البث المباشر

شرح فقرة: "وأنت يا رب... أمان كل خائف، حرز الضعفاء"

الإثنين 25 مارس 2019 - 12:11 بتوقيت طهران

الحلقة 33

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"يستشير" وهو الدعاء الذي علمه النبي(ص) الامام علياً(ع) واوصاه بقراءته طيلة العمر وقد حدثناك عن مقاطعه المتسلسلة وانتهينا من ذلك الى مقطع يقول: (انت يا رب موضع كل شكوى)وينتهي بهذه الفقرات (مفرج الغماء معين الصالحين وذلك الله ربنا لا اله الا هو) ، عن هذه الفقرات التي ينتهي به احد مقاطع الدعاء نحدثك الان.
تقول العبارة عن الله تعالى انه "مفرج الغماء" والغماء والغمى والغم، كلها بمعنى واحد هو الحزن وبأدنى تأمل لهذه الفقرة نستخلص بسهولة ان الله تعالى يفرج الغم ولكن السؤال هو لماذا يستخدم الدعاء عبارة مفرج ولم يستخدم عبارة مزيل الغم مثلاً او مذهب الغم؟ هنا تكمن بلاغة الدعاء والدقة المتوخاة فيها، فالغم هو من حيث الحذر هو الغطاء او تغطية الشيء ولذلك مثلاً يطلق الغمام على ما يغطيه على الافق من اجنحته واما الانفراج فيعني الانفتاح والتوسعة ونحوهما ولذلك فان قارئ الدعاء يتعين عليه ان يتأمل بدقة هذا التعبير أي ان الله تعالى مفرج الغماء بمعنى انه يفتح ما هو مغطى او يكشف ما هو مغطى من الشدائد لدى العبد أي ما هو متراكم في قلبه من الاحزان بحيث يفتح قلبه وتزول غمائم الحزن عنه.
اذن عبارة مفرج الغماء تعني ان الله تعالى دون سواه هو الكاشف لكل غم على قلب عبده وكفانا بذلك رباً.
ونتجه الى العبارة الاخرى من نهاية المقطع وهي عبارة معين الصالحين وهي عبارة لا تحتاج الى توضيح بقدر ما تحتاج الى ملاحظة نلفت نظر قارئ الدعاء اليها الا وهي ان مقطع الدعاء كان يحدثنا منذ البداية بجملة عبارات تصب جميعاً في دلالة واحدة هي انه تعالى يزيل شدائد الحياة عن عبده ولكن بما ان الشدائد متنوعة لذلك خصص الدعاء لكل منها فقرة خاصة مثلمفرج كل حزن غنى كل مسكين حصن كل هارب امان كل خائف حرز الضعفاء كنز الفقراء ثم ختم ذلك بعبارة عامة تشكل تتويجاً لما تقدم أي لما هو مصدر لازالة شدائد الحياة وشدائد الاخرة وهو الله تعالى حيث عبر بذلك من خلال فقرة واضحة هي انه تعالى معين الصالحين فماذا نستخلص منها؟ من البين ان فقرة معين الصالحين تعني مسألتين احداهما انه تعالى يعين عبده في ازالة شدائده ولكن بما ان المطلوب من العبد هو ان يمارس الطاعة لذلك خصص الدعاء من هو صالح من العباد أي المطيعين لله تعالى.
واخيراً ختم مقطع الدعاء بعبارة "ذلك الله ربنا لا اله الا هو"، ليشير بهذه العبارة الى انه تعالى هو الاوحد في تفضله على عباده بازالة شدائدهم ومن البين ان النكتة البلاغية في هذا الموقف هي عنصر التأكيد او التكرار لعبارات تشير الى وحدانية الله تعالى في ازالته لشدائد العبد الصالح وهذا مثل استهلال المقطع بعبارة انت يا رب ثم اختتامه بعبارة ذلك الله حيث ان الاستهلال والاختتام بالاشارة الى الله تعالى يعني من الزاوية البلاغية ان الامر اولاً واخيراً هو بيد الله تعالى.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من الدلالات التي حفل بها مقطع الدعاء لنحدثكم في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى عن مقطع جديد والمهم هو ان نستثمر قراءة هذه الادعية ونتمسك بالله تعالى ونمارس الطاعة ونتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة