في آخر محطة له في أكرا عاصمة جمهورية غانا، نقل عطاف للرئيس الغاني نانا أكوفو رسالة من الرئيس عبد المجيد تبون حول الأزمة في النيجر وآفاق تكثيف وتوحيد الجهود لترقية أسس حل سلمي، يجنب هذا البلد ودول المنطقة تداعيات التصعيد المحتمل للأوضاع.
وسبق ذلك، زيارة عطاف لدولة البنين، حيث التقى وزير الخارجية أجادي باكاري الذي أدلى بتصريحات داعمة للحل السياسي قائلا “نشاطر التمسك بمبدأ الوصول إلى السلطة عن طريق الانتخابات وليس عن طريق السلاح، ونشاطر أيضا التمسك بعدم السماح بانتشار أنظمة عسكرية غير دستورية في المنطقة”.
وفي زيارة نيجيريا التي كانت الأبرز باعتبار هذه الدولة الأكبر في منظمة إكواس ورئيستها الحالية، شرح عطاف باستفاضة مبادرة الرئيس الجزائري للحل في النيجر. وقال في تصريحاته إن الرئيس تبون الذي يؤمن أن المجال لا يزال مفتوحا للحل السياسي، قد وضع تصورا واضحا لحل هذه الأزمة ورافع عنه بكل حزم وعزم في مضمونه وثوابته وضوابطه.
وأكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن “هذا الحل يضمن الاحترام الكامل للإطار القانوني الافريقي الذي يحظر التغييرات غير الدستورية للحكومات، ويحقق العودة للنظام الدستوري في النيجر ويحفظ المكاسب التي حققتها النيجر خلال العقد الماضي في إطار ترسيخ الحل السياسي، ويجنب كذلك النيجر والمنطقة بأسرها مخاطر التدخل العسكري التي لا يمكن التنبؤ بها والتي يصعب حصر تداعياتها ومآلاتها”.
وجدد عطاف التأكيد أن الأزمة في النيجر “هي أزمة ناتجة عن تغيير غير دستوري وأنها، إذا كانت محور انشغالات إكواس، فهي تصب في انشغالات الجزائر أيضا”. وأضاف: “نسير، سواء ضمن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أو في الجزائر، على نفس خطة العمل والمتمثلة في تنسيق جهودنا قدر الإمكان لبلوغ هدف مشترك وهو تحقيق العودة إلى النظام الدستوري في النيجر”. واسترسل قائلا إن الجزائر تعتبر دوما أن اللجوء إلى القوة “عامل تعقيد لا يساهم في التوصل إلى حل”.
وكانت زيارة عطاف لهذه الدول الثلاث، مناسبة لإجلاء الموقف الجزائري الذي أعاد التأكيد بقوة على رفض الانقلاب في النيجر والالتزام بمقررات الاتحاد الإفريقي فيما يخص تغيير الأنظمة السياسية بالقوة. ولفت في السياق ذاته إلى أن الجزائر تريد حلا إفريقيا للأزمة خارج التدخلات الأجنبية.
ولم يأت اختيار هذه الدول في جولة عطاف اعتباطا، فهي دول فاعلة في إكواس وليست راديكالية في طرحها من حيث فكرة التدخل العسكري عكس دول أخرى تبدو منحازة بالكامل للطرح الفرنسي.
وتعد نيجيريا من أكثر الدول الإفريقية التي تربطها علاقات قوية بالجزائر بالإضافة إلى مصالح مشتركة، تقع النيجر في قلبها، مثل أنبوب الغاز الإفريقي الأوروبي “نيغال” الذي ينطلق من نيجيريا ويمر عبر النيجر وينتهي في الجزائر كدولة مصب باتجاه الدول الأوروبية.
وبموازاة ذلك، كانت الجزائر قد أوفدت الأمين العام لوزارة الخارجية لوناس مقرمان، إلى النيجر بتكليف من الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون حيث التقى هناك مسؤولين في نيامي، وذلك في إطار المساعي “الحثيثة” و”المتواصلة” للجزائر قصد “الإسهام في إيجاد حل سياسي للأزمة في النيجر، يجنب لهذا البلد الجار والشقيق وكذلك للمنطقة بأكملها المزيد من المخاطر”.
وتبدو الولايات المتحدة الأمريكية عكس فرنسا منحازة للطرح الجزائري في النيجر. وأكدت السفيرة إليزابيث مور أوبين، أن بلادها تفضل الحوار السياسي للعودة للشرعية الدستورية في النيجر. وقالت في لقاء مع قناة النهار المحلية في الجزائر إن الولايات المتحدة تقدر بشدة موقف الجزائر وستستمر في التشاور معها حول هذه القضية المهمة للغاية، مؤكدة أن موقفي البلدين متشابهان تماما إزاء ما يحدث في النيجر.