يعتبر السابع من أكتوبر 2023، هو اليوم الذي تم تسجيله كنقطة تحول في تاريخ النضالات العالمية ضد الاستعمار. ولم يكن هذا اليوم حركة عسكرية فحسب، بل كان له أيضًا معنى أعمق بالنسبة للجبهة المناهضة للاستعمار.
وكانت العملية التي بدأتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" المناهضة للاستعمار والتي أطلق عليها اسم "طوفان الأقصى" أكثر من مجرد معركة جسدية؛ بل كان تجسيدا للمقاومة الجماعية للأمة ضد الحكم الشرير الذي تجلى في شكل الاحتلال الصهيوني. وما جعل هذه العملية مختلفة هو النجاحات الجوهرية التي هزت إنجازاتها أسس الهيمنة الزاحفة والبنى الاستعمارية.
تكاليف إنقاذ الأمة من الاستعمار
لا توجد حركة مناهضة للاستعمار بدون تكلفة. زخلال هذا العام، واجه الفلسطينيون الإبادة الجماعية والتهجير الجماعي. واستشهد أكثر من 42 ألف شخص وأصيب عشرات الآلاف. كما كان الفقر والجوع وتدمير البنية التحتية من العواقب الأخرى لهذه المقاومة. ولكن لا ينبغي لنا أن ننسى أن هذه التضحيات هي جزء من التكلفة التي تدفعها الأمة من أجل تحقيق الحرية وإنهاء الاستعمار. وكما أكد قادة المقاومة مراراً وتكراراً، فإن هذه المعركة كانت معركة "وجود"؛ الحفاظ على هوية ووجود الأمة التي ترزح تحت احتلال وقمع المهاجرين الأوروبيين والغربيين منذ 70 عاماً.
فشل لا يمكن إصلاحه
وقد صاحبت هذه العملية نجاحات استراتيجية عميقة. واستطاعت حماس أن توجه ضربات قوية للنظام الصهيوني عسكرياً واستخباراتياً، وانكسرت هذه الهوية العسكرية للنظام. وبعيداً عن النصر العسكري المؤقت، فقد كشفت هذه النجاحات أيضاً عن شروخ عميقة في بنية السلطة في إسرائيل. وحاول الكيان، الذي اعتمد على الآلة العسكرية الأمريكية وأجهزتها الاستخباراتية، فرض هيمنته على شعوب غرب آسيا المعذبة، وعانى من صدع عميق تأثيرات متتابعة لطوفان الأقصى، وظلت تتلقى ضربات متواصلة من اليمن ولبنان والعراق وإيران.
ولذلك أشار قائد الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام الخامنئي بحق إلى أن الكيان الصهيوني بعد 7 أكتوبر لم يعد مثل الكيان السابق وأن هذه الضربات لا يمكن إصلاحها.
الصحوة العالمية
وعلى المستوى الدولي، أعادت هذه العملية القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العالمي. وبينما بذلت بعض القوى العالمية والإقليمية جهوداً سابقة لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني غير الشرعي وتهميش القضية الفلسطينية، إلا أن طوفان الأقصى أعادت هذه القضية مرة أخرى إلى الأجندة العالمية لدرجة أن دولاً مثل الجزائر وجنوب أفريقيا رفعت قضية جرائم الكيان الصهيوني إلى المحكمة الجنائية الدولية، وحشد الرأي العام العالمي، من أوروبا إلى أمريكا، لصالح العمل المناهض للاستعمار من قبل الفلسطينيين.
الطبيعة العميقة والأساسية للنجاحات
وكان من أهم إنجازات طوفان الأقصى انهيار أسطورة المناعة وعدم تفكك الكيان الصهيوني باعتباره آخر مؤسسة استعمارية كلاسيكية على وجه الأرض. وهذه الحركة الهائلة حطمت عظمة هذا الكيان. كيان اعتبر نفسه قوة المنطقة بلا منازع. وفي هذه الأثناء، أظهرت الأفلام المنشورة مشاهد الانهيار النفسي والعسكري لكيان خطير على العالم، والذي ادعى طوال 75 عاما التفوق العنصري فضلا عن العسكري والاستخباراتي.
وأخيرا، لم تكن طوفان الأقصى عملية عسكرية ناجحة فحسب، بل أظهرت أيضا أن النضالات ضد الاستعمار يمكن أن تبدأ تيارا أساسيا وعميقا، حتى في أسوأ الظروف،.
parstoday