الحمد لله والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى الهادي خلقه الى قربه عز وجل المحمد الاحمد وعلى آله الهداة الى الله بامره الاخذين بيد من صدق واتقى الى قرب ربه الاعلى.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم ومرحباً في الحلقة الاولى من حلقات هذا البرنامج الذي نسأل الله عز وجل ان يكون مباركاً ببركة فاتح الخير حبيبنا رحمة الله الكبرى للعالمين محمد (صلى الله عليه وآله).
موضوع البرنامج اعزاءنا هو شرح وتأملات وجدانية قلبية في نص الزيارة المأثورة التي اتحفنا بها ائمة الهدى عليهم السلام لكي نزور بها نبينا الاعظم (صلى الله عليه وآله) من بعد، فلنمهد لذلك بوقفة قصيرة، عند فضل زيارته (صلى الله عليه وآله)، وبركاتها وآثارها في تقريب العبد من ربه الاعلى جل جلاله، فكونوا معنا.
اجمع المسلمون بمختلف مذاهبهم باستثناء من أثرت فيه شوائب الاحقاد الاموية والسفيانية على استحباب زيارة النبي الاكرم وزيارة قبره (صلى الله عليه وآله) وبصورة مؤكدة، وصرحوا بانها من اعظم القربات الى الله عز وجل ولنبدأ اولاً بنقل بعض اقوال علمائهم من غير مدرسة اهل البيت عليهم السلام بهذا الخصوص.
قال الحافظ الممدوح في كتابه: رفع المنارة لتخريج احاديث التوسل والزيارة على الصفحة الحادية والخمسين تحت عنوان كلام الائمة والفقهاء في استحباب زيارة القبر النبوي الشريف:
قال الامام ابو زكريا النووي: واعلم ان زيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من اهم القربات وانجح المساعي، فاذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحباباً متأكداً ان يتوجهوا الى المدينة لزيارته (صلى الله عليه وآله) وينوي الزائر من الزيارة التقرب وشد الرحل اليه والصلاة فيه.
وجاء في الصفحة ۲۱٤ من كتاب الايضاح في مناسك الحج قول الامام النووي اذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة فليتوجهوا الى مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لزيارة تربته فانها من اهم القربات وانجح المساعي وقد روى البزاز والدارقطني باسنادهما عن ابن عمر قال: 
قال رسول الله: من زار قبري وجبت له شفاعتي.
وقال الفقيه الشافعي المعروف ابن جحر الهيثمي معلقاً على الحديث النبوي من زار قبري وجبت له شفاعتي، قال: الحديث يشمل زيارته (صلى الله عليه وآله) حياً وميتاً ويشمل الذكر والانثى، والآتي من قرب او بعد، فيستدل به على فضيلة شد الرحال لذلك وندب السفر للزيارة اذ للوسائل حكم المقاصد، انتهى قوله كما في حاشية الايضاح والمعنى ان اصل السفر للزيارة يكون بذلك عملاً عبادياً مقدساً لانه وسيلة لتحقق الزيارة.
اما محقق المذهب الحنفي الكمال بن همام فقد صرح في الجزء الثالث من شرح فتح القدير بأن بعض مشائخ المذهب الحنفي افتى بان زيارته (صلى الله عليه وآله) تكاد تكون واجبة لمن له سعة، فقال: مشايخنا رحمهم الله تعالى ان زيارته (صلى الله عليه وآله) من افضل المندوبات وفي كتابي مناسك الفارس وشرح المختار، انها قريبة من الوجوب لمن له سعة.
وقال الفقيد الحنبلي ويستحب زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) لما روى الدارقطني باسناده عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي.
اما الفقيه الشافعي الحافظ ابن حجر العسقلاني فقد صرح باجماع علماء المسلمين على مشروعية زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) ففي الصفحة السادسة والستين من الجزء الثالث من كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري قال عن الزيارة: فانها من افضل الاعمال واجل القربات الموصلة الى ذي الجلال وان مشروعيتها محل اجماع بلا نزاع.

*******

ولكن مستمعينا الاعزاء لماذا صارت زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) من اعظم الاعمال واجل القربات الى الله عز وجل؟ بعض اسرار ذلك يبينها ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي في اللقاء الهاتفي التالي الذي اجراه معه زميلنا نستمع معاً:
المحاور: سماحة الشيخ فيما يرتبط بالنصوص الشريفة تؤكد على زيارة قنبر النبي صلى الله عليه وآله، لاحظنا في اقوال فقهاء المسلمين انهم يعتبرونها من اهم القربات وانجح المساعي في التقرب الى الله تبارك وتعالى، ما هو السر في ذلك؟
الشيخ باقر الصادقي: بلا شك ان النبي الاكرم صلى الله عليه وآله له حق عظيم على هذه الامة اذ اخرجهم من ظلمات الجهل الى نور العلم وكان الواسطة بينهم وبين الله تبارك وتعالى وارسله الله رحمة للعالمين ورحمة لهذه الامة على وجه الخصوص بلا شك من باب اداء حق هذا الرسول العظيم ورد الاحسان اليه فمن اعظم القربات الى الله ان يجدد المسلم برسول الله عهداً حتى وردت بعض النصوص من كتب القوم رووها عن عبد الله بن عمر انه من حج ولم يزرني فقد جفاني يعني هذا نوع من الجفاء نوع من عدم اعطاء حق النبي صلى الله عليه وآله يعني انت تصل مكة ومكة لا تبعد عن المدينة الى مقدار بسيط واذا تعرض عن زيارة هذا النبي الذي له حق عليك، فالحقيقة هذا نوع من الجفاء، ثم ما في زيارته من القربات والرحمات من الاجر ومن غفران الذنوب امرنا وامرت هذه الامة الاتيان الى قبر النبي والاستغفار عنده ليستغفر لهم الرسول قال تعالى «ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً».
المحاور: هذا فيما يرتبط باصل الزيارة هل هنالك اثر اداء حق الرسول صلى الله عليه وآله بهذه الزيارة من خلال التكريم والتعظيم؟
الشيخ باقر الصادقي: ان هذه الزيارة فيها تكريم وتعظيم وان حتى الكفرة وغير المسلمين عندهم اهتمام لاحياء ذكرى بعض الشخصيات افرض مثلاً قضية الجندي المجهول وبعض الشخصيات للذين لهم حق عليهم ترى يقدمون لهم بين الحين والاخر اكليل من الزهور او ماشئت حسب طقوسهم وعاداتهم، فنحن من باب اولى ان نجدد العهد للنبي ونكرم هذا النبي ونأتي اليه، الروايات كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله من زارني زرته يوم القيامة حتى اخلصه من اهوالها وهذا بغض النظر عن التكريم هناك اجر وثواب للزائر.
المحاور: طيب فيما يرتبط بالزائر نفسه يعني وما سألتكم من اجر فهو لكم كلما يرتبط بمودة اهل البيت مودة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله تجليلهم وتكريمهم فالواقع يعود آثاره على الشخص نفسه آثار هذه الزيارة وهي زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله في تقريب العبد من ربه؟
الشيخ باقر الصادقي: طبيعي هناك مواطن في الارض الله سبحانه وتعالى جعل لها نوع من العناية واحب الله عز وجل ان يدعى في تلك الاماكن حتى يستجيب الدعاء وان القبر الذي دفن فيه النبي صلى الله عليه وآله تلك البقعة الطاهرة بلا شك انها من الجنة وروضة من رياض الجنة فيستحب للانسان ان يأتي ويدعو الله ويصلي ويقرأ القرآن وبالتالي يحصل على نصيب اكبر من هذه الرحمة الالهية لان الرحمة تفاض من الله على النبي ثم تفاض الى الناس فحينما يأتي الانسان الى هذه الاماكن بلا شك يكون له نصيب وافر من هذه الرحمة المنزلة من الله على انبياءه وعلى اولياءه.
ايها الاخوة والاخوات وثمة آثار وبركات اخرى لزيارة النبي (صلى الله عليه وآله) نوكل الحديث عنها الى الحلقة المقبلة من هذا البرنامج رزقنا الله واياكم صدق مرافقة حبيبنا المصطفى في الدنيا والاخرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******