البث المباشر

شرح فقرة: "ثم علا ربنا في السموات العلى، الرحمن..."

الإثنين 25 مارس 2019 - 09:47 بتوقيت طهران

الحلقة 7

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء "يستشير" حيث يتسم هذا الدعاء باهمية كبيرة ذلك بان النبي(ص) علم علياً(ع) هذا الدعاء واوصاه بقراءته يومياً طيلة العمر.
وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الان عن مقطع جديد هو قوله(ص) في تمجيد الله تعالى (ثم علا ربنا في السماوات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى)، ان هذا المقطع من الدعاء يحفل بخصائص متنوعة منها انه يقتبس من القرآن الكريم عباراته ودلالاته ويجمع بين التعبير الصوري المستند الى الرمز او الاستعارة وبين التعبير الواقعي فضلاً عما ينطوي عليه من التمجيد لله تعالى في دلالات ثرة وعميقة ونحاول الان ان نتبسط في الحديث عن الجوانب المذكورة.
العبارة الاولى والثانية من المقطع الذي لاحظناه تنطويان على لغة رمزية او استعارية وليست واقعية او حقيقة بالمعنى الحرفي او لنقل ان العبارتين الاوليين لغة صورية وما بعدهما لغة حرفية واقعية.
ومن الطبيعي ان التعبير الصوري له اسهامه في تعميق المعنى كما ان التعبير الحرفي له وظيفته في تقديم الدلالة الواضحة.
واذ نقف مع التعبير الصوري اولاً ونعني به قوله(ص) (ثم علا ربنا في السماوات العلى) وقوله(ص) الرحمن على العرش استوى يتبادر هذا السؤال هو ماذا نستخلص من العبارتين المتقدمتين؟ بالنسبة الى العبارة الاولى نقول مما لا شك فيه ان الله تعالى يمثل دلالة العلو بكل ما تحمله من الاستيحاءات المتصلة بالعلو ان الله تعالى عال واما مخلوقاته فتمثل ما يقابل العلو بيد ان كونه عالياً لا يعني العلو المادي بل العلو المعنوي كما لو قلنا مثلاً في تعبيراتنا العادية فيما بيننا بان فلاناً يحمل اخلاقاً عالية فالعلو هنا ليس مادياً كعلو البناية مثلاً بل هو المعنى الرمزي الذي يشير الى الاقصى من درجات الاخلاق والامر اذا نقلناه الى الله تعالى فان العلو هنا يعني الهيمنة والقوة والتمكن والسيطرة على السماوات العلى، هنا يجدر بنا ان نلتفت الى نكتة اخرى وهي ان السماوات بطبيعتها المادية هي المكان الاعلى فيكون التعبير بانه تعالى علا في السماوات بمعنى انه هيمن عليها وهي جزء من الهيمنة العامة أي الهيمنة على الوجود باكمله، بيد ان النكتة هي لماذا عبر الدعاء بالنسبة الى السماوات بعبارة العلى فقال ثم علا ربنا في السماوات العلى؟
صحيح ان السماوات بطبيعتها تجسد ما هو الاعلى بالنسبة الى الجو والارض ولكن كلمة العلى هي بمعنى الرفعة والمجد وحينئذ عندما يخلع الدعاء على السماوات هذه السمة عندها يكون قد منح السماوات اعلى ما يتصور من الرفعة ومن ثم يكون المعنى انه تعالى المهيمن هيمنة لا حدود لها في تملكه للمخلوقات جميعاً مادة وبشراً وملائكة وقيماً.
يبقى بعد ذلك ان نشير الى العبارة الثانية وهي انه تعالى استوى على العرش ترى ماذا تعني هذه العبارة الرمزية؟
ان العرش بدوره رمز لقدرة الله تعالى وسيطرته على الكون كل ما في الامر ان العبارة القائلة بانه تعالى استوى على العرش تعني ان من له السماوات العلى وهي رمز للرفعة انما يسيطر بقوته على الكون جميعاً بصفة ان العرش رمز لمطلق قدراته تعالى في ادارة الوجود.
تبقى نقطة مهمة هي ان العبارة ذكرت ان الله تعالى هو الرحمن ولم تقل مثلاً (الله استوى على العرش) فما هو السر الكامن وراء ذلك؟ هذا ما نحدثك به ان شاء الله تعالى في لقاء لاحق.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى طاعته والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة