لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة وما تضمنه من النكات والمعرفة ومن ذلك الدعاء الموسوم بـ"يستشير" وهو دعاء علمه النبي(ص) للامام علياً(ع) واوصاه بقراءته يومياً طيلة الحياة، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه في لقاءات سابقة وانتهينا من ذلك الى مقطع طويل يبدأ بفقرة (انت الله الذي لا اله الا انت)، الى ان يقول: (حبلك متين، ومكانك عتيد وجارك عزيز، وباسك شديد).
هذه الفقرات من الدعاء تحتاج بلا ادنى ريب الى القاء الاضاءة عليها نظراً لاشتمال بعضها على اللغة الاستعارية والبعض الآخر الى اللغة المكثفة بحيث تحتاج الى توضيح. ونبدأ بالفقرة الاولى الاستعارية القائلة بان حبل الله المتين، فماذا نستلهم منها؟
الحبل هو رمز او استعارة لشد الشيء به او شده للآخر او العكس، وفي الحالات جميعاً فان الحبل حيث يكون متيناً فان الشد به يعني قوة الشيء والسؤال هو كيف استعير هذا التعبير او لنقل ما يرمز هذا الرمز؟ وللاجابة نقول الذي نعتقده ان كل واحد منا حر على اذنه مصطلح التمسك بالحبل حيث يرمز التمسك به الى الانشداد اليه بحيث لا ينفلت منه الحبل ولا يتفلت هو منه، وبتحليل هذا المصطلح نصل الى معنى هو ان التمسك بحبل الله تعالى لا يخسر ابداً لا ديناً ولا اخرة، بل يربح كليهما كيف ذلك؟
ان الحبل يجر به الشيء فاذا كان الحبل واهياً مثلاً فقد يتقطع وتنفلت خيوطه ولكنه اذا كان متيناً حينئذ لا سبيل الى تقطيعه كما هو واضح والسؤال هو ماذا نستلهم من الاستعارة المذكورة؟
انه من الممكن ان لا يتمسك انسان بالحبل اساساً كما لو كان الشخص لامنتمياً مثلاً ولكن حتى المنتمي من الممكن ان يتراخى في التمسك بالحبل او لا يتراخى ولكنه يتمسك بحبل آخر يشارك به حبل الله تعالى، فمثلاً هناك الشخصية المرائية التي تشرك رضى غير الله تعالى برضاه تعالى، وهنالك الشخصية التي يضعف وعيها العبادي فتتوكل على الاسباب الطبيعية دون ان تربطها بالله تعالى وهناك الشخصية المؤمنة بالله تعالى ولكنها لا تستقي معرفتها التوحيدية والعقائدية من الله تعالى بشكل تام بل تأخذ ببعض وتترك الآخر وهذا كمن يؤمن بالقرآن الكريم ولكنه لا يؤمن بالثقل الآخر وهو العترة الطاهرة وهكذا.
ان هذه الحالات جميعاً لا ترتكن الى تمسك تام بحبل الله تعالى بل تتمسك بشكل واه او بنحو خاطئ فيكون تمسكها بالحبل هو التمسك بالواهي من الحبل بينما حبل الله تعالى متين كماورد في هذه الفقرة من الدعاء.
اذن ماذا نستخلص في النتيجة او نهاية المطاف الذي نستنتجه هو في غاية الاهمية ويتمثل في ما يأتي:
۱- ان عبارة وحبلك متين تعني ان التمسك بالله تعالى تمسكاً تاماً وصحيحاً هو الذي يتحسس بان حبل الله تعالى متين، والا فالاخرون غير متمسكين بالحبل.
۲- ان عبارة وحبلك متين تعني من زاوية اخرى ان المتمسك بالله تعالى تمسكاً تاماً هو الملتزم بالطاعة تماماً فيتحسس فعلاً بان حبل الله متين.
۳- ان عبارة وحبلك متين تعني من زاوية غير ما تقدم ان من لا يلتزم باوامر الله تعالى بالنحو الصحيح وهذا كمن لا يؤمن بالعترة الطاهرة او يأخذ مصادر معرفته من غيرهم، او يتردد في التمسك بهم، سوف يتحسسون بان الحبل الذي تمسكوا به غير متين، لانه غير حبل الله تعالى الحقيقي.
اذن في الختام لاحظنا ما تعنيه الاستعارة القائلة بان حبل الله تعالى متين وهذا يقتادنا الى التمسك تماماً بحبل الله تعالى وان يوفقنا الى الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******