لقد التحق الحاج محمد عفيف، كما تمنى، برفاق دربه وبحبيب قلبه وأبيه الذي كان يحب أن يسميه بهذا الاسم، الشهيد الأسمى سماحة السيد حسن نصرالله. كان يستمدُ من حكمته قوة، ومن توجيهاته رؤية وبصيرة ونورًا. لقد كان مثال الأخ الوفي، والعضد القوي، وأمينًا على صوت المقاومة، وركنًا أساسيًا في مسيرة حزب الله الإعلامية والسياسية والجهادية.
وأكد حزب الله "هو الذي لم ترهبه تهديدات العدو بالقتل، واجهها ببأسٍ شديد وبعبارته المشهورة: «لم يخفنا القصف فكيف تخيفنا التهديدات». أصر بشجاعته المعهودة على الحضور الإعلامي الجريء لمواجهة الآلة الإعلامية الإسرائيلية، ونقل صوت المقاومة وموقفها، ورسم معالم المعركة القائمة بكل وضوح من خلال إطلالاته الحية في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت".
وكان الشهيد محمد عفيف النابلسي يرسم بقلمه النيّر ومواقفه الشجاعة أحرف المجد والانتصارات، ويدب الرعب في نفوس العدو، يخط بأوتار صوته عزف الموت لبيتهم الواهن. بندقية كلماته كانت تقتلهم، وصوته السيف كسر جبروتهم، كان ينقل ما يفعله الكربلائيون في الميدان، ويسطر ملاحمهم في الإعلام، فكان حقًا أسد ميدان الإعلام، وهو الذي صدح بصوتٍ عالٍ في أذان العدو وقلوبهم قائلاً: «المقاومة أمة، والأمة لا تموت».
وتقدم حزب الله بالعزاء من صاحب العصر والزمان "عجل الله تعالى فرجه الشريف" ومن سماحة ولي أمر المسلمين حفظه المولى ومن الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله، ومن إخوانه المجاهدين في المقاومة الإسلامية، ومن عائلته الشريفة الصابرة المحتسبة، ونسأل الله تعالى أن يمّن عليهم بالصبر الجميل وثواب الدنيا والآخرة.
اليقين بالنصر.. رفيق خطاباته الأخيرة
رفيق خطاباته الأخيرة كان اليقين بالنصر.. وقع كلامه كان أقوى من غارات العدو الغاشمة، لم يخفه القصف ولا التهديد، حتى نال احدى الحسنيين. والتحق مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف النابلسي، المعروف بـ"الحاج محمد عفيف" بركب القافلة النورانية.
هو نجل العلامة الشيخ عفيف النابلسي، من بلدة البيسارية إحدى قرى جبل عامل بالقرب من مدينة صيدا. أحد أهم وجوه حزب الله الإعلامية، تولى مهمة نقل رسائله وتوضيح سياساته للجمهور في أحلك الظروف وأصعبها.
مستشار الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، المهمة الاقرب لقلب الشهيد محمد عفيف، التي تولاها لسنوات، ثم مسؤولا للعلاقات الاعلامية منذ العام الفين واربعة عشر حتى تاريخ الاستشهاد.
وفي تاريخه سيل من محطات الجهاد الاعلامي، ابرزها في تموز عام الفين وستة، يوم كان مديرا للاخبار والبرامج السياسية في قناة المنار ابان تلك الحرب. ورحلته مع المنار لم تقتصر على منصب او مقام، فكان دائما منها ولها، ومن مسؤولياته انه تولى مديرا عاما لها في بدايات انطلاقتها.
صوت ووجه اعلامي بارز من حزب الله، ظهر علناً في العديد من المؤتمرات الصحافية قبل الحرب وفي خضمّها، مدافعًا عن سياسات المقاومة وقراراتها، لكنّ الحنين والشوق لسيّد شهداء الأمّة كان أقوى، فعاجله الرحيل حيث يهوى.