بسم الله وله الحمد والمجد رب العالمين واصفى الصلوات والتسليم على صفوة الله من الخلائق أجمعين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وأهلاً بكم أحباءنا في هذا اللقاء من برنامج عوالم ومنازل نلتقيكم والفقرات التالية:
- عقائدية عنوانها: عرفان المؤذن في موقف الاعراف
- وإجابة من خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند عن سؤال بشأن نعيم الدنيا والآخرة
- وحكاية عنوانها: حان وقت الوفاء بالنذر
- وفقرة أدبية عنوانها هو: مودة وروح وريحان
*******
نبدا الجولة ايها الاخوة والاخوات على بركة بالفقرة العقائدية وعنوانها في هذه الحلقة هو:
عرفان المؤذن في موقف الاعراف
في ايات صورة الاعراف التي تتحدث عن موقف اصحاب الاعراف في يوم القيامة، يحدثنا القرآن عن مؤذن يؤذن باذان خاص في ذلك الموقف المهيب: فما هو هذا الاذان ومن هو هذا المؤذن؟
القرآن الكريم يقول ضمن حديثه عن ذلك الموقف «فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ».
هذا الاذان الالهي في ذلك الموقف بصورة مجلة؛ وفي الاحاديث الشريفة تفصيل لمضمون هذا الاذان ومصداقه وهوية الموذن.
اجل فقد روي في مصادر عدة من مصادرنا المعتبرة مثل الكافي وتفسير علي بن ابراهيم وتفسير العياشي ومجمع البيان ومعاني الاخبار وغيرها احاديث عدة تصرح بان المؤذن هو امير المؤمنين (عليه السلام).
ولكننا ننقل هنا حديثا عن احد مصادر اهل السنة هو شواهد التنزيل للحاكم ابي القاسم الحسكاني باسناده المعتبر عن ابي عباس قال: لعلي (عليه السلام) في كتاب الله اسماء لا يعرفها الناس.
قوله: «فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ»، يقول: «أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ على الذين كذبوا بولايتي واستخفوا بحقي».
وكما تلاحظون فان هذه الرواية تفسر مصداق الاذان المذكور في الاية الكريمة وتحدد هوية الظالمين الذين تعنيهم.
فيكون معنى هذا الاذان في موقف الاعراف يوم القيامة هو اعلان الحكم بطرد الجاحد لامامة الامام الحق والمستخف بحقه، بطرده عن الرحمة الالهية في الدار الاخرة.
وهذا المعنى يبينه باب مدينة علم المصطفى (صلى الله عليه وآله) الامام علي (عليه السلام) في احدى خطبه المهمة ننقل لكم ـ احباءنا ـ بعض فقراتها.
روى الشيخ الصدوق في كتابه معاني الاخبار بسنده عن مولانا الامام الباقر (عليه السلام) ان امير المؤمنين (صلوات الله عليه) خطب بالكوفة بعد عودته من معركة النهروان مع الخوارج وذلك لما بلغه ان معاوية يسبه ويلعنه ويقتل اصحابه فحمد اله واثنى عليه وصلى نبيه (صلى الله عليه وآله) وذكر ما انعم الله على نبيه وعليه، فكان فيما قال: اللهم لك الحمد على نعمك التي لا تحصى وفضلك الذي لا ينسى يا ايها الناس انه بلغني ما بلغني واني اراني قد اقترب اجلي، وكاني بكم وقد جهلتم امري، واني تارك فيكم ما تركه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتاب الله وعترتي وهي عترة الهادي الى النجاة خاتم الانبياء وسيد النجباء والنبي المصطفى.
ثم ذكر سلام الله عليه مجموعة من مقاماته ومنزلته عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم ذكر اسماءه في القرآن فكان فيما قال: وانا المؤذن في الدنيا والاخرة، قال الله عز وجل: «فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ»، انا ذلك المؤذن، وقال:«وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ»، فانا الاذان، ونحن اصحاب الاعراف، والله فالق الحب والنوى لا يلج النار لنا محب، ولا يدخل الجنة مبغض.
اذن الافاضل، للاذان العلوي في الحياة الدنيا واتباع ما بلغه باب علم النبي المصطفى من احكام مدينة العلم المحمدية هي مفتاح النجاة يوم القيامة من سوء المصير ومرافقة الظالمين الذين يامر الله امير المؤمنين ـ في موقف الاعراف بطردهم عن الجنة والرحمة الالهية.
نتابع اعزاءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل فننقل لكم رواتها مصادر المذاهب الاسلامية المختلفة وفيها وعد جميل بان يشهد النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة بصدق الايمان ويشفع لمن صلى عليه وآله بالصلاة التالية وهي ان يقول المؤمن بقلب صادق؛ ونحن نتلوها معا قائلين: اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وال ابراهيم وترحم على محمد وعلى ال محمد كما ترحمت على ابراهيم وآل ابراهيم، اللهم امين، امين، امين.
*******
تابعوا الاعزاء البرنامج مع الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا مع خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند:
نعيم الدنيا والآخرة
المحاور: السلام عليكم اعزائنا ورحمة الله وبركاته شكراً لكم على جميل المتابعة لفقرات هذه الحلقة من برنامج "عوالم ومنازل" معنا مشكوراً على خط الهاتف خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ من الاخ السيد احمد من السويد في رسالة له عبر البريد الالكتروني يسأل عن قضية الملل من النعم في الجنة كيف لا يمل اهل الجنة من التمتع بنعم الجنة كما يمل اهل الدنيا من هذه النعم او المتع الدنيوية مع كون كلاهما كما يستفاد من الايات الكريمة متشابهة؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على الرسول الاكرم وآله الطاهرين، في الحقيقة ان بعض الامور اولاً هي ليست قاعدة كلية عمومية حتى في موارد الاجناس الموجودة في دار الدنيا، مثلاً الماء عند العطش لا يمل منه الانسان لوجود الحاجة والضرورة، بل كلما ازداد الانسان عطشاً التذ الانسان بالماء، وكلما ازداد الانسان جوعاً يتلذذ بالغذاء اكثر فاكثر، حتى ان من حكم لقمان المأثورة انك اذا اردت ان تلتذ بالغذاء فاتخذ الى ذلك سبيل الجوع، وكذلك الحال في الماء حتى ان الانسان عندما يجوع او يعطش او تشتد حاجته للشيء يلتذ بذلك الطعام بلذة لا يذوقها الشابع، ومن ثم ورد في حكم امير المؤمنين (عليه السلام): كثرة القدرة تقلل الشهوة الاشتهاء او الالتذاذ بالشيء المعين، اذن سبب الملل في الحقيقة يعود الى ان الحاجة ربما هنا في الامور الدنيوية تقل لاشباع الغريزة من جانب فمن ثم حينئذن يصبح هناك ملل او كلل من ذلك الامر المتناول، وهذا ليس الحال في الطعام والشراب فقط بل نشاهده حتى عند الزوج مع زوجته او الزوجة مع زوجها، نظراً لعدم مراعاتهما فرضاً آداب المقاربة الشرعية والتوصيات الشرعية فيها، مثلاً من مراعاة كلاً للاخر من المداعبة من الملاعبة ربما نشاهد زوج يمل من زوجة جميلة جداً له او العكس الزوجة تمل من زوج جميل ووسيم وجسيم، وربما تقع شهوة كل منهما على غير هو دون الزوجة او الزوج في الجمال وكذا، والسبب في ذلك اذن تعود الى عدم النظم والانتظام الصحيح في تلبية الشهوة او الغريزة ان كانت جنسية او كانت بطنية او اللذائذ الاخرى الحسية في الحقيقة، هذا يعود اما الى اشباع مفرط خاطئ فيها او الى عدم تناولها بالمنهجية المنظمة الصحيحة، بالنسبة للذائذ الجنة في الحقيقة لن يفترض في ذلك ملل ولا كلل، ولا سيما حتى وفي الجنة لهم ما تشتهي انفسهم حتى الاختلاف والتنوع هناك في الجنة.
المحاور: سماحة الشيخ بالنسبة للتمايز يعني النعم الاخروية، نعم الجنة اليست لها خصائص تميزها عن متاع الدنيا والتي هي محفوفة بالمكاره والمتاع الاخروية لا توجد فيها هذه الحالة الا يجعل ذلك صاحب أثر او تأثير في عدم الملال منها؟
الشيخ محمد السند: طبعاً هناك فوارق اخرى يعني الشدة شدة اولاً خلوصها عن المكاره او شدتها شدة ثنائها بهائها بهجتها لذتها قوتها طبعاً هذه فوارق محفوظة ايضاً ما تزيد لكن معالجة الشبهة من الاصل وهي تواجدها حتى في دار الدنيا بغض النظر عن الشدة والضعف لان حتى الملال في دار الدنيا لا لنفس الشيء المتناول من اللذائذ والمشتهيات المختلفة للانسان وانما يعود الى سوء البرنامج والتدبير، مضافاً طبعاً الى خصائص اخرى افترض اختلاطها كل هناء في الدنيا مر وما شابه ذلك، ولكن لو افترضنا خلوص بعض اللذائذ من المرارة وما شابه ذلك يعود سبب الملل والكلل الى سوء التبرير والبرنامج.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً، وحيا الله الافاضل وهم يتابعون فقرات برنامج عوالم ومنازل.
*******
وندعوكم الى الفقرة التالية وفيها حكاية اخترنا لها عنوانا هو:
حان وقت الوفاء بالنذر
جاء في كتاب جزاء الاعمال للشريف الجزائري نقلا عن اية الله المدرس التبريزي (رضوان الله عليه) ان المولى العارف الزاهد الشيخ محمد حسن الكاشاني تشرف بزيارة مرقد امير المؤمنين عليه السلام بعد ان ادى مناسك الحج وزيارة قبر النبي الاكرم وائمة البقيع عليه وعليهم السلام والمشاهد المشرفة في مكة والمدينة: وعندما وصل العارف الكاشاني الى باب صحن الحرم العلوي الشريف وقف هناك وانشد قبل الدخول قصيدة كان قد نظمها في مدح الموحدين (عليه السلام).
وبعد اتمام الزيارة والصلاة والدعاء ومناجاة عز وجل، ذهب المولى الكاشاني الى محل اقامته، ويبدو ان لم يطلب شيئا لنفسه في تلك الزيارة رغم ان نفقته كانت قد اوشكت على النفاد.
وفي تلك الليلة راى في عالم الرؤيا الصادقة مولانا الامام عليا عليه السلام فقال له: يا محمد حسن، لقد جئت لزيارتنا من مكان بعيد، ولك علينا حقان: حق الضيافة وحق قول الشعر فينا، فاذهب الان الى البصرة وبلغ التاجر.
مسعود بن افلح سلامي وقل له عني: يا مسعود، قد حان وقت وفائك بالنذر، فقد وصلتع سفينتك بسلام الى الساحل بعد ان كادت تغرق بما فيها قرب عمان.
ثم قال (عليه السلام) في تلك الرؤيا الصادقة للعارف الكاشاني قدس سره: خذ من مسعود الالف نذره وهو الف دينار واستعن بها في قضاء حاجاتك.
وعندما استيقظ الشيخ الكاشاني حفظ ما سمعه في منامه ولم يشك في صدق رؤياه، بل شد رحاله واخرج ما بقي من نفقة سفره واستاجر بها ما توجه به الى البصرة.
وفور وصول الشيخ محمد حسن الكاشاني الى البصرة، سأل عن التاجر مسعود بن افلح فعرفوه اذا كان من كبار تجار المدينة، ودلواعلى داره فذهب اليه.
ولما اختلى به اخبره برؤياه وبلغه ريالة امير المؤمنين (عليه السلام)، فابقى الرجل من صدق الرؤيا وصدق حامل الرسالة وداخله سرور عظيم بسلام الامام عليه وطغى على كلماته الابتهاج وهو يقسم للشيخ انه لم يخبر احداً بنذره.
اخبر التاجر مسعود بانه عندما كان في طريقه في سفينته وهي محملة بالبضائع الى عمان اشتدت بها الريح وكادت ان تغرق فنذر لله ان يقدم الف دينار على حب علي وصي الرسول (صلى الله عليه وآله) ان نجت من هذا الخطر، فاستجاب الله عز وجل لدعائه ووصلت السفينة الى الساحل بسلام.
وعلى الفور قدم التاجر البصري مسعود الالف دينار للزائر الكاشاني وبالغ في اكرامه واهدى له اضافية ثم اقام وليمة كبرى لفقراء البصرة شكرا لله عز وجل على هذه النعمة.
جعلنا واياكم اعزاءنا من الشاكرين لانعم الله والمصدقين باياته والفائزين بشفاعة اوليائه اللهم امين.
*******
مسك ختام هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل ادبية في طلب الشفاعة المباركة اخترنا للفقرة التالية عنوانها هو:
مودة وروح وريحان
قال الاديب المبدع ابو بكر احمد الضبي الانطاكي المعروف بالشاعر الضوبوي والمتوفي ينة ۳۳٤ للهجرة من قصيدة يطلب فيها الشفاعة المحمدية قائلاً:
حب النبي محمد ووصيه
مع حب فاطمة وحب بنيها
اهل الكساء الخمسة الغرر التي
يبني العلا بعلاهم بانيها
كم نعمة اوليت يا مولاهم
في حبهم فالحمد للموليها
هم الصفوة الكرم الذي اصفيتهم
ودي واصفيت الذي يصفيها
ارجوشفاعتهم فتلك شفاعة
يلتذ عند رجائها راجيهما
ويقول الاديب الدمشقي فتيان الاسدي الشاغوري من ادباء القرن الهجري السابق متشوقا لزيارة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) وشفاعته قائلاً:
اومل من خير الانام شفاعة
بها في نعيم بالجنان اخلد
فانت رسول الله وهي شهادة
اقرابها حتى المعاد واشهد
وددت باني زرت قبرك راجلا
وقبلت تربا انت فيها موسد
الا ايها الزوار بالله بلغوا
سلامي اليسه وارفقوا وتايدوا
وقولوا له: فتيان يشكو صبابة
اليك ووجدا حره ليس يبرد
يرجى غدا تبريد غلته اذا
شفعت له في الحشر واللحوض مورد
والى هنا ينتهي احباءنا هذا اللقاء من برنامج عوالم ومنازل الى لقاء آخر مقبل نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******