البث المباشر

انسان الاخرة بين عمله وثروته عاقبة طالب المكاشفات يا نفس لا تياسي فاالله ربي حوار مع الشيخ محمد السند حول تكامل الانسان في الاخرة

الأحد 7 إبريل 2019 - 08:17 بتوقيت طهران

الحلقة 122

بسم الله وله الحمد كله احسن الخالقين وخير الراحمين، واكمل الصلاة واتم السلام على خيرته من العالمين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة في حلقة اخرى من برنامج عوالم ومنازل، نلتقيكم فيها ضمن فقرات هي:
- روائية عقائدية عنوانها: انسان الاخرة بين عمله وثروته
- وحكاية عنوانها: عاقبة طالب المكاشفات
- وادبية عنوانها: يا نفس لا تياسي فاالله ربي 
- وفي غضون ذلك يجيب خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند عن سؤال بشأن تكامل الانسان في الاخرة 

*******

نبدا اعزاءنا جولتنا بالفقرة الاولى وعنوانها هو: 

انسان الاخرة بين عمله وثروته

اعزاءنا من المنازل المهمة التي ينبغي لكل من يطلب السعادة والنجاة في جميع منازل الوجود الاستعداد لها هو منزل الاحتضار والانتقال من عالم البرزخ.
وقد تحدثنا مفصلاً عن هذا المنزل وسبل الاستعداد له في حلقات سابقة، وننقل لكم في هذه الحلقة حديثا جامعا في هذا الباب رواه ثقة الاسلام الكليني رحمه الله في كتاب الكافي عن مولانا امير المؤمنين (عليه السلام). 
والحديث جدير بالمزيد والمزيد من التامل، ننقله بتمامه هنا تذكرة لنا ولكم فهو في غاية البلاغة العلوية التي تحي القلوب وتزكي النفوس وتخلص الانسان من الغفلة عن حياته الخالدة.
قال امير المؤمنين (عليه السلام) وهو باب مدينة علم النبي (صلى الله عليه وآله) في تصوير بليغ لعاقبة الانسان: ان ابن آدم اذا كان في آخر يوم من ايام الدنيا واول يوم من ايام الاخرة مثل له ماله وولده وعمله.
فيلتفت الى ماله (يعني الصورة البرزخية لثروته)، فيقول: اني كنت عليك حريصاً شحيحاً فمالي عندك؟
هنا يصور الوصي (عليه السلام) حال الانسان مع ما جمعه من اموال في دار الدنيا وما الذي سيرافقه معه في مسيرته الاخروية، فيجيب المال الذي حرص عليه: خذ مني كفنك! 
قال (عليه السلام): فيلتفت الى ولده فيقول: والله اني كنت لكم محبا واني كنت عليكم محاميا فمالي عندكم؟ 
فيقولون: نؤديك الى حفرتك فنواريك فيها.
اذن لن يرافق الانسان في مسيرته الاخروية لاماله ولا ولده، اللهم باستثناء ما انفقه في الخيرات من اموال وما تقدمه له ولده من ثوابات صالح الاعمال؛ اذ من يرافقه في برزخه 
الاجابة في تتمة حديثه عليه السلام حيث يقول: فيلتفت الى عمله فيقول: والله اني كنت فيك لزاهدا وان كنت علي ثقيلاً فما عندك فيقول (عمله): انا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى اعرض انا وانت على ربك!!
ثم يبين مولانا الامام علي (عليه السلام) اول اصحاب الاعمال الصالحة جعلنا الله واياكم منهم وحال اصحاب الاعمال السيئة اجارنا الله واياكم ان نكون منهم؛ احوالهم مع اعمالهم.
قال (عليه السلام): فان كان لله وليا اتاه اطيب الناس ريحا واحبهم منظرا واحسنهم رياشا (اي زيا) فقال: ابشر بروح وريحان وجنة نعيم ومقدمك خير مقدم فيقول له: من انت؟ 
فيقول: انا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا الجنة.
ثم قال (عليه السلام) وهو يتابع وصف حال وفاة المؤمن: وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يعجله، فاذا دخل قبره اتاه ملكا القبر، فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟
فيقول: الله ربي وديني الاسلام ونبي محمد صلى الله عليه واله وسلم، فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى وهو قول الله عز وجل: «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ».
ثم يفسحان له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا الى الجنة ثم يقولان: نم قرير العين نوم الشباب الناعم، فان الله عز وجل يقول: أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا.
وبعد ذلك ينتقل باب مدينة العلم المحمدية علي (عليه السلام) الى بيان حال من كان قد قضى عمره في سيئات عمله.
واذا كان لربه عدوا، فانه ياتيه اقبح من خلق الله زيا وانتنه ريحا، فيقول له: ابشر فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ، وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ.
قال (عليه السلام): وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يحبسوه، فاذا دخل القبر اتاه ممتحنا القبر فالقيا عنه اكفانه ثم يقولان له: من ربك؟ وما دينك ومن نبيك؟ 
فيقول: لا ادري.
ونشير هنا اعزاءنا الى الانسان في ذلك العالم لا يمكنه ان يكذب او ان يقول مالم يصدقه بالاعمال، ولذلك يعجز عن اجابة هذين الملكين، فلا يستطيع ان يتشهد بالشهادتين لانه لم يصدق الاعتقداق بهما بعمله وعمل خلافهما ولذلك يقول: لا ادري، نعود للحديث الشريف: فيقولان: لا دريت ولا هديت، فيضربان يافوخه بمرزية (اي عصا من حديد)، معهما ضربة ما خلق الله عز وجل من دابة الا تذعر لها ما خلا الثقلين، ثم يفتحان له بابا الى النار، ثم يقولان له: نم بشر حال، ويسلط الله عليه حيات الارض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره.
رزقنا الله واياكم الافاضل خير الدنيا والاخرة وحسن العاقبة، اللهم امين.

*******

اما الان فندعوكم احباءنا الى الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا وهو مع خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وفيه يجيب عن بعض اسئلتكم للبرنامج نستمع معاً:

تكامل الانسان في الاخرة

المحاور: السلام عليكم احبائنا ورحمة الله وبركاته نرحب بكم وبخبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وهو يتفضل مشكوراً بالاجابة عن اسئلتكم للبرنامج، سماحة الشيخ من الاخ جميل الموسوي بعث لنا عبر البريد الالكتروني مضمون السؤال يرجع الى قضية الخلود في الدار الاخرة، ما هي حقيقة هذا الخلود، هل هو خلود للانسان على حالة واحدة بحيث يكون هذا الخلود اساساً للتنعم ام ان تحدث هنالك خلود بان ينتقل الانسان من حالة الى حالة، اعتقد انه يشير الى انه هل يصبح الانسان من جزء الملائكة ومن ضمن الملائكة ونظائر ذلك؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد وآله، ربما يستشف من سؤال الاخ هو هل هناك تكامل وتغير تكاملي في دار الاخرة ام هناك ثبات على استواء درجة واحدة، لا يبعد ان يقال انه هناك نوع من التكامل يمكن ان يستفاد ويستشف في دار الاخرة ولا تعارضه القاعدة الشريفة المعروفة ها هنا عمل بلا حساب وهناك حساب بلا عمل، اذن المقصود من هذه القاعدة هو ان هناك حساب بلا عمل يعني بلا عمل يستجد اما نفس عمل الاستثمار السابق قابل للترقي والتكامل هذا لا مانع منه، وتثبته مصادر آيات وروايات متعددة اخرى ان هناك جملة من الكمالين يسبحون معرفة الحمد او بحور معرفة الاسماء الالهية والصفات الالهية وما شابه ذلك، وتنتابهم سكرة هذه المعرفة بلذة شائقة تفوق لذائذ ونعيم الجنة، مقعد صدق عند مليك مقتدر، وبالتالي هذا ما يسبب زيادة في المعرفة والازدياد من المعرفة ازدياد في التكامل، وما رووه الفلافسة من عدم التكامل في البرزخ او في الاخرة هذا ليس اولاً محل وفاق عندهم وان كان الاكثر لديهم هكذا، ولكن المتبع هو الدليل على قول الاكثرية او الاقلية، لان البحث العقلي والبحث المعرفي يتبع الدليل لا يتبع الوفاقيات وما شابه ذلك.
المحاور: سماحة الشيخ قضية الملائكة ايضاً تشير اليها يقول يمكن ان يتكامل الانسان فيتجرد عن الشهوة ويصبح موجوداً عقلياً كأنه يقصد مجرداً ويصبح من الملائكة، يعني هذا على بناء ان الملائكة هم افضل من الانسان؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة اولاً كون الملائكة مجردين من الاجسام الاثيرية او اللطيفية او البرزخية او ما شابه ذلك هذا محل كلام، اما مجردين من الشهوات فلا، لان ما تثبته الادلة ان الشهوة بنحو متلطف نوراني تبقى لدى الانسان حتى في البدن الاخروي بدن الجنة وبدن الجنان، نعم هناك ما يشير كما ذكر الصدوق رحمة الله عليه في اعتقاداته ان هناك جملة من الكملين تنعمهم باللذائذ معرفية والعقلية والروحية وانتظامهم وعكوفهم عليها اكثر من انشدادهم او التفاتهم الى النعيم البدني والغرائز البدنية، ولكن هذا لا ينافي وجودها وبقائها ولكن على اية حال كما هو الحال نشاهده في دار الدنيا، شؤون الكملين وشؤون الاولياء وشؤون الاتقياء على درجات مختلفة مع بقية البشر.
المحاور: يعني تكون في الواقع شهواتهم معصومة؟
الشيخ محمد السند: يعني شهوات متلطفة، الان مثلاً نشاهد ممارسة الانسان الكريم في افعاله والجميل والحسن في افعاله تختلف عن افعال الحيوان، مثلاً مجامعة الحيوانات تختلف عن طريقة المقاربة الجنسية عند الانسان، طريقة الانسان مهذبة معففة خالية من الكثير من الاوساخ الدنيئة التي ربما تشاهد ممارسة في جملة من الحيوانات لا اقول كل الحيوانات، بل حتى بين الحيوانات بين بعضها البعض نشاهد لطافة ونزاكة ودرجات مختلفة فيما بين بعضها البعض، حتى في الاكل مثلاً اكل البقر واكل الحيوانات الاخرى او السباع المفترسة او الضارية بنمط وطور بخلاف اكل الطيور، والاكل اكل ولكنه هو على درجات في تجفيف على اية حال من الرذائل او السفاسف او التدني او الحطيط بل تعالي في نوع من الشفافية نوع من النزاكة وما شابه ذلك، اذن طبيعة الشهوة متلازمة مع الغلضة والفضاضة والحطيط والدنائة والدنو، يسمى هذا في الحقيقة يفتح لنا باب في معرفة المعصومين ذكرتها للاخوان في دروس العقيدة ان المعصوم وان كان يأكل ويمشي في الاسواق كما يذكر القرآن الكريم في ذلك، ولكن كما ورد في رواية عن الامام الصادق سلام الله عليه رواها القمي صاحب كفاية الاثر يرتكب هذه الافعال في النور يعني بدرجة نورانية لا بدرجة حيوانية دنيئة مظلمة وانما بدرجة نورانية، شبيه بما قيل ان كلب اصحاب الكهف يدخل الجنة يعني تشفف هذا الكلب روحانية هذا الكلب او ناقة صالح او الشات التي جعلت فداء لاسماعيل تدخل الجنة اربع من الحيوانات يدخلون الجنة، المقصود ان هذا التشفف وهذا التلطف والتعالي يمكن ان يفترض في الافعال.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً، وشكراً لاحبائنا وهم يتابعون مشكورين ما تبقى من فقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.

*******

اهلا بكم مرة اخرى الاكارم في هذا اللقاء من برنامج عوالم ومنازل نقدم لكم في الفقرة التالية حكاية تحمل العنوان التالي: 

عاقبة طالب المكاشفات

نقل آية الله الشيخ المحمدي الريشهري في كتابه عن احد تلامذة العبد الصالح الحاج رجب علي خياط رحمه الله ان هذا العارف الزاهد راى في عالم المعنى روح احد معارفه كان له انشغال مكثف بالرضات الروحية وكان قد بلغ فيها مراتب متقدمة، ولكن الحاج رجب راه في حالة مؤلمة من الندم والتحسر وهو في برزخه: كان يتاسف كثيرا ويقول: الويل لي؛ الويل لي؛ جئت الى عالم البرزخ وليس لدى عمل خالص لوجه الله ينفعي هنا.
وفي عالم المعنى سأل العارف الحاج رجب علي الخياط ذلك الرجل عن سبب تأسفه وكيف يمكن ان لم يعمل عملا لوجه الله وقد بلغ المراتب الروحية العالية.
اجاب الرجل وهو يتحسر عن السؤال قائلاً: قبل وفاتي بثلاثين عاما التقيت احد الاخيار من اهل المكاشفات والمقامات الروحية فاعجبت به وبها يتملكه من طاقات روحية وقدرة برزخية على رؤية حقائق الغيب، فقررت ان اجتهد في الرياضيات الروحية لكي احصل على ما حصل عليه، بهذه النية. وليس بنية التقرب الى الله عز وجل والحصول على رضاه؛ بدأ الرجل سلسلة من الرياضيات الروحية، قال: لاجل ان احصل على تلك المشاهدات والمكاشفات الغيبية دابت على ممارسة الرياضيات الروحية مدة ثلاثين سنة الى ان نجحت في بلوغ مقصودي، ولكن حان اجلي، وعندما نقلوني الى البرزخ قالوا لي: لقد بقيت اسيراً لاهوائك النفسية الى ان التقيت ذلك الرجل الخير ودعاك الى الخير لكنك انفقت ثلاثين سنة لبلوغ ما تطلبه من مكاشفات وقد بلغتها فما الذي قدمته في سبيل الله!!

*******

وها نحن نصل واياكم احباءنا الى آخر فقرات من برنامج عوالم ومنازل وهي ادبية شعرية اخترنا لها العنوان التالي:

يا نفس لاتياسي فالله ربي

قال الشاعر البدوي محمد توفيق العسيري المصري المتوفي سنة ۱۳٥٥ للهجرة في قصيدة يتوسل فيها بسيد الرسل (صلى الله عليه وآله) طالبا النجاة في منازل الاخرة، قال (رحمه الله):

يا اخلد الرسل اثارا واعظمهم

جاها واكمل في تقوى وايمان

اسرى بك الله يا خير العباد الى

ان نلت ما لم ينل من قربه ثان

وجزت كل مقام ليس يبلغه

فيهن حياك من حور وولدان

غدا يجاء بزلاتي فاحمل ما

لم اسطع حمله يا ملجا الجاني

ويتابع الشاعر توسله مخاطبا ربه وعلا قائلاً:

يا رب جودك عوني ان وهى جلدي

واسلمتني انصاري واعواني

يا ربحقك عندي هل تسامحني

فيه وتشمل زلاتي بغفران

وهل تحمل عني كل مظلمة

اذا تقدمت في ذل واحزان

وهل تقول اذا ما الكرب افزعني

وهالني الخطب شاهد وجه رضوان

وعش بنعمتى وفيض لانفاذ له

واهنا بحور وانهار وافنان

ثم يتوجه الاديب محمد توفيق البدوي الى نفسه في خطاب وجداني ينفي به الياس عنه قائلاً: 

يا نفس لاتياسي فالله ربي كم

يعفو ويصفح عن ظلم وعصيان

يا رب ضيفك في جوف التراب وفي

هول الحساب وفي حشري وميزاني

وهل لضيفك الا ما تقر به

عيناه من منتهى جود واحسان

يا رب مالي على النيران من جلد

ولا الحساب ولا خزيي وحرماني

فامنن علي بلطف منك يشملني

واختم لذا الاثم الجاني بايماني

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة