وتسلط النتائج، التي نشرها موقع ”مانشيستر ايفينينج نيوز“ الضوء على فائدة صحية غير متوقعة للمتبرعين، تتجاوز التأثير المعروف لإنقاذ الأرواح.
ووجدت الدراسة أن الرجال الذين تبرعوا بالدم أكثر من 120 مرة في حياتهم، كانوا أكثر عرضة لامتلاك خلايا دم تحمل طفرات جينية معينة مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الدم.
ويعتقد الباحثون أن التبرع بالدم يعزز نمو هذه الطفرات المفيدة، مما يؤدي إلى تشكيل التركيب الجيني للدم بمرور الوقت.
ووصف دومينيك بونيه، رئيس مختبر الخلايا الجذعية المكونة للدم في معهد فرانسيس كريك والمؤلف الرئيسي للدراسة، البحث بأنه "مثال رائع على كيفية تفاعل جيناتنا مع البيئة مع تقدمنا في العمر."
وأوضح بونيه أن الأنشطة التي تفرض مستويات منخفضة من الضغط على إنتاج خلايا الدم، مثل التبرع بالدم، تشجع على تجديد الخلايا الجذعية وظهور طفرات مفيدة قد تعزز نمو الخلايا مع كبح تطور الأمراض.
ومع التقدم في العمر، تتراكم الطفرات بشكل طبيعي في خلايا الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطانات مثل سرطان الدم.
وتشير الدراسة إلى أن التبرع بالدم يحفز الخلايا الجذعية في الجسم على إنتاج خلايا دم جديدة، مما قد يؤثر على التركيب الجيني بطرق قد تكون وقائية.
وكشفت الاختبارات التي أجريت أثناء البحث أن المتبرعين المتكررين لديهم طفرات جينية مختلفة بشكل ملحوظ في خلايا دمهم مقارنة بأولئك الذين نادرًا ما تبرعوا.
وظهرت طفرة معينة بشكل أكثر شيوعًا لدى المتبرعين المتكررين، ويبدو أن نمو هذه الخلايا الطافرة يتأثر بعملية التبرع بالدم.
وأشارت التحليلات الإضافية إلى أن هذه الطفرة ليست مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الدم، بل قد تساعد حتى في كبح نمو الخلايا السرطانية.
ومع ذلك، حذر الباحثون من أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتحديد التأثير الكامل للتبرع بالدم على خطر الإصابة بالسرطان.
وأكد بونيه أن حجم العينة كان محدودًا نسبيًا، وأن الدراسات واسعة النطاق ستكون ضرورية لتأكيد ما إذا كان التبرع بالدم يقلل بشكل مباشر من حدوث الطفرات التمهيدية لسرطان الدم.
وقال بونيه: "قد يكون الأشخاص الذين يتبرعون بالدم بالفعل أكثر صحة بسبب متطلبات الأهلية، وهذا ينعكس أيضًا في تركيبة خلايا دمهم."
وأضاف: "مع ذلك، فإن الرؤى التي اكتسبناها حول أنماط الطفرات المختلفة وتأثيراتها مهمة.“
ويقول الخبراء إن النتائج تشير إلى أن التبرع بالدم قد يعزز الكفاءة العامة لنظام الدم لدى الفرد. وقال آش توي من جامعة بريستول إن العملية "تعمل كعامل انتقائي يعزز كفاءة الخلايا الجذعية وقدرتها على التجدد."
وأضاف أنه بالإضافة إلى إنقاذ الأرواح، قد يساعد التبرع بالدم أيضًا في تحسين صحة دم المتبرع نفسه.
وذكر هيكتور هويرغا إنكابو، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في مختبر الخلايا الجذعية المكونة للدم، أن الفريق البحثي يهدف إلى فهم كيفية تأثير هذه الطفرات على تطور سرطان الدم، وما إذا كان يمكن استهدافها لعلاج المرض أو الوقاية منه.
وبينما توفر الدراسة رؤى واعدة، يؤكد الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات لتحديد مدى تأثير التبرع بالدم في تقليل خطر الإصابة بالسرطان.