الشعبي" إلى جانب القوات العراقية على مدى 3 سنوات لدحر تنظيم "داعش" من العراق واستطاعت أن تحقق نتائج مبهرة منذ تشكيلها بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية في النجف الأشرف، وذلك بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مساحات واسعة في عدد من المحافظات الواقعة شمال بغداد، وأقرّ قانون هيئة الحشد الشعبي بعد تصويت مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات لمصلحة القانون في 26 نوفمبر 2016.
في الوقت الحالي هناك العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر كيف قدّمت قوات "الحشد الشعبي" الكثير من التضحيات لجلب المدنيين العراقيين إلى مناطق آمنة حتى لا يتعرضوا للأذى أثناء نقلهم إلى هذه المناطق.
على المستوى السياسي، تبنّى قادة "الحشد الشعبي" دائماً مواقف مبدئية وعقلانية لدعم الحكومة والشعب في العراق، وهذا يدل على أن خدماتهم لا تقتصر على الشؤون العسكرية والميدانية على الرغم من أن دور هذه القوات استراتيجي في دحر "داعش" من العراق ولا يمكن إنكاره.
غضب أميركا من الدور الاستراتيجي للحشد الشعبي
على الرغم من الدور المؤثر للقوات الشعبية العراقية "الحشد الشعبي" في التحولات الميدانية في العراق، يبدو أن أميركا ترى أن ما تقوم به هذه القوات يتعارض مع أهدافها في العراق.
وخلال الحرب على الإرهاب في العراق لم تقدم واشنطن على أي عمل من شأنه دحر الإرهاب وإعادة الاستقرار إلى العراق بل أكثر من ذلك كانت تعمل على تهميش ما تقوم به قوات "الحشد الشعبي" وتسعى قدر المستطاع لإبعاد هذه القوات عن قاعدتها الشعبية، خاصة وأن هذه القوات استطاعت - ومن دون حتى أي ضجة إعلامية - أن تقوم بما لم تستطع أن تقوم به أميركا وأتباعها منذ 15 عاماً.
ابتزاز أميركا لمسؤولي العراق
الحقيقة هي أن أميركا مارست ضغوطاً على المسؤولين العراقيين لإنهاء وجود "الحشد الشعبي" في العراق، ولكي تسير أميركا بهذا الاتجاه بدأت بتشويه صورة "الحشد الشعبي" بين أبناء الشعب العراقي وحاولت شراء الولاءات عبر دول خليجية للحصول على أفضل نتيجة في هذا الموضوع ولكن حتى اللحظة لم تستطع جميع حملاتها عزل الحشد الشعبي عن قاعدته الشعبية لأنه ببساطة ينتمي إلى العراق قلباً وقالباً ويحقق أهداف وطموحات هذا البلد ومقاتلي "الحشد الشعبي" هم من الشعب العراقي وليسوا مرتزقة جاؤوا من خلف المحيطات.
وبعد أن عجزت واشنطن مؤخراً عن إحداث أي تغيير في معادلة العراق، بدأت تنشر شائعات وأخبار عن سحب قوات "الحشد الشعبي" من بعض المحافظات، لتوصل رسالة مفادها أن القاعدة الشعبية لهذه القوات بدأت تضيق وتنحسر، وحول هذا الموضوع قال المتحدث باسم حركة النجباء هاشم الموسوي: "إن من يقرر سحب الحشد من أي مدينة هو القائد العام للقوات المسلحة كونه يعي خطورة الموقف وخصوصاً أن هناك خلايا إرهابية في تلك المدن، فضلاً عن خطر وجود العصابات الإرهابية في سوريا على العراق".
المصدر: الوقت