البث المباشر

من يخسر أكثر؟

السبت 15 مارس 2025 - 13:26 بتوقيت طهران
من يخسر أكثر؟

في حال شنت اسرائيل هجوماً على إيران، فإن مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعمة لهذا الهجوم ستجعل الولايات المتحدة طرفاً في النزاع. وبالتالي، سيكون من حق إيران اعتبار هذا الهجوم بمثابة حرب أميركية ضدها، مما يتيح لها استهداف المصالح الأميركية.

لكن السؤال الأهم هو: لماذا ستعاني الولايات المتحدة أكثر من غيرها في حال تعرضت إيران للهجوم؟

تتعدد الأسباب التي قد تجعل الولايات المتحدة تتكبد خسائر أكبر. أولاً، أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى ردود فعل قوية من إيران، مما يهدد القوات الأميركية والمصالح الأميركية في المنطقة.

ثانياً، قد يؤدي الهجوم إلى زعزعة الاستقرار في منطقة غرب آسيا، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد الأميركي ويزيد من التوترات الدولية.

علاوة على ذلك، فإن أي تصعيد في الصراع قد ينعكس سلباً على العلاقات الأميركية مع حلفائها، ويزيد من مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة في العالم الإسلامي. لذلك، فإن التداعيات المحتملة للهجوم الإسرائيلي على إيران قد تكون أكثر ضرراً على الولايات المتحدة مقارنةً بأي طرف آخر.

ففي تصريحات أدلى بها قائد الثورة الإسلامية خلال لقاء مع الطلاب، حذر من أن أي هجوم من قبل النظام الصهيوني على إيران، بدعم من الولايات المتحدة، سيعتبر بمثابة اعتداء أميركي على إيران. وأكد أن إيران لا تسعى للحرب، ولكنها ستتخذ إجراءات حاسمة إذا ارتكبت الولايات المتحدة وعملاؤها أي خطأ.

وأشار قائد الثورة إلى أن الخسائر ستقع بشكل أكبر على الولايات المتحدة في حال اندلاع الحرب، موضحاً أن الهجوم على إيران سيُنظر إليه في طهران كاستهداف مباشر للمصالح الأميركية. ولفت إلى أن الدعم العسكري الذي قدمه الرئيس ترامب لاسرائيل، بما في ذلك المعدات العسكرية المتطورة، يعكس السياسة الأميركية العدائية تجاه إيران.

كما ذكر أن الولايات المتحدة حاولت في السابق لعب دور الوسيط خلال النزاعات، لكنها ستجد نفسها في قلب الصراع إذا ما قررت تل أبيب الهجوم على إيران. وأكد أن رد إيران لن يقتصر على استهداف المصالح الصهيونية، بل سيشمل أيضاً المصالح الأميركية، مما يثير تساؤلات حول العواقب المحتملة على الولايات المتحدة في حال تصاعد التوترات.

تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث تتزايد المخاوف من تصعيد عسكري محتمل في المنطقة، مما يضع الولايات المتحدة في موقف حرج قد يؤثر على مصالحها الاستراتيجية.

أميركا في مرمى النيران
تتزايد المخاوف من أن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيؤدي إلى تصعيد عسكري واسع النطاق في منطقة غرب آسيا، حيث ستصبح المراكز العسكرية الأميركية المنتشرة في المنطقة أهدافاً محتملة لإيران.

وفي هذا السياق، أكد مسؤولون إيرانيون أن المصالح الاقتصادية الأميركية، بما في ذلك السفن التجارية في  الخليج الفارسي وبحر عمان، ستكون أيضاً ضمن الأهداف المشروعة.

من المتوقع أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي إلى اندلاع حرب شاملة تشمل جميع عناصر المقاومة في المنطقة، بما في ذلك إيران والعراق واليمن ولبنان. وفي ظل هذه الظروف، ستتأثر جميع العلاقات والتطورات السياسية في غرب آسيا، مما قد يؤدي إلى إحباط خطط الرئيس السابق ترامب، خاصة تلك المتعلقة بتطبيع العلاقات بين بعض دول المنطقة والكيان الصهيوني.

لقد واجه ترامب العديد من التحديات في سياسته الخارجية، بدءاً من قضايا غرب آسيا وإيران، وصولاً إلى التوترات مع أوروبا بشأن الحرب في أوكرانيا. ويُتوقع أن يؤثر انخراط أميركا في حرب مع إيران على هذه القضايا، حيث قد تستغل أوروبا الوضع لتعزيز دعمها لأوكرانيا، مما يمثل فشلًا آخر في السياسة الخارجية لترامب.

علاوة على ذلك، قد يؤدي تورط أميركا في حرب غرب آسيا إلى ضغوط إضافية من قبل الدول الأوروبية في مجالات مثل التعريفات الجمركية. كما أن الصين قد تستفيد من انشغال أميركا في هذه الحرب، مما يعزز علاقاتها الاقتصادية مع إيران وروسيا ودول أخرى.

في الوقت نفسه، قد تسرع الحرب ضد إيران من جهود الدول نحو تحقيق الاستقلال الأمني عن الولايات المتحدة، مما يساهم في إضعاف النظام الأميركي وإقامة نظام متعدد الأقطاب عالمياً.

تجدر الإشارة إلى أن مواقف ترامب الداخلية، التي تعارض أي نوع من الحروب، قد تتعرض للاختبار في حال موافقته على الهجوم الإسرائيلي، مما يثير تساؤلات حول مصداقيته في السعي نحو السلام.

تداعيات محتملة على العقيدة النووية الايرانية
في ظل التصعيد الأخير، يثير هجوم اسرائيل على إيران، وخاصة استهداف المنشآت النووية، تساؤلات حول مراجعة إيران لعقيدتها النووية. يُتوقع أن ينشأ داخل إيران مطلب قوي لمراجعة هذه العقيدة، مما قد يحظى بدعم الرأي العام في دول المنطقة. كما أن هذا الهجوم قد يؤثر بشكل كبير على مواقف روسيا والصين، حيث يُعتبر هجوم دولتين نوويتين على دولة غير نووية مبرراً لمراجعة إيران لعقيدتها النووية في نظر المجتمع الدولي.

يُحذر العديد من المحللين من أن هجوم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على المنشآت النووية الإيرانية قد يدفع إيران إلى إعادة النظر في استراتيجيتها النووية، مما يمثل تهديداً خطيراً للسياسات الأميركية.

ويشير الخبراء إلى أن القدرات النووية الإيرانية لا يمكن القضاء عليها من خلال القصف، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بدلاً من تحسينها.

تاريخياً، كان البرنامج النووي الإيراني محوراً رئيسياً في السياسة الخارجية الأميركية منذ عهد جورج دبليو بوش، حيث تعامل معه أربعة رؤساء أميركيين. ويُعتبر ترامب، الذي شهدت فترة رئاسته تطور البرنامج النووي الإيراني، رمزاً لفشل السياسات الأميركية في هذا الملف.

تطرح الأحداث الأخيرة تساؤلات حول دوافع ترامب لشن هجوم عسكري على إيران، خاصة في ظل عدم وجود دليل على أن إيران تسعى لبناء أسلحة نووية. ويُظهر سلوك ترامب ومواقفه أنه لا يعتقد بجدوى استخدام القوة العسكرية كوسيلة للتأثير على الوضع الداخلي الإيراني.

في الختام، يبقى السؤال مطروحاً: ما هي الأهداف الحقيقية وراء التحركات الأميركية تجاه إيران، وما هي التكاليف المحتملة التي قد تتحملها الولايات المتحدة في حال وقوع هجوم عسكري؟

الهجوم العسكري الأميركي على إيران وتأثيراته المحتملة
تشير التقديرات إلى أن احتمال اعتقاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الهجوم العسكري على إيران سيكون اختباراً لقياس رد فعل الشعب الإيراني منخفض جداً، نظراً للتكاليف المرتفعة التي قد تتحملها الولايات المتحدة. في المقابل، يعتقد العديد من الخبراء أن أي هجوم على إيران قد يؤدي إلى تعزيز التماسك الاجتماعي داخل المجتمع الإيراني، مما قد يخلق موجة من التضامن الوطني ضد أي اعتداء خارجي.

بناءً على ذلك، يبدو أن ترامب ليس لديه خطط جدية لشن هجوم عسكري على إيران. ومع ذلك، هناك احتمال آخر يتمثل في اعتقاد ترامب، بناءً على تلميحات من رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إيران لن ترد بشكل حاسم على أي هجوم على منشآتها النووية.

وقد أشار قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي إلى ضرورة تغيير حسابات العدو بشأن ردود الفعل الإيرانية، مما يعكس تعقيد الموقف.

إذا وافق ترامب على هجوم اسرائيل، فقد يكون ذلك استناداً إلى تقديرات خاطئة، مما يشكل مخاطرة كبيرة لإدارته. وقد أظهر ترامب تشككه في نتنياهو، حيث نشر مقطع فيديو يتضمن انتقادات لنتنياهو، مما أثار غضب الأخير ودعوات للاعتذار.

علاوة على ذلك، تطرح التساؤلات حول جدية ترامب في التهديد بشن هجوم عسكري على إيران، خاصة بعد تراجعه عن تهديدات سابقة. هذه التهديدات، التي قد تُعتبر فارغة، تفتقر إلى المصداقية اللازمة.

في النهاية، سواء أعطى ترامب الضوء الأخضر لشن هجوم عسكري على إيران أم لا، فإن موقف إيران يبقى ثابتاً. فقد أكدت الجمهورية الاسلامية أنها غير متفائلة بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة، وأنها لا ترغب في الحرب، لكنها سترد بشكل حاسم في حال تعرضها لأي هجوم عسكري، مما قد يضر بالمصالح الأميركية أكثر من أي طرف آخر.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة