وكما تعرفون الدعاء هو مخ العبادة، وهو من أعظم العبادات، وقد وعدنا الله عزَّ وجل بالاستجابة، قال تعالى في كتابه الكريم: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
ولكن هل للدُعاء شروط؟ وهل للدُعاء آداب؟ نعم، بالتأكيد.
وسَنقدِّم إليكم بعضاً من شروط الدعاء وآدابه.
1. التوجّه إلى القبلة:
من الآداب التي ينبغي للدَّاعي أن يُراعيها، أن يتوجّه أثناء الدُّعاء إلى القبلة ببدنه، ويترك استدبارها بل التلفَّتَ يَمنةً ويسرة.
فقد جاء في الروايات أنَّ: “رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى الموقف بعرفة، واستقبل القبلة، ولم يزل يدعو حتّى غربت الشّمس”[1].
2. حسن الظنّ بالله تعالى:
قال تعالى: ﴿ٱدعُونِي أَستَجِب لَكُم﴾[2]، وفي آية أخرى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكشِفُ ٱلسُّوءَ﴾[3].
إنّ حُسن الظنّ بالله من شُعب معرفته سبحانه، فعلى الدَّاعي أن يُحسن الظّن باستجابة دعائه.
3. البكاء والتباكي:
وقد قال الإمام الصادق عليه السلام لأبي بصير: “إن خفتَ أمراً يكون أو حاجة تُريدها، فابدأ بالله ومَجِّدهُ واثنِ عليه كما هو أهله، وصلِّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وَسَل حاجتَكَ، وتباكَ ولو مثل رأس الذباب، إنّ أبي كان يقول: إنّ أقربَ ما يكون العبدُ من الرّب عزَّ وجل وهو ساجدٌ باكٍ”[4].
4. تكرار الدُّعاء:
تُستحبّ معاودة الدُّعاء وكثرة تكراره مع تأخّر الإجابة، فعن أبي جعفر عليه السلام: “إنَّ المؤمن ليسأل الله حاجةً فيؤخّر عنه تعجيلَ إجابته، حبّاً لصوته واستماع نحيبه”[5].
5. الإقرار بالذنوب:
على الدَّاعي أن يعترف بذنوبه مقرّاً، مذعناً، تائباً عمَّا اقترفه من خطايا، وما ارتكبه من ذنوب، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: “إنَّما هي مدحة، ثمّ الثناء، ثمّ الإقرار بالذنب، ثمّ المسألة، إنَّه والله ما خرج عبد من ذنب إلّا بالإقرار”[6].
عدم استجابة الدعاء
أحياناً، مهما دعا الإنسان لا يُستجاب له. فما العلّة؟
لقد حلّت لنا الروايات في ديننا هذه المشكلة. فقد جاء في رواية أنّ الإمام علي عليه السلام قال: “قلتُ: اللهمّ، لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عليّ، لا تقولنّ هكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من أحد إلا وهو محتاجإلى النّاس، قال: فقلتُ: كيف أقول يا رسول الله؟ قال: قل اللهمّ لا تحوجني إلى شرار خلقك، قلتُ: يا رسول الله، ومَن شرار خلقه؟ قال: الذين إذا أعطوا منّوا، وإذا منّوا عابوا”[7].
وإنّ أحد شروط استجابة الدعاء هو أن نقرأه بحضور القلب. وأحياناً يكون الدعاء لقلقة لسان، جملاً من قبيل: “يا ربّ سامحنا!”، “يا ربّ وسّع علينا رزقنا!” “يا ربّ اقضِ ديننا”.
وقد يدعو الإنسان عشر سنوات هكذا، دون أن يُستجاب له أبداً. هذا لا يُفيد.
فمن شروط الدعاء هو ما تفضّل به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا دعا أحدكم فليجتهد وليخلص فإنَّ الله لا يقبل الدُّعاء من قلبٍ لاه”[8] [9].
----------------------------
[1] الفيض الكاشاني، محمد بن المرتضى المولى محسن، المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، تحقيق وتعليق علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، إيران قم المشرفة، لا.ت، ط2، ج2، ص288.
[2] سورة غافر، الآية 60.
[3] سورة النمل، الآية 62.
[4] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص483، باب البكاء، ح10.
[5] المصدر نفسه، ج2، ص488، باب من أبطأت عنه الإجابة، ح1.
[6] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص484، باب الثناء قبل الدعاء، ح3.
[7] الزمخشري، أبي القاسم محمود بن عمر، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق عبد الأمير مهنا، مؤسسة الأعلمي، لبنان بيروت، 1992م، ط1، ج3، ص80.
[8] ابن عبد البر، أبي عمرو يوسف بن عبد البر النمري، التمهيد، تحقيق مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري، نشر وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، 1387هـ، لا.ط، ج7، ص15.
[9] الإمام الخامنئي قدس سره، خطبة صلاة الجمعة في طهران، 17/2/1995م.