البث المباشر

شرح فقرة: "قولك حق وحكمك عدل..."

الإثنين 25 مارس 2019 - 11:09 بتوقيت طهران

الحلقة 20

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"يستشير" وهو الدعاء الذي علمه النبي(ص) الامام علياً(ع)، واوصاه بقراءته يومياً طيلة الحياة، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقطع ورد فيه قوله(ص): (لا اله الا انت) الى ان يقول: (قولك حق وحكمك عدل، وكلامك هدى، ووحيك نور) ، هذا المقطع من الدعاء يتضمن اربع عبارات تتناول موضوعاً واحداً او ظاهرة واحدة هي ما يصدر عن الله تعالى من تعبير طبيعياً عندما تقول ان ما يصدر عنه من تعبير لا يقصد به التعبير المادي الصادر عن البشر بل يقصد به المجاز او الرمز عن التعبير بصفة ان الله تعالى منزه عن الحدوث، والامر كذلك بالنسبة الى الانماط الاربعة من التعبير وهي الانماط الواردة في مقطع الدعاء الذي لاحظناه الان ونعني بها المصطلحات الآتية وهي القول الحكم الكلام الوحي حيث قال الدعاء عن الله تعالى بان قولك حق وحكمك عدل وكلامك هدى ووحيك نور ان هذه المصطلحات تحتاج الى لقاء الانارة عليها لملاحظة الفوارق بينها ما دام هدفنا من هذه الاحاديث هو ملاحظة دلالتها حتى نكن على معرفة ووعي بما نقرأ من الادعية، اذن لنبدأ بهذه الملاحظة، هنالك اولاً ملاحظة الفارق بين القول والكلام والسؤال هو هل ثمة فارق ملحوظ بينهما؟ طبيعياً لا مناص من الفوارق لان الدعاء هو صياغة تصدر عن المعصوم فلابد وان تكون الصياغة التعبيرية من البلاغة بمكان والسؤال من جديد ما هو الفارق بين الكلام والقول؟ تقول المصادر اللغوية ان القول دال على الحكاية أي النطق بينما الكلام هو اعم من ذلك، وفي ضوء هذه الفارقية يمكننا في حالة ما اذا اردنا التجربة البشرية في لغتها ان نقول القول هو النطق بالحروف او الاصوات والكلام هو الكتابة والنطق ومطلق ما يصدر من التعبير عن الحقائق ولكن فيما يتصل بالله تعالى فان الفارقية المذكورة لا يمكن ان نسحبها، بينما يصدر عن الله تعالى الا مجازاً او رمزاً كما قلنا لذلك نتساءل ما هو الفارق بين ما ورد في الدعاء الذي نتحدث عنه من عبارة قولك حق وكلامك هدى؟ هنا سوف ننقلك الى محور آخر هو نحسبك بانك ستتساءل قائلاً ما هو الفارق بين كلمة حق في جملة قولك حق وبين كلمة هدى في جملة كلامك هدى؟ وهكذا سوف تتساءل عن العبارات الاخرى وهي كلمة نور في قوله(ص) ووحيك نور وكلمة عدل في قوله(ص) حكمك عدل؟ اذن نحن الان في محاور آفاق وحقول متنوعة تتطلب منا ومن قارئ الدعاء تأملات لاتسمح به هذه الشريحة من احاديثنا عن الادعية وقد تحس بنمط من الملل احياناً اذا قدر لك بان تنتقل الى هذه الظواهر اللغوية ولكننا نضطر الى ذلك اذا كنا حريصين على قراءة الادعية على وجهها الافضل والا الا تحس معنا اننا مقصرون في تعاملنا مع الله تعالى حيث نتحدث مع الله تعالى من خلال الادعية ثم نجهل ما نتحدث به أليس ذلك من العيب؟
والان لندع هذه الملاحظة ولنواصل حديثنا عن الفوارق المتنوعة التي يحفل بها مقطع الدعاء القائل: (قولك حق وحكمك عدل وكلامك هدى ووحيك نور)، ونبدأ ذلك بالسؤال عن الفارق بين القول والكلام حيث قلنا ان القول هو النطق بالشيء بينما الكلام هو اعم من ذلك وهذا يستاقنا الى ان نسأل ماذا يقصد النبي(ص) بعبارة قولك حق؟ ثم عبارة كلامك هدى؟ 
ونجيب قائلين: الحق هو احد مفردات الهدى، أي الهدى هو مجموعة من الظواهر التي يستكمل بها الانسان درجة ما يريده الله تعالى لعبده، اما الحق فهو احدى درجات ذلك فكما ان الفارق بين الكلام وبين القول هو ان الكلام اعم من القول كذلك فان الهدى اعم من الحق فتكون النتيجة ان ما يصدر عن الله تعالى هو يرتبط بما هو حق ويرتبط بما هو هدى يربتط بما ينبغي ان نمارسه في مجالات تشخيص ما هو حق مقابل الباطل، وتشخيص ما هو هدى للبشرية بعامة مقابل ما هو ضلال.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من الفوارق المذكورة الى ان نواصل ملاحظة الفوارق الاخرى لاحقاً ان شاء الله تعالى، ومن ثم يتعين علينا استثمار ذلك لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة