إن هذه الانتخابات تتيح للمواطن العراقي الواعي التعبير عن رأيه والإدلاء بصوته والإسهام في بلورة جزء من هيكل النظام الحاكم عبر اختيار تشكيلات المجالس المحلية المكلفة بادارة الشؤون الداخلية في كل محافظة من المحافظات الثمانية عشرة.
وبصفتي باحثاً سياسياً ومواطناً عراقياً أرى أن هناك أهمية خاصة لهذه الانتخابات، ولابد من حثّ المواطنين على المشاركة الفاعلة فيها، وممارسة حقهم الدستوري والقانوني، في اختيار ممثليهم، وإدارة شؤون كل محافظة من قبل مواطنيها، باعتبار أن المجلس يختار المحافظ، ومدير الشرطة، وغيرهم من المسؤولين عن إدارة شؤون المحافظة، للقيام بما أنيط بهم من مهام حسب المواد القانونية ذات العلاقة، وفي حالة تخلّفهم عن إنجاز المهام المناطة بهم يمكن للمجلس إقالتهم.
وينبغي لمفوضية الانتخابات تشجيع وحثّ المواطنين على المبادرة الفاعلة في تحديث بياناتهم، والمشاركة في التصويت، كما يتوجب على الجهات المسؤولة في الدولة توفير الأجواء المناسبة والظروف المواتية والامكانات اللازمة من قبل الوزارات المختلفة والجهاز القضائي والأجهزة المختصة، لتمكين المواطنين من الحضور في المقار الانتخابية وصناديق الاقتراع للإعلام بأصواتهم، فالوطن بحاجة لكل صوت من أصوات المواطنين، دون استثناء، فهذا حق وواجب على الجميع. ومن خلال هذه الممارسة يمكن معرفة الاوزان الحقيقية للاحزاب الناشطة في الساحة السياسية، ومن خلالها يمكن تشخيص مدى رغبة المواطن في تطوير محافظته واختيار الشخصيات القادرة على اعداد اللوائح القانونية الضرورية للنهوض بالواقع القائم في المحافظة، وخدمة المواطنين وتسهيل امورهم عبر إقرار المشاريع الخدمية بعد دراسة احتياجات مواطني المحافظة من الجوانب التنموية ثم دراسة وإعداد موازنة المحافظة واستيفاء حقوقها من ايرادات الدولة سواء من البترو دولار أو المنافذ الحدودية وغير ذلك من المصادر، ومن واجبها الاستماع لطلبات المواطنين في المجالات الصحية والصناعية والخدمية والامنية والإدارية وغيرها.
ويمارس المواطن الرقابة على السلطة من خلال مجلس المحافظة المنتخب، حيث يتم استدعاء المدير المقصر وعزله، وشد أزر المدير الموفق الناجح ودعمه، واعادة انتخاب أعضاء مجلس المحافظة بعد أربع سنوات، في حالة رضا المواطنين عنهم.
ينبغي علينا أن نخلق رأياً عاماً مؤيداً للانتخابات، ولا بد لكل وسائل التواصل الاجتماعي من التركيز على ضرورة التصويت فيها، وعلينا إبراز الايجابيات وعدم اليأس من السعي لتطوير التجربة الماضية وتلافي جوانب النقص فيها، لأنه من الخطأ اليأس من جدواها وتثبيط المواطنين لمجرد وجود نواقص في هذه التجربة سابقا، ففي كل الدول يوجد الفاسد والنزيه، ويوجد الصالح والطالح ، والكمال لله وحده.
توقعاتي أن تكون المشاركة متوسطة من حيث عدد الناخبين، وأتوقع أن القوائم الفائزة ستكون بحاجة لتشكيل ائتلافات تتمكن من خلالها من إدارة المحافظات بالأسلوب الأمثل، وكلما ازدادت مشاركة المواطنين الواعين والعشائر والاتحادات والنقابات المهنية والقوات الأمنية وجماهير الأحزاب في التصويت فإن مجالس المحافظات ستكون أقدر على أداء مهامها، بعون الله.
بقلم / الباحث السياسي الدكتور رعد هادي جبارة