السلام عليكم مستمعينا الأطائب و رحمة الله،
أطيب تحية نهديها لكم في مستهل لقاء اليوم من هذا البرنامج ؛ السؤال الذي نعرضه على ثقلي الهداية في هذه الحلقة هو : ما هي المهمة الأساسية للنبي الأكرم – صلى الله عليه و آله – ؟ لنبحث معا عن الإجابة عن هذا السؤال الذي تهدينا معرفته على سبيل إعانة حبيبنا المصطفى – صلى الله عليه و آله – على تحقيق هذه المهمة فيما يرتبط بنا و نحن من أمته . تابعونا على بركة الله .
نبدأ بالقرآن الكريم فنقرأ أولا في الآيتين ۱۰ و۱۱ من سورة الطلاق قول الله جل جلاله مخاطبا المؤمنين : "أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً{۱۰} رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً{۱۱}".
إذن فالمهمة الأساسية للرسول الأعظم – صلى الله عليه و آله – هي إخراج العباد من ظلمات الجهل بتعليمهم آيات الله و نقلهم بذلك إلى أنوار الحياة الطيبة في الدنيا و الآخرة ، و لكن كيف يحقق – صلى الله عليه وآله –؟ هذا ماتجيبنا عنه الآية ۱٦٤ من سورة آل عمران و هي تذكر أعظم منة منَ الله بها على عباده . قال تبارك و تعالى "لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ". إذن إخراج العباد من الظلمات إلى النور يتحقق بتزكيتهم من قبل رسول الله – صلى الله عليه و آله – ، و هذا ما كان يقوم به حتى و هو يأخذ الصدقات منهم ، أي في كل أوامره و نواهيه – صلى الله عليه وآله –، قال الله عزوجل في الآيتين ۱۰۳ و۱۰٤ من سورة التوبة مخاطبا نبيه الأكرم : "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{۱۰۳} أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{۱۰٤}".
مستمعينا الأفاضل ، و هنا نسأل سؤالا آخر هو : هل أن قيام النبي الأكرم – صلى الله عليه و آله – بمهمة التطهير و التزكية قد انحصرت بزمان حياته الظاهرية ؟ و هل أن صلاته أي دعاءه الذي هو سكن للمؤمنين به قد انتهي بعد رحيله ؟ لنتدبر في الآيات الثانية إلى الرابعة من سورة الجمعة المقاربة في مضامينها للآية ۱٦٤ من سورة آل عمران ؛ قال جل جلاله "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{۲} وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{۳} ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{٤}".
إذن فهذه الآيات تصرح بأن الرعاية المحمدية لعباد الله و إخراجهم من الظلمات إلى النور و تعليمهم الكتاب و الحكمة شملت الأجيال الذين عاصروه – صلى الله عليه و آله – كما تشمل الذين يلحقون بهم إلى يوم القيامة. و تتحقق هذه الرعاية إما بلطفه و شفاعته للمتوسلين به – صلى الله عليه و آله – إلى الله عزوجل ، و إما بواسطة خلفائه و أوصيائه الإثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين.
مستمعينا الأكارم و إضافة لما تقدم ، نجد في النصوص الشريفة تصريحا باستمرار دعاء النبي الأكرم – صلى الله عليه و آله – للمؤمنين إلى يوم القيامة ، و هو الدعاء الذي هو سكن لهم . قال عزوجل في الآية ۱۰٥ من سورة التوبة "وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".
و روي في تفسير علي بن إبراهيم و غيره مسندا عن الإمام الباقر – عليه السلام – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه و آله – : "مقامي بين أظهركم خير لكم فإن الله يقول "وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ"، و مفارقتي إياكم خير لكم". فقالوا : يا رسول الله مقامك بين أظهرنا خير لنا ، فكيف تكون مفارقتك خير لنا ؟ فقال – صلى الله عليه و آله – : "أما مفارقتي إياكم خير لكم فلأنه يعرض علي كل خميس و إثنين أعمالكم ، فما كان من حسنة حمدت الله عليها و ما كان من سيئة استغفرت الله لكم".
و الأحاديث بهذا المعنى كثيرة و قد روي عنه – صلى الله عليه و آله – أنه من صلى عليه مرة صلى هو عليه عشرا ، و هذا يشمل كل من يصلي عليه إلى يوم القيامة، كما سنتناول ذلك في الحلقة الخاصة بالصلاة عليه – صلى الله عليه و آله الطاهرين –.
مستمعينا الإطائب ، أما النتيجة التي نستفيدها مما تقدم فهي أن المهمة الأساسية للنبي الأكرم – صلى الله عليه و آله – هي رعاية العباد و إخراجهم من الظلمات إلى النور و تعليمهم الكتاب و الحكمة و تزكيتهم و الإستغفار لهم و هي مستمرة إلى يوم القيامة مباشرة منه – صلى الله عليه و آله – و بواسطة خلفائه و أوصيائه الإثني عشر – عليهم السلام – و باب طلب ذلك منه في ذلك مستمر أيضا إلى يوم القيامة و ختاما نشكر لكم أيها الأطائب طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا و أجوبة الثقلين) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران..
تقبل الله عملكم و دمتم في رعايته سالمين.