والحمد لله والصلاة والسلام على اصفياء الله محمد وآله الهداة الى الله.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته يسرنا ان نلتقيكم في حلقة من هذا البرنامج منه وقد اعددنا فيها فقرات عدة وضعنا لها العناوين التالية:
- السبيل الاعظم للارتواء من الحوض المحمدي
- الشفاعة المحمدية كنز المحبين
- امير المؤمنين واكرام اهل الولاء
- الكوثر في اشعار اهل البيت
*******
اذن لنبدأ اعزاءنا المستمعين هذه الجولة بالفقرة الاولى وهي حديثية عقائدية عملية اخترنا لها العنوان التالي:
السبيل الاعظم للارتواء من الحوض المحمدي
روى الترمذي وهو من اصحاب الحديثية الستة المعتبرة عند جمهور المسلمين روى عن انس بن مالك انه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن المحل الذي يجده فيه يوم القيامة اجابه رسول الله صلى الله عليه وآله اطلبني اول ما تطلبني عند الصراط.
فقال انس: فان لم القك على الصراط؟
اجاب صلى الله عليه وآله: فاطلبني عند الميزان.
فقال انس: فان لم القك عند الميزان؟
قال صلى الله عليه وآله: فاطلبني عند الحوض، فاني لا اخطئ هذه الثلاث المواطن.
ونظائر هذا الحديث الشريف كثيرة في مصادر مختلف الفرق الاسلامية ومنها يتضح ان موقف الحوض هو من اهم مواقف يوم القيامة، وقد افتى كثير من علماء المسلمين بوجوب الاعتقاد بهذا الموقف لتواتر الاحاديث النبوية المتحدثة، ولكن الاهم هو كيف نستعد من الان لهذا الموقف الجليل خاصة واننا قد عرفنا من صحاح الاحاديث الشريفة التي نقلنا نماذج منها في حلقات سابقة ان الارتواء من هذا الحوض المحمدي المبارك هو مقدمة الدخول في الجنة وبالتالي السعادة الابدية.
وعلى الطرف الآخر فان الذي يمنع من الشرب من حوض الكوثر المحمدي وبامر من الله ورسوله يكون مصيره الدخول برجسه الى النار حيث الشقاء الابدي اجارنا الله واياكم وجميع المؤمنين منه اعزاءنا المستمعين.
اذن فما هو المعيار الاساسي الذي تعرفنا به احاديث اهل بيت العصمة والطهارة بهذا الخصوص؟
اما سبب الحرمان من بركات حوض الكوثر فقد وضحته الاحاديث النبوية المروية من طرق الفريقين وبكل وضوح اجل وقد نقلنا عدة منها في الحلقات السابقة وهي تصرح بان من انحرف او ينحرف عن السنة المحمدية ومن لا يتمسك بولاية الثقلين أي القرآن والعترة المحمدية الطاهرة فلا نصيب له في حوض الكوثر.
اما السبيل الاعظم للفوز بالارتواء من حوض الكوثر المحمدي فهو نفسه الذي امر الله نبيه الاكرم صلى الله عليه وآله ان يطلب من امته اجراً على تبليغه الرسالة وتحمله مشاقها، وهو الاجر الذي يعود نفسه على الانسان نفسه اذا شاء ان يتخذ الى ربه سبيلاً وهو المودة في القربى أي العترة الطاهرة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وهذا ما نصت عليه احباءنا كثير من صحاح الاحاديث الشريفة نختار منها فقرات من حديث مؤثر مروي عن مولانا الامام الصادق عليه السلام في كتاب كامل الزيارات.
قال سلام الله عليه لاحد خلص محبي محمد وآله عليهم السلام ضمن حديث طويل بعد ان ذكر يفرحون لفرح محمد وآله ويحزنون لحزنهم عليهم السلام.
ان الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال في قلبه حتى يرد علينا الحوض من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها ابداً ولم يشق بعدها ابداً، ثم ذكر عليه السلام صفات هذا الحوض المبارك فقال: هو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل احلى من العسل واصفى من الدمع واذكى من العنبر وعرف الامام عليه السلام منبع ماء هذا الحوض المبارك فقال في تتمة حديثه: يخرج من تسنيم ويمر بانهار الجنان يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة أي رائحة طيبة يقول الشارب منه ليتني تركت ها هنا لا ابغي بهذا بدلاً ولا عنه تحويلاً.
*******
اعزاءنا المستمعين ننقل الميكرفون الى زميلنا وهذا الاتصال الهاتفي مع خبير برنامج عوالم ومنازل سماحة الشيخ محمد السند نستمع معاً اذن لاجابة سماحته عن اسئلتكم:
الشفاعة المحمدية كنز المحبين
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، اهلاً بكم احبائنا وشكراً لكم على طيب متابعتكم لفقرات برنامج "عوالم ومنازل" ومنها هذه الفقرة التي نستقبل فيها عبر الهاتف بخبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند لكي يتفضل بالاجابة عن اسئلتكم فيما يرتبط بموضوعاته، سماحة الشيخ عبر البريد الالكتروني وصلتنا هذه الرسالة من الاخ طارق العلوي تشتمل على سؤال يقول بالنسبة للمؤمن الذي ارتكب الكبائر هل يدخل النار ثم ينجو بشفاعة محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم، ام ان الشفاعة تنقذه من اصل الدخول الى النار؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، في الحقيقة المدارس الاسلامية المختلفة المتنوعة اختلفت في جزاء الذي يستحقه يناله العاصي المرتكب للكبيرة طبعاً في صورة موته على الكبيرة لا في صورة توبته من الكبيرة والكبائر لان التائب من الذنب كمن لا ذنب له، طبعاً التوبة بشرطها وشروطها لا مجرد الندم والاستغفار اي ما كان من يموت على كبيرة بحيث يوافيه الاجل وهو مقيم على الكبيرة او لم يتب منها وما شابه ذلك، اختلفوا في اقتضاء الكبيرة وان كان هناك اجمالاً ربما توافق الكبيرة لو مات ووافى اجل العاصي وافاه وهو على الكبيرة لم يتب منها في توافق على انها توجب دخول النار ولكن الكلام هل هذه النار هي نار برزخية او نار اخروية لا سيما اذا كان مؤمناً لم يكن مدمناً على تلك الكبيرة وما شابه ذلك، نعم يدخل نار، نار البرزخ وربما تناله شفاعة المقربين من الانبياء والمرسلين والاوصياء والائمة عليهم السلام والنبي واهل بيته، فبالتالي تتداركه الى النجاة، وهو حتى في البرزخ او ربما بعض انواع الكبائر توجب دخول النار اخروية ولكن لا يبقى بها مدة كبيرة بسبب ايضاً تلك الكبيرة، على اي حالة الكبائر اذا مات عليها الانسان اجمالاً وهناك توافق على انها توجب دخول النار ولكن هل هي نار برزخية او نار اخروية وكم هي مدتها ومتى يستحق الشفاعة وتناله هذه امور اخرى، ربما يصطلي بنار البرزخ لمدة ساعات ايام بحسب ميزان عمله الصالح الذي يشكل على اية حال منقذ اليه ومؤهل اليه لان تناله الشفاعة، فاذن الموت على الكبيرة في نفسه امر خطير ان تجتنبوا عن كبائر ما تنهون عنه يكفر عنكم سيئاتكم، الكبائر اذن امرها ليس بالهين وان كان بعض المتكلمين من بعض الفرق الاسلامية ربما افرط في الكبائر فجعلها موجبة للكفر ومن يموت على الكبيرة يموت على كفر ولكن هذا افراط في حرفية قراءة النصوص الدينية لان المراد من الكفر انما هو مقابل الايمان وفي الحقيقة ليس مقابل اصل الايمان مقابل كمال الايمان وتمام الايمان، والا مرتكب الكبيرة لا يسلم منه ايمانه بالمرة وانما ينقص ذلك من ايمانه.
المحاور: يعني على اية حال التوبة هي المطلوبة على كل حال قبل الموت؟
الشيخ محمد السند: طبعاً وهذا امر ضروري، اذا لم يتدارك الانسان نفسه وينجي نفسه ويحتاط لنفسه من الكبائر فان ذلك امر بالغ الخطورة ومهدد الى مصيره في البرزخ او في الاخرة، وكما مر ليس التوبة مجرد الندم والاستغفار التوبة لها شرائط عديدة.
المحاور: على اي حال رزقنا الله واياكم ذلك سماحة الشيخ والاخوة والاخوات ايضاً بعثوا عدة رسائل فيما يرتبط بقضية حوض الكوثر وعلاقته في الشفاعة وشفاعة الائمة سلام الله عليهم نوكل هذا السؤال وفروعه الى الحلقة المقبلة ان شاء الله تعالى، شكراً لسماحة الشيخ محمد السند على ما تفضل به وشكراً لكم احبائنا وانتم تتابعون ما تبقى من فقرات هذا البرنامج.
*******
الفقرة التالية من البرنامج لها ارتباط بالعالم العامل والورع الزاهد الشيخ عبد الحسين الامين رضوان الله عليه، وهو الذي افنى عمره في الدفاع عن الولاية الحقة وفي تأليف موسوعة الغدير القيمة، اذن كونوا معنا والفقرة التالية التي اخترنا لها العنوان التالي:
امير المؤمنين واكرام اهل الولاء
نقل مؤلف كتاب ربع قرن مع العلامة الاميني الحاج حسين الشاكري عن استاذه العلامة الورع مؤلف كتاب الاصول العامة للفقه المقارن السيد محمد تقي الحكيم عن احد العلماء الاجلاء الرؤيا الصادقة التالية التي تبين بعض مواقف القيامة وفيها اشارة الى جميل عناية اهل البيت النبوي عليهم السلام بالمدافعين عن الحق، قال هذا العالم الجليل رأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت والناس في المحشر يموج بعضهم في بعض وهم في هلع شديد كل منهم قد شغلته حالته ذاهل عن اهله واولاده يصيح مستغيثاً الهي نفسي نفسي النجاة النجاة، كان العطش قد اشتد بهم فرأيت الجميع يتدافعون على غدير كبير تطفح ضفتاه بماء زلال وكل منهم يسعى منافساً الاخرين للحصول على شربة من ذلك الماء، وهناك رأيت رجلاً مربوعاً نوراني الطلعة ذا هيبة يشرف على الغدير، فيقدم هذا ويسمح لذلك ان ينهل ويشرب ويذود اخرين ويمنعهم من الورود والشرب من ذلك المنهل الزلال ويتابع ذلك العالم الجليل مستمعينا الافاضل نقل رؤياه الصادقة قائلاً علمت ان الواقف على الحوض والمشرف على الكوثر هو الامام علي امير المؤمنين عليه السلام فتقدمت وسلمت عليه عليه سلام الله واستأذنت منه لانهل من الغدير واشرب من مائه الزلال فاذن لي فتناولت قدحاً مملوء وشربت، وبينما انا كذلك اذ اقبل العلامة الاميني قدس سره فاستقبله الامام بكل حفاوة وتكريم وعانقه واخذ عليه السلام كأساً مملوء بذلك الماء الزلال وهم ان يسقي الاميني بيده الشريفة فامتنع الاميني تأدباً وهيبة ولكن الامام امير المؤمنين عليه السلام اصر على ان يسقيه بيده الكريمة فامتثل الاميني طاعة لامر الامام وشرب من يده عليه السلام.
فلما رأيت ذلك تعجبت وقلت: يا سيدي يا امير المؤمنين اراك رحبت بالشيخ الاميني وكرمته بما لم تفعله معنا؟
فالتفت عليه السلام الي وقال: الغدير غديره فاستيقظت عندئذ من نومي وقد عرفت حينذاك ما للعلامة الاميني قدس سره من منزلة عند الله عز وجل وعند رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وعند امير المؤمنين عليه السلام.
*******
اما الفقرة الختامية من برنامج عوالم ومنازل فهي ادبية عقائدية اخترنا لها العنوان التالي:
الكوثر في اشعار اهل البيت عليهم السلام
ذكر ائمة اهل البيت عليهم السلام حوض الكوثر المحمدي في كثير من احاديثهم الشريفة داعين المسلمين للاستعداد له بما يوفقهم للارتواء منه يوم القيامة.
كما ذكر عليه السلام للغاية نفسها في اشعار نسبت اليهم منها ما روي عن الامام الحسين عليه السلام في كتاب الاحتجاج وكذلك في كتاب تفسير الثقلين وهي:
انا ابن اباة الضيم من آل هاشم
كفاني بهذا مفخراً حين افخر
وجدي رسول الله اكرم من مشى
ونحن سراج الله في الخلق نزهر
ونحن امان الله للناس كلهم
نطول بهذا في الانام ونجهر
ونحن ولاة الحوض نسقي محبنا
بكأس رسول الله ما ليس ينكر
وشيعتنا في الحشر اكرم شيعة
ومبغضنا يوم القيامة يخسر
ومن هذه الاشعار ما روي في مصادر الفريقين عن الامام الباقر عليه السلام انه قال:
لنحن على الحوض ذواده
نذود وتسعد رواده
وما فاز من فاز الا بنا
وما خاب من حبنا زاده
ومن سره نال منا السرور
ومن ساءنا ساء ميلاده
ومن كان ظالماً حقنا
فان القيامة ميعاده
وختاماً تقبلوا منا اعزاءنا ازكى التحيات وخالص الدعوات وعلى امل اللقاء بكم في الحلقة المقبلة نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******