البث المباشر

الإيمان العملي بالمهدي عليه السلام/الى متى تشريد وتقتيل أهل البيت/حكاية عنوانها (أقلبت على الله)

السبت 20 إبريل 2019 - 15:32 بتوقيت طهران

(الحلقة : 404)

موضوع البرنامج:
الإيمان العملي بالمهدي عليه السلام
الى متى تشريد وتقتيل أهل البيت
حكاية عنوانها (أقلبت على الله)

أيا صاحب الأمر المطل بمجده

على الكون في حبل من النور ممتد

تغيبت حتى قبل أنك لم تكن

وأشكلت حتى قيل جاز عن الحد

فمن منكر لا عن دليل وحجة

ومن جاحد غاو مصر على الجحد

وما خفيت شمس النهار لناظر

وما حجبت فالذنب للأعين الرمد


بسم الله والحمد والمجد لله رب العالمين وغياث المستغيثين وأسنى صلواته الزاكيات على صفوته الهداة أبي القاسم محمد المختار وآله النجباء الأطهار.
السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته..
الأبيات التي إستمعتم لها في هذا اللقاء هي من قصيدة مهدوية للأديب العالم الشيخ محمد حسين الصغير ننثر مقاطع أخرى بين فقرات هذا اللقاء.
أما عنواين هذه الفقرات فالأولى وضعنا لها العنوان التالي:الإيمان العملي بالمهدي عليه السلام
والفقرة التي تليها تشتمل على الإجابة عن سؤال الأخت لمياء كاظم حفظها الله عن : الى متى تشريد وتقتيل أهل البيت
وحكاية هذا اللقاء هي واقعة موثقة في سيرة الفقيه القرآني زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني، وضعنا لها العنوان التالي: أقلبت على الله
تابعونا إذن مشكورين في محطات حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب)، ونبدأ بالفقرة التالية وعنوانها:
قال مولانا الإمام السجاد علي زين العابدين – صلوات الله عليه -:
"..إن للقائم غيبتين إحداهما أطول من الأخرى... أما الأخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر كثير ممن يقول به فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجاً مما قضينا وسلم لنا أهل البيت".
مستمعينا الأكارم، الحديث الذي استمعتم له آنفاً روته عدة من مصادرنا الحديثية المعتبرة مثل كتاب كمال الدين للشيخ الصدوق والغيبة للشيخ الطوسي وغيرهما، وفيه إشارة مهمة لقضية السبيل العملي ليس على الإعتقاد النظري بوجود الإمام المهدي وغيبته – عجل الله فرجه – بل على الإيمان العملي بذلك؛ وهو الأهم، فما الفرق بين هذا وذاك؟
الإيمان النظري هو الذي تبقى آثاره في دائرة العقل دون القلب والجوارح، فلا يظهر على مشاعر الإنسان ولا على سلوكه وأعماله. ومثاله في دائرة التوحيد أن الإنسان قد يؤمن بوجود الله عزوجل وبصفاته نظرياً لكن هذا الإيمان لا ينعكس على مشاعره لكي يبعث فيها حب الله وحب عبادته والتوجه إليه تبارك وتعالى وبالتالي لا ينعكس في سلوكه بصورة إجتهاده في ابتغاء مرضاة الله بالإقبال على طاعته وما أمر به واجتناب المعاصي وما نهى عنه جل جلاله.
والأمر نفسه يصدق على الإيمان بولي الله وخليفته المهدي – أرواحنا فداه – فإذا انحصر في الإطار النظري لا تظهر آثار على مشاعر الإنسان بصورة التشوق للقاء الإمام وزيارته والسعي للعمل بما يرضيه وفيه رضا الله عزوجل وسائر أعمال الجوارح الأخرى.
في حين أن علامة صدق الإيمان العملي بإمام العصر – أرواحنا فداه – هو ظهور آثار هذا الإعتقاد في مشاعر المؤمن بالصور المذكورة آنفاً حيث يعيش المؤمن باستمرار حالة التشوق العملي لمولاه وإمام زمانه، وتظهر آثاره على سلوك المؤمن في اهتمامه البليغ في السعي لمرضاة إمام زمانه – عليه السلام – واتخاذ المواقف التي يضمن أن رضاه – عليه السلام – في اتخاذها تجاه مختلف الحوادث الواقعة التي تنزل به، وهذا هو في الواقع جوهر الإمامة والإئتمام بالإمام المعصوم – أرواحنا فداه – والى هذا المعنى تشير أكثر الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن إنكار كثير ممن آمن بالإمام المهدي وغيبته لهذا الإيمان ورجوعهم عنه، فالمراد هو الإيمان العملي بالمعنى المذكور.
مستمعينا الأفاضل، من هنا نفهم سر قول الإمام زين العابدين – عليه السلام"فيطول أمدها – يعني الغيبة الكبرى – حتى يرجع عن هذا الأمر كثير ممن يقول به، فهو – عليه السلام – إستخدم فعل المضارع (يقول) وهو يفيد الإستمرارية، وفيه إشارة الى أن بعض المنكرين يخسرون الإيمان العملي وإن بقوا على إيمانهم النظري.
ثم يبين مولانا السجاد – صلوات الله عليه – سبيل الثبات والإستقامة على الإيمان بالمهدي في غيبته – عجل الله فرجه – حيث يقول: "فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجاً مما قضينا وسلم لنا أهل البيت.
إذن فها هنا عوامل ثلاثة تعين المؤمن على الثبات في الإعتقاد والإيمان العملي بإمام زمانه، الأول: هو قوة اليقين القلبي بوجوده – عليه السلام -.
والثاني: صحة المعرفة به التي تتضمن الإيمان التفصيلي بقيامه بمهام الأمر من خلف إستار الغيبة كرعاية المؤمنين ودفع الأخطار عنهم وإعانتهم وإغاثتهم في الفتن والتمهيد لظهوره – عجل الله فرجه – بتوفير شروطه اللازمة مثل اعداد العدد الكافي من الأنصار المخلصين ونظائر ذلك.
أما العامل الثالث، فهو تسليم المؤمن لأمر أهل البيت – عليهم السلام – والمراد منه رضا المؤمن بما تقتضيه ثوابت منهجهم من مواقف تجاه أنواع الحوادث الواقعة وإن خالف ذلك ميول المؤمن، فيتبعها ولا يجد حرجاً في صدره من ذلك، فلا يتقدم عن موقف إمام زمانه – أرواحنا فداه – تجاه أي شأن من الشؤون السياسية، ففي ذلك المروق والسقوط في متاهات العجلة المذمومة وندهما ولا يتأخر عنه – عليه السلام – فيهلك بخذلان الله عزوجل له بسبب تحلفه عن إمام زمانه – عجل الله فرجه -.

وجودك فينا رحمة في وجودنا

ونفح عبير ينبي عن الورد

وآباؤك الغر الهداة صحائف

من النور نتلوها بألسنة الحمد

وإنك من هذي العوالم سرها

فما حيرة الألباب في الجوهر الفرد

نؤمل أن نحيا بظلك أمة

منفذة الأحكام مبسوطة الأيدي


نتابع أيها الأعزاء من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران تقديم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب)
أما الآن فننتقل لرسالة الأخت الكريمة (لمياء كاظم) التي بعثتها للبرنامج عبر بريدنا الإلكتروني واشتملت على سؤال تقول فيه:
هل أن التشريد والتقتيل والتطريد الذي أخبر رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه سيشمل أهل بيته يشمل السادة وسائر الذرية المحمدية أم يختص بأهل بيته المعصومين – عليهم السلام – وهل أن نهايته ستكون بخروج الرايات السود أم بظهور الإمام المهدي – عليه السلام – وهو من أبرز مصاديق من وقع التشريد والتطريد من أهل البيت – عليهم السلام -؟
نستمع أيها الأحبة لإجابة الأحاديث الشريفة عن هذا السؤال من أخينا الحاج عباس باقري:
باقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات وسلام على اختنا الكريمة لمياء كاظم.
أخت لمياء بالنسبة للأحاديث الشريفة عندما تدققون في نص هذا الحديث الشريف وهو مروي عن طرق الفريقين، عدة من الروايات التي صحح أسانيدها الحاكم النيسابوري في مستدركه على البخاري وعلى مسلم وعلى شروطهما، كما أن الحديث مروي في مصادر اخرى متعددة. لو تلاحظون النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يقول "إننا اهل بيت إختار لنا الله الآخرة على الدنيا وإنه سيلقى أهل بيتي... " تعبير من يصدق عليه أنه أهل البيت. العلماء والمحققون أشاروا بأن المقصود من العصمة، المقامات الخاصة، آيات التطهير وغيرها من الأحاديث الشريفة الواردة بأهل البيت تختص بالأئمة الإثني عشر فضلاً عن الصديقة الزهراء سلام الله عليها، هذا المصداق الأول. اذن أهل البيت أساس التشريد والتقتيل متوجه لهم عليهم السلام لأنهم اعلام الهداية وأعلام العدالة الالهية واعلام الهداية المحمدية وغير ذلك. ولكن ذلك لايمنع مما تفضلت به أن يشمل السادة والأشراف، من ينتمي اليهم عليهم السلام يعني كل سيد وكل من ينتمي الى الذرية المحمدية قد لايتعرض الى التقتيل والتشريد إلا بلحاظ كونه يمثل أهل البيت سلام الله عليهم، أمثال زيد بن علي سلام الله عليه وهو القائم براية من رايات آل محمد صلى الله عليه وآله فيتعرض للقتل والتشريد. من يصدق عليه حتى ولو لم يكن منتمياً نسبياً الى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ولكنه منتمي عملياً لمنهج اهل البيت سلام الله عليهم، يتعرض للقتل والتشريد كما جرى مثلاً لعمرو بن الحوض، كما جرى لحجر بن عدي، كما جرى ويجري على مدى التاريخ الاسلامي والى يومنا هذا. من ينتمي لأهل البيت يتعرض للتقتيل والتشريد فبهذا اللحاظ تكون هذه من العلامات أما هل سينتهي بظهور المهدي أم بخروج الرايات السود؟ الرواية تقول حتى ترتفع رايات سود في المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ويسألونه فلايعطونه فيقاتلون فينصرون. لاحظوا حتى تتحدث عن بدأ مرحلة جديدة لاينتهي التقتيل والتشريد في اهل البيت سلام الله عليه عند ظهور الرايات السود، هو تحققه يكون عند ظهور الامام المهدي سلام الله عليه بالكامل ولكن إزالة الظلم لاتكون عن آل محمد صلى الله عليه وآله وحدهم بل عن جميع المؤمنين بل عن جميع المستضعفين في الأرض ولكن الأمر مرتبط بظهور الامام المهدي. ظهور الرايات السود هو بدأ لحالة من المواجهة في طلب الحق وإحقاقه وتكون حاسمة وختامها بظهور الامام المهدي سلام الله عليه فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. تحقق العدالة الالهية بالكامل ومن ضمن مصاديق ومفردات العدالة الالهية إنتهاء حالة التقتيل والتشريد للمؤمنين على ايمانهم هذا ما يتحقق في زمن ظهور مولانا الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من خيار انصاره في ظهوره وفي غيبته. اللهم آمين.
كانت هذه إجابة أخينا الحاج عباس باقري على سؤال حلقة اليوم من برنامج (شمس خلف السحاب) فشكراً له.
وشكراً لكم أيها الأطائب وأنتم تتابعون البرنامج بالإستماع لحكاية هذا اللقاء التي ننقلها لكم تحت عنوان:

أقلبت على الله


أيها الإخوة والأخوات، من خلق مولانا الإمام المهدي – أرواحنا فداه – جميل رعايته للمخلصين في تعبدهم لله عزوجل ودفعه الأخطار عنهم، ومن شواهد هذا الخلق الكريم، الحكاية الموثقة التالية، والتي نقلها آية الله الميرزا حسين النوري خاتمة المحدثين – رضوان الله عليه – في كتابه الوثائقي (جنة المأوى فيمن فاز بلقاء المهدي في غيبته الكبرى) وهو كتاب استدرك به الميرزا النوري على ما ذكره العلامة المجلسي في هذا الشأن في الأجزاء الخاصة بالإمام المهدي – عجل الله فرجه – من موسوعة البحار ولذلك فقد طبع كتاب (جنة المأوي) ملحقاً بهذه الأجزاء من الطبعة الجديدة للبحار؛ وقد نقل الميرزا النوري هذه الواقعة من كتاب (بغية المريد في الكشف عن أحوال الشيخ الشهيد).
والمقصود هو الشهيد الثاني علم علماء الإمامية في القرن الهجري العاشر الفقيه المجاهد زين الدين بن علي العاملي المستشهد على أيدي ذيول الأمويين سنة ۹٦٥ للهجرة رضوان الله عليه.
أما مؤلف الكتاب فهو أحد أعلام تلامذة هذا الفقيه القرآني الجليل وهو العالم المحقق محمد بن علي بن الحسن العودي، وقد نقل الواقعة التالية ضمن وقائع سفر الشهيد الثاني – رضوان الله عليه – في رحلته من دمشق الى مصر.. ننقل لكم أيها الأعزاء نص هذه الواقعة بعد قليل فابقوا معنا..
قال الفاضل الأجل الشيخ ابن العودي ضمن حديث عن وقائع رحلة أستاذه الشهيد ما نصه:
(واتفق له في الطريق ألطاف إلهية وكرامات جلية، حكى لنا بعضها، منها ما أخبرني به ليلة الأربعاء عاشر ربيع الأول سنة ستين وتسعمائة أنه في [بلدة] الرملة مضى الى مسجدها المعروف بالجامع الأبيض لزيارة [قبور] الأنبياء والذين في الغار وحده، فوجد الباب مقفولاً وليس في المسجد أحد، فوضع يده على القفل وجذبه فانفتح، فنزل الى الغار واشتغل بالصلاة والدعاء وحصل له إقبال على الله بحيث ذهل عن إنتقال القافلة [فلما خرج] وجدها قد ارتحلت ولم يبق منها أحد، فبقي متحيراً في أمره مفكراً في [كيفية] اللحاق بها مع عجزه عن المشي [وفقدانه] أسبابه مخافته [من قطاع الطريق]، وأخذ يمشي على أثرها وحده، فمشى حتى أعياه التعب فلم يلحقها ولم يرها من البعد، فبينما هو في هذا المضيق إذ أقبل عليه رجل لاحق به وهو راكب بغلاً، فلما وصل إليه قال له: إركب خلفي، فردفه ومضى كالبرق، فما كان إلا قليلاً حتى لحق به بالقافلة وأنزله وقال له: إذهب الى رفقتك ودخل هو في القافلة.
قال الشهيد الثاني: فتجريته [أي بحثته عنه] مدة الطريق فما رأيته أصلاً ولا قبل ذلك).

متى تشرق الدنيا ويزهو ربيعها

بمنتظر الأجيال والقائم المهدي

فقد عطل الشرع الحنيف وأثخنت

جراح الهدى من واثبين على عمد

وأنت من الأقمار من آل أحمد

مصابيح في البلوى، مناجيد في الرفد

فديتك عجل بالظهور مغيثنا

وطهر بلاد الله من ساسة الوغد


ختاماً تقبلوا منا أيها الأكارم جزيل الشكر وأصفاه على جميل صحبتكم لنا في حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب).
لكم دوماً أطيب الدعوات من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم في رعاية الله وأمنه سالمين غانمين والحمد لله رب العالمين.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة