البث المباشر

شرح فقرة: "واغنيت وافقرت وامت واحييت..."

الإثنين 25 مارس 2019 - 09:54 بتوقيت طهران

الحلقة 13

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"يستشير" وهو دعاء علمه النبي(ص) الامام علياً(ع) واوصاه بقراءته طيلة العمر، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع جديد جاء فيه (واغنيت وافقرت وامت واحييت واضحكت وابكيت).
هذا المقطع يتضمن جملة ظواهر تتصل بعظمة الله تعالى ورحمته ونقف اولاً عند الفقرة القائلة (واغنيت وافقرت) ونظراً لاهمية هذه العبارة من حيث اثرها الاقتصادي الذي يحتل مساحة كبيرة في نظر الشرع والعرف لذلك سنحدثك عنها وان كنا حدثناك سابقاً عن ذلك.
من الواضح ان الله تعالى يعامل عباده بما تتطلبه الحكمة ومع ان كل ما يحدث للعباد انما يتم وفق تكيف خاص من الله تعالى من حيث ما يترتب على سلوك العبد من نتائج دنيوية وكذلك اخروية نقول مع ان كل ما يحدث للعباد انما يتم من خلال الله تعالى في عطائه غير المحدود الا ان ظاهرة الرزق لها موقع خاص طالما يكرره الشرع متمثلاً في ان الرزق من الله تعالى، وتبعاً لذلك، فان السعة في الرزق او القتر او حتى الفقر كل ذلك انما يتم لمصلحة العبد، فمثلاً ان بعض العباد يكون الرزق الواسع من صالحهم والبعض يكون الرزق المحدود من صالحهم، والبعض الثالث يكون الفقر من صالحهم وهكذا.
لكن ينبغي ان نضع في الاعتبار ان السعة او القتر او الفقر قد تكون اختباراً للعبد أي ملاحظة كيفية السلوك الصادر من العبد في حالة ما اذا اغناه الله تعالى او قتر عليه رزقه او افقره ... كيف ذلك؟
بالنسبة الى سعة الرزق فان الله تعالى يختبر عبده في حالة ما اذا كان هذا الرزق الواسع قد استثمره العبد في طاعة الله تعالى من انفاق او نحوه او صرفه في ما لا ينبغي وهكذا بالنسبة الى الاقتار او الفقر حيث يختبر الله تعالى عباده في كيفية السلوك الصادر عنهم، هل هو الرضى بقدر الله تعالى؟ هل هو السخط؟ هل هو التأرجح بين الرضا وعدمه؟
من هنا يمكننا ان نتبين النكتة الكامنة وراء قوله(ص) (وغنيت وافقرت) أي ان الله تعالى اغنى بعض عباده وافقر بعضهم تبعاً لما تتطلبه مصلحة العبد حيث ان الفقر هو من صالح البعض وحيث ان الغنى من صالح البعض الآخر، ثم اغناء العبد وافقاره لملاحظة كيفية تصرفه الخاضع لعملية اختبار.
ونتجه الى الفقرة الثانية وهي قوله(ص) (وامتَّ واحييت) فماذا نستلهم منها؟
من البين ان الله تعالى يحيي ويميت سواءً أكان الاحياء والاماتة للبشر او لسواهم وسواء كان الاحياء او الاماتة كمرة واحدة او مرات متعددة.
وظاهرة الاحياء والاماتة لها اثرها الخاص في تعميق معرفتنا بالله تعالى لذلك نجد مثلاً ان سورة البقرة وهي اطول سور القرآن الكريم يظل احد محاورها هو الاماتة والاحياء مثل احياء القتيل الذي قتله الاسرائيليون ومثل احياء الطيور الاربعة بعد تقطيعها ومثل احياء الميت بعد مئة عام ومثل امره تعالى للناس فقال لهم الله تعالى: موتوا ثم احياهم، هذه الظواهر وامثلتها عقَّب تعالى عليها قائلاً: «كذلك يحيي الله الموتى، ويريكم آياته لعلكم تعقلون»، ومثل تعقيبه على اماتة واحياء الآخرين «ان الله لذو فضل على الناس» اذن قوله(ص) (وامتَّ واحييت) ينطوي على معطيات معرفية تعمق من وعي الانسان بعظمة الله ورحمته.
ختاماً وقبل ان ننتقل في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى الى فقرات اخرى من الدعاء نسأله ان يوفقنا الى طاعته والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة