نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"يستشير" حيث علمه النبي(ص) الامام علياً(ع) وامره ان يقرأه مدى عمره.
وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الان عن الجديد منه وهو المقطع البادئ بقوله(ص) (وانت الله لا اله الا انت كنت اذ لم تكن سماء مبنية ولا ارض مدحية ولا شمس مضنية ولا ليل مظلم ولا نهار مضيء ولا بحر لجّي ولا جبل راسي ولا نجم سار، ولا قمر منير ولا ريح تهب ولا سحاب يسكب ولا برق يلمع ولا رعد يسبح ولا روح تنفس ولا طائر يطير، ولا نار تتوقد ولا ماء يطرد).
ان هذا المقطع يتضمن سرداً او سلسلة من الظواهر الابداعية لله تعالى انه يشير الى السماء والارض والشمس والليل والنهار والبحر والجبل والنجم والقمر والريح والسحاب والبرق والرعد والروح والطائر والنار والماء، هذه الظواهر الابداعية لا نحدثك عنها لسبب واضح هو انها سيقت من اجل استحضار عظمة الله تعالى وتذكيرنا بذلك انها مجموعة ظواهر لو دققنا النظر فيها لوجدناها تجسد قراءتي او مشاهد او مناظر تنتسب الى الطبيعة والى الفلك الى ظواهر فيزيائية وكيميائية.
انها جميعاً لو استحضرناها في ملمح جمالي لوجدناها تتناغم مع الحس الجمالي لدى الانسان في تعامله مع الظواهر المذكورة.
هناك اولاً السماء والشمس والنهار والليل والقمر والنجم، وهناك سحاب وبرق ورعد وهناك بحر وهناك ماء ثم هناك نار ثم هناك طائر ثم هناك روح ان هذه الظواهر الفلكية من سماء وشمس ونهار وليل وقمر ونجم ثم الظواهر الفضائية من سحاب وبرق ورعد ثم الظواهر المتنوعة من مياه ونار وروح.
نقول ان استحضار هذه الظواهر امام اعيننا تحقق امتاعاً دون ادنى شك ولكن بغض النظر عن الامتاع فان عرضها بهذا النحو المتتابع وتجانس بعضها على الآخر والنقلة من محور الى آخر وهكذا اولئك جميعاً تحقق فائدتين جمالية ودلالية.
طبيعياً لا نستهدف وراء العرض لهذه الظواهر ان نتحدث عنها واحدة فواحدة لانها تتطلب من جانب بحوثاً علمية ينبغي تناولها من قبل المختصين.
وتتطلب من جانب آخر سعة بحثية لا تتناسب مع احاديثنا القصيرة هذه كل ما في الامر ان عرضها وفق التسلسل المذكور وتنوع محاوره أي عرض كل مجموعة متجانسة مثل السماء والشمس والقمر، والنهار والليل ومثل السحاب والبرق والرعد، اولئك جميعاً يحقق امتاعاً علمياً وتعميقاً لوعينا بعظمة الله تعالى من جانب وبعطائه الثر من جانب آخر حيث ان هذه الظواهر ليست مجرد مشاهد او مناظر جمالية وليست مجرد اشارة الى كونها من خلق الله تعالى بل هي وسائل للتذكير بعظمة الله تعالى وبعطائه وبنعمه التي لا تعد ولا تحصى.
ان قارئ الدعاء بمقدوره بالاضافة الى ما ذكرناه من امكانية ان يستوحي من العرض للظواهر الابداعية المذكورة عظمة الله تعالى وعطاءه يستطيع ايضاً ان يعمق ايمانه والتصاعد به الى الذرى بخاصة ان كل ظاهرة مطروحة لم تطرح مجزأة عن معطاها بل مشفوعة بالعطاء المنصوص عليه او بالسمة التي تفرزها الظاهرة الابداعية.انك تجد مثلاً ان الدعاء المذكور يسرد لك الظواهر بمعناها او فائدتها مثل النهار المضيء القمر المنير البرق اللامع النار المتوقدة وحيناً يسرد لك الظواهر بسماتها الحركية مثل النجم الساري والارض المدحية والسماء المبنية.
طبيعياً كل ظاهرة من ذلك تجعل اذهاننا تتداعى الى ما لا يستطيع التعبير ان يلم بحقائقها ولكنه تتجلى امام عظمة الله تعالى ورحمته وهو المطلوب. ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******