يشكو العديد من الأشخاص من الإرهاق الوظيفي الناتج عن الضغوط المستمرة في بيئة العمل. ولكن دراسة حديثة أشارت إلى أن التمارين الرياضية يمكن أن تكون وسيلة فعّالة للتغلب على هذا الإرهاق، بشرط أن تكون معتدلة من حيث الجهد البدني، حيث أظهرت الأبحاث أن التمارين الرياضية المعتدلة تعد الخيار الأمثل مقارنة بالتمارين التي تتطلب جهداً كبيراً أو القليل جداً.
ركزت الدراسة على تأثير التمارين الرياضية على الإرهاق العاطفي والرضا الوظيفي، واكتشف الباحثون أن التمارين المعتدلة هي الأكثر تأثيراً في تقليل الإرهاق وتحقيق الرضا الوظيفي.
وأكدت المؤلفة الرئيسية للدراسة، ميشيل وولف مارينوس، الأستاذة المساعدة في جامعة جورج ماسون الأميركية، أن هذا البحث يقدم تفاصيل دقيقة حول كيفية تأثير التمارين المعتدلة في تقليل الإرهاق وزيادة مستوى الإنجاز الشخصي لدى الموظفين.
في إطار الدراسة، تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات بناءً على مستوى النشاط البدني، وهي: منخفضة، متوسطة، وعالية النشاط. وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين مارسوا تمارين معتدلة كانوا أقل شعوراً بالإرهاق العاطفي وأعلى مستوى من الإنجاز الشخصي مقارنة ببقية المجموعات.
وفي هذا السياق، قال جيمي شابيرو، أستاذ علم النفس بجامعة دنفر، إن النتائج تتفق مع الدراسات السابقة التي أظهرت أن التمارين المعتدلة تساهم في تقليل التوتر وتحسين المزاج، مما يفسر الشعور بالراحة والإنتاجية في مكان العمل.
أحد النتائج المثيرة في الدراسة هو أن التمارين عالية الكثافة لم تقدم أي فائدة إضافية في تقليل الإرهاق مقارنةً بالتمارين المعتدلة. وأشار الباحثون إلى أن التمارين الشاقة قد تؤدي إلى إفراز مستويات أعلى من هرمون الكورتيزول، الذي يزيد من مستويات التوتر والضغط النفسي، مما يساهم في الشعور بالإرهاق العقلي.
توصي مارينوس وزملاؤها بممارسة مزيج من التمارين المعتدلة والصعبة خلال الأسبوع. يمكن تحقيق ذلك من خلال ممارسة التمارين الرياضية 3 إلى 5 أيام في الأسبوع، مثل المشي السريع، ركوب الدراجات، أو اليوغا.
كما يمكن للموظفين إضافة بعض الأنشطة الصغيرة اليومية مثل صعود السلالم أو ركن السيارة بعيداً عن المدخل لزيادة النشاط البدني وزيادة عدد الخطوات اليومية.
يؤكد الخبراء أن ممارسة الرياضة بانتظام تعزز من الصحة العامة، مثل تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وزيادة الذاكرة، كما تمنح الأشخاص شعوراً أكبر بالثقة والتحكم في حياتهم. وبالتالي، يمكن أن تكون الرياضة حلاً مهماً للتعامل مع الإرهاق الوظيفي.
يوصي معظم الخبراء بممارسة الرياضة لمدة 45 دقيقة على الأقل 3 إلى 4 أيام في الأسبوع، مع التركيز على التمارين المعتدلة، في حين يقترح البعض ممارسة التمارين لمدة 75 دقيقة على الأقل 5 إلى 6 أيام في الأسبوع.
في الختام، يعد النشاط البدني المعتدل الحل الأمثل للتغلب على الإرهاق الوظيفي. من خلال دمج التمارين الرياضية في حياتنا اليومية، يمكننا تحسين مستوى الطاقة والإنتاجية في العمل، فضلاً عن تعزيز الصحة العامة والشعور بالإنجاز الشخصي.