البث المباشر

كيف نأمن من الفزع الاكبر (رواية صادقية) حوار مع الشيخ محمد السند حول من خصوصيات ساعة القيامة ولاية علي(ع) تنجي من اهوال الحشر نور المتهجدين في الاسحار (محطة ادبية)

السبت 30 مارس 2019 - 11:17 بتوقيت طهران

الحلقة 60

الحمد لله المؤمن المهيمن، كلمة المعتصمين وكهف اللاجين والصلاة والسلام على سفن النجاة وامان الله في ارضه وسمائه محمد وآله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته، وشكراً لكم على طيب متابعتكم لبرنامج عوالم ومنازل في حلقته هذه. عناوين فقرات هذه الحلقة اعزاءنا هي:
تعليم صادقي للفوز بالأمن الالهي
القيامة ساعة لا ككل ساعة
الحسنة الام للأمن من الفزع الاكبر
نور المتهجدين في الاسحار
ايها الاخوة والاخوات، عالم الدنيا هو اقرب عوالم الوجود الينا اذ نحن من سكنة هذا العالم.

*******

والأمن الحقيقي في سفره امنية كل من يطلب السلامة والنجاة، ومن منا لا يطلبها.
فكيف السبيل الى الأمن؟ هذا ما تعنى به الفقرة الاولى من لقاء اليوم من برنامج (عوالم ومنازل) وعنوانها هو:

تعليم صادقي للفوز بالأمن الالهي

مستمعينا الأعزاء، عالم الدنيا لذاته محفوفة بالالآم، ونعيمه محفوف ومحاط بالمخاطر، فكيف السبيل الى دفعها؟
الجواب عن هذا السؤال المصيري والمهم بالنسبة لكل منا نجده في تعليم مولانا الصادق عليه السلام في الرواية التالية:
وقد رواه الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه) في كتاب عيون اخبار الرضا عن مولانا الرضا عن ابيه الامام الكاظم (عليهما السلام).
وهي جديرة بكل تأمل، فكونوا معنا احباءنا.
قال مولانا الكاظم (عليه السلام): كان الصادق (عليه السلام) في طريق [سفر] ومعه قوم معهم اموال، وذكر لهم ان بارقة [اي عصابة من اللصوص] في الطريق يقطعون على الناس.
فأرتعدت فرائصهم (خوفاً) فقال لهم الصادق (عليه السلام): ما لكم؟ 
قالوا: معنا اموالنا، نخاف عليها ان تؤخذ منا، افتأخذها منا، فلعلهم يندفعون عنها اذا رأوا انها لك؟
وقبل ان نكمل نقل الرواية نشير هنا - اعزاءنا المستمعين- الى قضية مهمة‌ مستفادة من عرضهم على الامام (عليه السلام) ان يحفظ لهم اموالهم، وهي ان احترام ائمة اهل البيت (عليه السلام) يمثل قيمة اجتماعية عامة يتوقع الناس حفظها حتى من قبل قطاع الطريق!
ولكن الامام الصادق (سلام الله عليه) اراد ان يعلمهم سبيل النجاة الذي يلجأون اليه في كل حين لدفع مخاطر عالم الدنيا بل ولإعمار دار الأخرة، فما هو هذا السبيل؟
نكمل رواية الامام الكاظم (عليه السلام) حيث قال: 
فقال (عليه السلام): وما يدريكم؟ لعلهم لا يقصدون غيري ولعلكم تعرضوني بها للتلف. 
فقالوا: فكيف نصنع؟ [هل] ندفنها؟
قال (عليه السلام): ذلك اضيع لها، فلعل طارئاً يطرأ عليها، فيأخذها ولعلكم لا تغتدون اليها بعد.
فقالوا: كيف نصع؟ دلنا. 
قال: اودعوها من يحفظها ويدفع عنها ويربيها ويجعل الواحد منها اعظم من الدنيا وما فيها ثم يردها ويوفرها عليكم احوج ما تكونون اليها.
قالوا: من ذاك؟ 
فقال (عليه السلام): ذاك رب العالمين. 
قالوا: وكيف نودعه [اموالنا]؟ 
قال: تتصدقون بها على ضعفاء المسلمين.
وهنا ظهرت امامهم - ايها الاخوة والاخوات- مشكلة هي على من يتصدقون وهم في البرية مسافرون وليس في الطريق احد، فكيف حل لهم الامام (عليه السلام) هذه المشكلة؟
مستمعينا الاعزاء نرجع الى الكلام مولانا الكاظم موسى بن جعفر (عليهما السلام) وهو يكمل رواية ما جرى، قال: 
قالوا: وانى لنا الضعفاء بحضرتنا هذه؟
فقال [اي الامام الصادق عليه السلام]: فإعزموا على ان تتصدقوا بثلثها ليدفع الله عن باقيها مما تخافون.
قالوا: قد عزمنا [على ذلك]. 
قال (عليه السلام): فأنتم في امان الله. فامضوا. فمضوا.
فظهرت لهم البارقة [من قطاع الطريق] فخافوا. 
فقال الصادق (عليه السلام): كيف تخافون وانتم في امان الله؟!
وهنا - احباءنا- ظهرت كرامة لمولانا الصادق (عليه السلام) عرف منها القوم معنى التوكل على الله عزوجل، ونجاح النية والعمل اذا تم بالتوجه الى الله بالتوسل بأوليائه المقربين (عليهم السلام)، فكيف كان ذلك؟
يقول امامنا الكاظم في تتمة الرواية: فتقدم البارقة [من قطاع الطريق]، وترجلوا، وقبلوا يد الصادق (عليه السلام) وقالوا: رأينا البارحة في منامنا رسول الله يأمرنا بعرض انفسنا عليك فنحن بين يديك ونصحبك وهؤلاء لندفع عنهم الاعداء واللصوص.
وهذا يعني - اعزاءنا المستمعين- ان الله عزوجل كان قد قضى بأن يدفع عن هؤلاء خطر قطاع الطريق كرامة ‌لوليه الصادق (عليه السلام) لمرافقتهم له في هذا السفر.
ولكن مولانا الصادق (سلام الله عليه) اراد ان يهديهم الى سبيل الفوز بالأمن الالهي الدائم في سفرهم في الدنيا والآخرة. ولذلك توجه بخطابه الى قطاع الطريق رافضاً حمايتهم.
تقول الرواية في ختامها: فقال الصادق (عليه السلام) [اي لقطاع الطريق]: لاحاجة بنا اليكم، فان الذي دفعكم عنا يدفعهم.
فمضوا [اي افراد القافلة] سالمين وتصدقوا بالثلث وبورك لهم في تجارتهم، فربحوا للدرهم عشرة.
فقالوا: ما اعظم بركة الصادق (عليه السلام) فقال الصادق: قد تعرفتم البركة في معاملة الله عزوجل، فدوموا عليها.

*******

مستمعينا الافاضل، يعد مواقف القيامة من اهم مواقف الآخرة، وقد عرفنا في الحلقة السابقة ان للقيامة ‌مراتب عدة.
وفي هذه الحلقة يجيب سماحة الشيخ محمد السند عن سوال لأحد الأخوة المستمعين يرتبط بهذا الموضوع، وقد عرضه عليه زميلنا في الاتصال الهاتفي التالي نستمع معاً:
المحاور: سماحة الشيخ من الاسئلة التي وردت للبرنامج سؤال من الاخ احمد ابو علي سأل عن معنى القيامة الصغرى والقيامة الكبرى الذي بينتموه في الحلقة السابقة ويسأل ايضاً لماذا عبر عن يوم القيامة بالساعة، يعني ماهو معنى هذا التعبير؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، في الحقيقة ذكر لعدة تفسيرات لكلمة الساعة منها في اللغة العربية وربما حتى في اللغات الاخرى يطلق عن الوقت بالغ الخطورة والهيبة والعظمة انه يقال حانت الساعة الفلانية يعني لاجل بيان هولها وخطورتها يحسب لها حساب حلول ووقوع ذلك الوقت او تلك اللحظة او تلك الحدث لما لها من هيبة وكما لمح في القرآن الكريم انها ثقلت في السموات والارض، فمن ثم وعرضت الآمانة على السموات والارض وخشينا منها، الشاهد ان ثقل الساعة في تلك الدار يوم تطوى السماوات كطي السجل للكتب فما يحدث فيها من اهوال مما يددل على عظمة وخطورة تلك الساعة فبهذا اللحاظ.
المحاور: هل يمكن ان يستفاد من هذا التعبير ان لها موعد معين باعتبار ان الساعة فيها هذا التعبير يعني في حالة التوقيت هل يفهم ان هذا يتضمن هذا المعنى وان لها اجل معين وان لها وقت معين؟ 
الشيخ محمد السند: هو في الحقيقة اجل لكن ليس الاجل من خارج من بطن النشئة الدنيوية فمن ثمة لا يمكن ان تكون الدنيا هي توقت لنفسها وهي تتقوض فمن ثمة لابد ان يكون توقيت بحسب عوالم اخرى من خارجها يمكن تصويرها والا بتصوير الشيء بلحاظ نفسه وهو يتقوض ويزول من نفسه.
المحاور: يعني ليس الامر كمثلاً نفترض مسيرة الكائن الحي مثلاً ما بين الصبى الى الشباب والى الشيخوخة؟
الشيخ محمد السند: من باب المثال لو اردنا ان نضع توقيت شمسي الى نفس تبدد الشمس والقمر اي معنى يكون ذلك حتى لو قلنا ثلاثمائة سنة عندما تنتهي ثلاثمائة سنة سوف تتقوض الشمس فيها نحو من المسامحة لان في الحقيقة ما بعد ذلك ماذا يكون هل هناك توقيت شمسي او لا، فاذاً كيف يسمى بتوقيت شمسي، لذلك في الحقيقة ان التوقيت بالشيء لابد ان يكون ما قبل وما بعد من الشيء واما اذا كان تقويضاً لنفس الشيء فهذا لابد ان يوقت فيما يحيط به.
المحاور: العلم بالساعة سؤال الاخ الاخير يقول لماذا وصفها القرآن قيام القيامة بانها تكون كلمح البصر يعني فيها اشارة للسرعة؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة ربما فيها اشارة الى هيمنة احكام العوالم الاخرى على هذا العالم من باب الملكوت او من باب انها تزف الموجودات المادية الى تكامل بنشأة ملكوتية قد بعضهم فسرها ربما ملا صدرا في الاسفار يتبنى هذا التفسير انه كلمح البصر يراد منه ما هو حتى اقل من لمح البصر ولو كان يفهم المخاطب لربما عبر له باقل من لمح البصر.
المحاور: هل يمكن ان يشار فيها الى معنى انه هنالك احكام وقوانين اخرى تختلف مثل يوم هذا المضمون القرآني عند ربك لالف سنة مما تعدون يعني هنالك قوانين اخرى غير هذه القوانين التي نألفها؟
الشيخ محمد السند: شيء طبيعي اننا نشاهد في عالم المثال الذي ربما نلمسه بعض الشيء في الرؤيا والاحلام نشاهد احكام تكوينية في ذلك العالم تختلف تماماً عن دار الدنيا.

*******

مستمعينا الاعزاء، الآيات الكريمة حذرتنا من الفزع الاكبر الذي يقترن بقيام القيامة.
ولكنها والاحاديث النبوية‌ الشريفة بشرتنا بأعظم البشارة عندما هدتنا الى سبل الأمن في يوم الفزع الاكبر. 
واهمها وعمادها الاسلام الحق لله تبارك وتعالى، كما جاء في حديث النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، الذي نقلناه في الحلقة الماضية. 
ولكن ما هو المظهر الحقيقي لتحقق الاسلام الحق؟ هذا ما تجيب عنه الفقرة التالية التي اخترنا لها عنوان:

الحسنة الامام للأمن من الفزع الاكبر

قال الله عزوجل في الآية ۸۹ من سورة النمل: «من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذء امنون».
فما هي هذه الحسنة المنجية من الفزع الاكبر؟ هذا ما يبينه لنا باب مدينة العلم النبوي امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام).
فقد روى المحدث الجليل الشيخ الحويزي (رحمه الله) في تفسير نور الثقلين، نقلاً عن كتاب اصول الكافي عن الامام الباقر (عليه السلام) ان ابا عبد الله الجدلي دخل على امير المؤمنين (عليه السلام).
فقال له امير المؤمنين سلام الله عليه: يا ابا عبد الله الا اخبرك بقول الله عزوجل «من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ امنون / ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون الا ما كنتم تعملون».
فقال ابو عبد الله الجدلي: بلى يا امير المؤمنين جعلت فداك. 
فقال (عليه السلام): الحسنة معرفة الولاية وحبنا اهل البيت والسيئة انكار الولاية وبغضنا اهل البيت.
وثمة اعمال حسنة تتفرع عنها لها تأثير خاص في النجاة من الفزع الاكبر نتابع الحديث عنها في الحلقة المقبلة ان شاء الله.

*******

اما الآن فالى‌ الفقرة الختامية في هذه الحلقة وهي ادبية روائية اخترنا لها عنوان:

نور اسحار المتهجدين

يحكى ان احد الزهاد وقف على باب دار فتى قيل انه مدهوش فلما جن الليل وغارت النجوم سمعه يناجي ربه قائلاً:

طال القيام لهجعة النوام

واراك مطلعاً لطول مقامي

يا سيدي ومؤملي وموفقي

من اجل شوقك قد هجرت منامي

فأنشا الزاهد مسمعاً الفتى: 

يا ذا الذي ترك الرقاد لربه

ابشر بدار تحية وسلام

يوم القدوم عليه في دار البقا

يوم تزف مكرماً بمقام

ومر حيان بن علي القومسي بأحدى‌ جزائر بحر الصين، فصادف فتى يناجي ربه في خلوة وهو يقول:
لك هطلت الاماقي، ولك بكت الأحداق وذكرك مشهور في الآفاق، يا من ينعم بحبه اهل الاشفاق، يا من يداوي جراحات اهل الوجد والاحتراق.
فسلم حيان على الفتى راغباً في محادثته، الا ان الفتى رد السلام وغادر المكان هو يقول:

وكن لربك ذا حب لتخدمه

ان المحبين للأحباب خدام

قوم يبيتون من وجد ومن قلق

ومن محبته في الليل قوام

قد قطعوا الليل دهراً في محبته

ما ان يرونهم بالليل نوام

وختاماً نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة