بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد والشكر رب العالمين، والصلاة والسلام على كهفه الحصين محمد واله الطاهرين.
السلام عليكم احباءنا، ها نحن نلتقيكم على بركة الله وبتوفيقه في حلقة اخرى من برنامج عوالم ومنازل، اعددنا لكم اعزاءنا فقرات تحمل العناوين التالية:
- روائية عقائدية: رحمة في صحف الاعمال
- "الصلوات ودخول الجنة"، وهي اجابة من خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند عن بعض اسئلتكم
- وهي عبارة عن حكايتين وعدة عبر: لقمة بلقمة وكرامة دعاء الاب
- واخيراً فقرة ادبية عنوانها: اطلب ما ليس في يدي
*******
نبدا ايها الاخوة والاخوات بالفقرة الاولى وعنوانها هو:
رحمة في صحف الاعمال
منمواقف يوم القيامة المهمة موقف نشر كتاب الاعمال وصحفها.
وقد اهتمت الايات الكريمة والاحاديث الشريفة بتعريف الناس بحقيقة ان جميع اعمال الناس محفوظة في صحف ستنشر لكل الناس يوم القيامة وينشر معها كتاب الهي جامع لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها، وان كُلُّ نَفْسٍ تجد يوم القيامة كل ما عملته مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا .
وان ثمة ملائكة مكلفين بتسجيل هذه الاعمال جمعياً وان من ورائهم حفيظ لا يغيب عن علمه شيء.
فما هو السر في شدة الاهتمام ببيان هذه الحقيقة في الايات الكريمة والاحاديث الشريفة؟
مما لا شك فيه ايها الاخوة والاخوات ان ثمة حكمة تربوية من بيان كل حقيقة، من الحقائق المرتبطة بهذا الموقف من مواقف يوم القيامة، كما ان ثمة حكمة مشتركة بين جميع هذه الحقائق تشير اليها وتنبه طلاب النجاة عليها، فما هي هذه الحكمة؟!
العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه وبصدد الاجابة عن السؤال المتقدم قال هو يبحث هذا الموضوع في تفسير القيم الميزان: (هو ترغيب للناس بتطبيب نفوسهم بان عملهم لا يضيع واجرهم لا يتخلف.. فهم في امن من الظلم بنسيان اجرهم، كما انهم في امن من ان لا تحفظ اعمالهم او تنسى بعد الحفظ).
وما قاله رحمه الله يتعلق كما هو واضح الافاضل بالاعمال الصالحة اما بالنسبة للاعمال السيئة اعاذنا الله واياكم منها ففي التاكيد على تسجيل في صحف الاعمال والكتاب الالهي الجامع حكة اخرى مكملة للاولى.
هذه الحكمة هي تحذير الانسان من عواقب ارتكاب المعاصي وبالتالي تقوية روح الورع والتقوى في نفسه لا بها لو للعمل بالوسائل التي بينتها النصوص الشريفة لمحوها من صحف الاعمال واهمها التوبة.
فلا يخفى عليكم الافاضل ان تذكير الانسان نفسه باستمرار بهذه الحقائق من شانه ان يوجد فيه حالتين هما:
الحالة الاول: اثارة فطرة حب الخير في نفسه فيندفع لعمل الصالحات التي ستسجل في كتاب عمله فلا تضيع لاهي ولا اجرها بالتالي
اما الحالة الثانية: فهي اثارة فطرة دفع الشر في نفسه فيتورع عن ارتكاب المعاصي التي تحصيها جميعا كتب الاعمال وستنشر يوم يقوم الاشهاد.
*******
اما الان احباءنا فننقل الميكرفون الى زميلنا والاتصال الهاتفي التالي مع خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند.
الصلوات ودخول الجنة
المحاور: السلام عليكم احبائنا وسلام على خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ عبر البريد الالكتروني وصلنا هذا السؤال من احدى الاخوات تقول قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من صلى عليَّ في يوم الف صلاة لم يمت حتى يبشر بالجنة»، لديها بشأن هذا الحديث سؤالين ما هي درجة صحة الحديث اذا كان الحديث صحيحاً، ثانياً فكلمة يوم هل تعني ان يقوم الانسان بذلك مرة في حياته ام المقصود ان يقوم بذلك كل يوم؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، في الحقيقة مسار الحديث ليس يقتصر على اليوم الواحد، ومن الواضح في انه هذا استحباب فحسب الحديث الذي نقلته الاخت هو طلب وحث وهو نوع من البعث والامر باتيان هذه الصلوات كل يوم، وغاية الامر هي ان ربما يتثاقلها الانسان فهنا تحث الفاض الحديث على ان الانسان لو اتى بها لو مرة لا يتقاعس ولا يعجز على الاقل مرة في العمر يأتي بها سوف يغنم هذه النتيجة العظيمة، في الحقيقة ان هناك توصية في الروايات: انه يجب على الانسان ان لا يترك مستحب وسنة من سنن النبي ولو ان يأتي به في العمر مرة، فان هذه توصية اكيدة موجودة في الشريعة بان لا ينقص الانسان في صحيفة اعماله من سنة ومن مستحب من المستحبات، لا ان المستحب مقتصر على يوم واحد وانما في جملة الايام، نظير ما ورد في صلاة الرغائب ليلة الرجب، على الاقل الانسان لا يتقاعس ولا يهمل ولا يتكاسل لان خاصيتها كذا، فاذا ما اتى بها كل عام وكل يوم او كلما ندب اليه بحسب ذكر الروايات فان ذلك يزداد اجراً وثواباً وغنيمة، فاما بالنسبة لسند الحديث الشريف لم استحضره ولكن الذي استحضره ان هناك امر دائم دائب بالصلوات على النبي وآله في القرآن الكريم وفي الروايات المستفيضة المتواترة نظير قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، وهذه الاية لم تندب الى الصلوات بزمان او بعدد معين بلغ ما بلغ، وفي أي يوم وفي أي وقت بل يستفاد من الاية الكريمة ما يزيد على الالف، حتى انه قد ذكر عند احد الفقهاء والمراجع الماضين رحمه الله وهو من مدينة همدان وكان من اهل المعنى والسير السلوك والكرامات شاهد عند احد المأمومين رائحة طيبة تفوح منه يوم يومين ثلاثة فسأل ذلك المأموم انت ايها المزارع الفلاح كبير سن من اين هذه الرائحة العطرة، فاخبره انه دائم الصلاة على النبي ليله ونهاره حتى انه تشرف حينئذن في الرؤيا في معانقة النبي قبله النبي في شفتيه فهذه الرائحة من تلك القبلة النبوية، على اية حال فخواص الصلاة على النبي وآله خواص عظيمة مذكورة وربما الكثير من الكتاب والمحققين احصوها الى عشرات الخواص منها غفران الذنوب وقوة وتولي ولاية الانسان بنبيه وعترة نبيه، منها دفع كثير من المكاره وحرز عظيم وكبير كما ورد في وصية امير المؤمنين (عليه السلام) لكميل، وخواصها ما شاء الله كتبت فيها كتب كثيرة من الفريقين صلوات على النبي وآله، وكفى بها شرفاً ان لا تقبل ولا تصح الصلاة الى بها، فعلى اية حال مضمون هذا الحديث موافق الى الخطوط العامة الواردة في الكتاب والسنة ولا غرابة في مضمونه بل ما ورد في الكتاب والسنة يفيق عدد الالف في اليوم.
المحاور: اللهم صلى على محمد وآل محمد سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً، وشكراً لاحبائنا وهم يتابعون مشكورين ما تبقى من فقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.
*******
نتابع احباءنا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقديم الحلقة اخرى من برنامج عوالم ومنازل كونوا معنا والفقرة التالية وعنوانها هو:
لقمة بلقمة وكرامة دعاء الاب
في هذا اللقاء نقدم لكم حكايتين قصيرتين الاولى من اخبار الامم السالفة والثانية معاصرة:
اما الاولى: فقد رواها الشيخ الصدوق رحمه الله في كتاب ثواب الاعمال بسنده عن مولانا علي بن موسى الرضا (سلام الله عليه).
وجاء فيها ان الله جلت حكمته ابتلى بني اسرائيل بقحط شديد استمر لعدة سنين حتى اجهدهم واصابهم من ضنك الجوع الشيء الكثير.
وفي تلك الايام كانت عند امراة منهم كسرة من رغيف خبز، ولما همت تاكلها ناداها سائل يقول: يا امة الله الجوع الجوع.
فقالت المراة في نفسها: اتصدق بها في مثل هذا الزمان فاخرجت اللقمة من فيها وقدمتها للسائل متحملة الجوع.
وكانت لهذه المراة ولد جاء الذئب فاحتمله ليذهب به بعيداً ويفترسه، فارتفع صياح الناس وركضت المراة في اثر الذئب وهنا نزل عليها اللطف الالهي.
قال مولانا الرضا (عليه السلام): فبعث الله تبارك وتعالى جبرائيل (عليه السلام) فاخرج الغلام من فم الذئب فدفعه الى امه، وقال: يا امة الله ارضيت؟ لقمة بلقمة!!
اما الحكاية المعاصرة: فقد نقلتها الصحف الايرانية عن احد المقاتلين المخلصين من الذين أصيبوا بجراحات بليغة في سني الدفاع المقدس ايام الحرب التي فرضها صدام على الجمهورية الاسلامية.
هذا المجاهد اصيب بجروح بالغة إثر انفجار قذيفة مدفعية بالقرب من خندقه في جبهات القتال أصابت شظايا القذيفة وجه هذا الشاب بتمزقات بليغة للغاية وسقط مغشياً عليه.
واستمرت حالة الاغماء به اسبوعاً، ولما فتح عينيه بعده وجد نفسه على سرير المستشفى.
قرر الاطباء إرساله الى خارج ايران بعد ان يئسوا من معالجة التمزقات الشديدة التي حصلت في وجهه، وذلك لاجراء المعالجة البلاستيكية له.
ولكن الذي ادهش الاطباء واثار اعجابهم ان عينيه بقيت سالمتين بالكامل ولم يُصابا بأبسط خدش من الشظايا التي طالت كل وجهه.
عجز الاطباء عن معرفة السبب أما هذا الشاب فد كان على معرفة كاملة بالسبب، قال حفظه الله في بيان السبب.
إن ابي كان ضريراً لا يبصر فكنت له وعلى مدى عشرين عاماً كالعصا التي يستدل بها على طريقه وكان يدعو لي باستمرار قائلاً: بني أسأل الله ان لا تعمى ابداً ولا تصاب عيناك بأي مكروه وأنا على يقين من ان دعاؤه هو السبب في عدم فقداني لبصري في تلك الواقعة.
*******
لكم جزيل شكرنا احباءنا على طيب متابعتكم لما تقدم من فقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل، وقد حان موعدكم مع آخر فقراته وهي ادبية عنوانها:
أطلب ما ليس في يدي
إخترنا لكم في هذا اللقاء مقطوعتين شعريتين معاتبة النفس والتحذير من الغفلة عن الآخرة وطول الامل والاغترار بالدنيا الفانية.
الاولى من قصيدة للشاعر المعروف ابي العلاء المعري يقول فيها على طريقته في التساؤلات ذات المغزى:
بحكمة خالقي طيّي ونشري
وليس بمعجز الخلاق حشري
وقد رفق الذي اوصى أناساً
بعشر في الزكاة ونصف عشر
وهذا الدهر بشّر بالمنايا
فلم فرحت ببشر أم بشر
اما الشاعر المعروف ابو العتاهية فهو يقول في مقطوعة مماثلة لائماً نفسه:
أضيع من العمر ما في يدي
وأطلب ماليس في يدي
ارى الامس قد فاتني رده
ولست على ثقة من غد ِ
واني لأجري الى غاية
واستقبل الموت من مولدي
وما زلت في طبقات الردى
أصعد في مصعدٍ مصعد ِ
فيوشك عما قليل أكون
منهنّ في البرزخ الابعد
*******