البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 20 من سورة الفجر

السبت 24 أغسطس 2024 - 13:27 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1075

 

بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين إذ هدانا للإيمان، ثم الصلاة والسلام على سيد الخلائق أجمعين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة ضمن برنامج "نهج الحياة" وتفسير سورة أخرى من سور القرآن الكريم ألا وهي سورة الفجر المباركة نستهله بالإستماع الى تلاوة آياتها الخمس الأولى..

بسم الله الرحمن الرحيم.. وَالْفَجْرِ{1} وَلَيَالٍ عَشْرٍ{2} وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ{3} وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ{4} هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ{5}

الفجر، أيها الأحبة، يعني شق منفذ أو طريق، والمقصود به أن ضوء الصباح يشق الظلام وهو وقت مقدس وقيّم، وفي ذلك الوقت، تنشط الأحياء وتقوم لتبدأ يوماً جديداً.

وقد ورد في حديث أن الفجر هو القائم (عج) الذي يشق صبح قيامه ليل الظلم والفساد.

أيضاً جاءت في الروايات مصاديق عدة تقول أن "شفع" بمعنى زوج، و"وتر" يعني فرد، من بينها ما ورد من أن المقصود من وتر، هو يوم التاسع من ذي الحجة أي يوم عرفة، والمقصود من الشفع، يوم عيد الأضحى، وغيرها من المصاديق.

و"الحجر" في الأصل، أيها الكرام، هو المنع، والمقصود به هنا هو العقل، الذي يمنع الإنسان من ارتكاب مخالفة، مثلما أن "محجور" يعني أنه ممنوع من التصرف.

ومما تبين هذه الآيات المباركات أولاً: تتمتع بعض الأيام بقداسة خاصة.

وثانياً: للساعات الأخيرة من الليل، والتي يسلك فيها العارفون السبل المعنوية، بقداسة خاصة.

و ثالثاً: طالما يخاطب القرآن الكريم، أصحاب العقول الواعية.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات السادسة حتى الرابعة عشرة من سورة الفجر المباركة..

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ{7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ{8} وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ{9} وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ{10} الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ{11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ{12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ{13} إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ{14}

أيها الأطائب، كان قوم عاد فريقين، عاد القديمة وعاد الجديدة؛ بدليل الآية "عاد الأولى" وقد قنطوا منطقة الأحقاف بعد النبي النوح (ع)، وكانوا أصحاب أجسام قوية وكبيرة وأصحاب قدرة عظيمة وكانت مدينتهم معمورة.

وأما حول كلمة (إرم) إما أن تكون الإسم الثاني لقبيلة عاد وإما إسماً لشق من القبيلة أو إسم منطقة كان قوم عاد يعيشون فيها إذ كان لمساكنهم أعمدة مرتفعة وكبيرة.

وأما كلمة "جابوا" تعني تقطيع الصخر، وكلمة "جواب" المشتقة من هذا الجذر وتعني قطع السؤال بالجواب الصحيح.

ويظهر أن قوم ثمود جاؤوا بعد قوم عاد لأن اسمهم ذكر بعدهم، ويدل العذاب الذي نزل بعاد وثمود على أن الله للظالمين بالمرصاد.

وإن الله بالمرصاد يعني أنه ليس للمجرمين سبيل للفرار وسيقعون في الكمين فجأة، والأبنية المحكمة والعالية لن تمنع القلع والقمع الإلهي ولا ينبغي أن يبعث ارتفاع البناء على الشعور بالأمن من قهر الله عزوجل.

وبالنسبة لـ(ذي الأوتاد) إما أن يكون المقصود أن دعائم حكومة فرعون كانت محكمة، وإما أن فرعون كان يدق الأوتاد في أجساد المخالفين له، وإما أنه كان يملك جيشاً عظيماً. ويشر تعبير "صب العذاب" إلى أن العذاب نزل عليهم بشكل متوال ودائم.

ندعوكم الآن، إخوتنا الأكارم، للإستماع الى تلاوة الآيات الخامسة عشرة حتى العشرين من سورة الفجر المباركة..

فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ{15} وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ{16} كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ{17} وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ{18} وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً{19} وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً{20}

عبارة "أكلاً لماً" أيها الأفاضل، يعني الأكل دفعة واحدة، بدون التدقيق في ما إذا كان المأكول حلالاً أم حراماً وهل أضيف إليه من مال الآخرين أم لا، و"اللم" مصدر لممت بمعنى الجمع والضم.

وتشير الآيات الى أن إمتحان الناس هو من السنن الإلهية الثابتة والحتمية، وبالطبع فإن الإمتحان ليس بهدف كسب العلم ولكن لإظهار الصفات ولإبراز سعي البشر، ليعطى على أساسه الأجر والثواب.

ومما نتعلمه من هذه الآيات البينات أولاً: ما يصل للإنسان هو من لطف الله تعالى عليه لا لإستحقاق منه لذلك.

ثانياً: روح اليتيم أهم من جسمه ويجب تقديرها.

ثالثاً: الإحسان الى الآخرين له دور مهم في رزق الإنسان.

ورابعاً: تكريم الله يجب أن يكون دافعاً لتكريم اليتيم.

إلى هنا، أحبة الإيمان، نصل الى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة